ماسح أحذية: نازل 30 يونيو ومافيش على لسانى غير جملة واحدة: «إزاى عندى لمبة واحدة وأدفع 40 جنيه كل شهر؟!»
يضبط الجميع عقارب الساعة عليه، فالسابعة صباحا هى ميعاده الذى لم يخلفه منذ 15 عاما كـ«ماسح أحذية» فى منطقة الدقى، يمشى ببطء وقد انحنى ظهره من ثقل الأدوات التى يحملها، مثلها مثل الهموم التى تكالبت عليه وعلى أسرته لدرجة دفعته إلى اعتبار 30 يونيو ليس يوما عاديا فى حياة المصريين فقط، بل فى حياته هو بعد أن قرر أن يخرج فى هذا اليوم ولا يعود إلا شهيدا أو ظافرا بتنحى «مرسى».
هو مصطفى بسيونى (29 عاما)، الذى يحسده الباعة من حوله على شبابه: «إنت لسه صغير وفى عز شبابك وقدامك العمر عشان تحقق أحلامك».. كلمات زملائه الذين يجلسون إلى جواره على الرصيف تبدو بعيدة عن حاله الرث الذى لا تخطئه عين، فملابسه المهترئة التى تنبعث منها رائحة كيروسين نفّاذ وملامحه التى يغطيها سواد الورنيش لا تشير إلى أنه سيحقق أيا من أحلامه.
«الأسعار بتغلا كل يوم عن التانى، ومحمد مرسى مش شايفنا أساسا، أنا مصيرى هيبقى زى مصير الناس دى هاعيش وأموت على الرصيف طول ما مرسى فى الحكم».. كلمات «مصطفى» التى خرجت بانكسار كانت تعبيرا عن آماله التى ماتت بعد عامين من الثورة، فهو يخشى على مستقبله تحت حكم الإخوان المسلمين خاصة أنه لم يكمل تعليمه وخرج إلى سوق العمل مبكرا لمساعدة والده فى الإنفاق على أسرته.
«مصطفى» الذى يسكن فى غرفة واحدة فى بولاق، لا يدخلها الهواء ولا الشمس، قرر أن يكون واحدا ممن سيخرجون يوم 30 يونيو لاسترداد البلد من الإخوان ولسبب شخصى هو معاناته المستمرة مع شركة الكهرباء: «قاعد فى أوضة فيها لمبة واحدة وبدفع كل شهر فاتورة بـ 40 جنيه.. افترا ده ولا مش افترا؟».
ظلم شديد يشعر به «مصطفى» بسبب فاتورة الكهرباء وهى الشرارة التى ستجعله ينفجر يوم 30 يونيو فى وجه الإخوان، لم يكتف مصطفى بإعلان مشاركته بل دعا كل من حوله للمشاركة فى المظاهرات للخلاص مما وصفه بـ«النظام الظالم».