ما فعله النادى الأهلى يوم السبت الماضى باستضافته لنادى أتلتيكو مدريد الإسبانى، الذى يُعد من أفضل فرق العالم يعبر عن التاريخ الوطنى المشرف للنادى، فإدارة النادى منعت الدعوات المجانية، ولم يدخل واحد المباراة إلا بتذكرة من أجل التبرع بدخل المباراة لأسر شهداء الجيش والشرطة.. ولفت نظرى عبارة المعلق المحترم «أشرف محمود» الذى كرر أن «الحدث أكبر من النتيجة وأنها رسالة سلام»، وبالفعل رأينا الجماهير فى الاستاد ترفع أعلام فلسطين، وتؤكد على عروبة القدس، وتهتف ضد التيارات الإرهابية، وتعلن أن مصر بلد الأمن.
إن تاريخ الأهلى وطنى مشرق، وحين أنشئ نادى طلبة المدارس العليا عام 1905م كان بمثابة شوكة فى جسد الاحتلال، ومن هذا النادى خرج «إبراهيم الوردانى» الذى أطلق الرصاص على «بطرس غالى» صاحب أحكام الإعدام فى حادثة «دنشواى»، فأراد الاحتلال إنشاء ناد رياضى يشغل الشباب بعيداً عن السياسة، فقام «عمر لطفى بك» بإنشاء الأهلى، وتحمس للفكرة عبدالخالق ثروت الذى أطلق على اسمه الشارع المعروف بوسط القاهرة، فكان فى تأسيسه فى 1907م مصرياً خالصاً، وصار شوكة مكملة فى جسد الاحتلال.
ويذكر الكاتب الكبير «حسن المستكاوى» فى كتابه التاريخى المهم (النادى الأهلى بطولة فى الرياضة والوطنية من 1907-1997م) أن النادى حين أحرز الكأس عام 1922 خرجت الجماهير فى مظاهرة من العباسية إلى مقر النادى تندد بمعسكرات الإنجليز، وأن لون فانلة الأهلى من لون علم مصر، وكان شعار النادى مزيناً بتاج الملك، وفى الطرف الأسفل كتب اسم النادى الأهلى وفى الوسط النسر المحلق، وعقب قيام ثورة يوليو رفع الأهلى شعار التاج واقتصر على النسر.
ولقد كانت هتافات الجماهير لفلسطين وعروبة القدس فى ملعب برج العرب السبت الماضى مضياً على سَنن الجماهير فى سنة 1948، حينما خرجت جماهير الأهلى تلبى نداء الوطن فى حرب فلسطين، وشاركت فى الحرب كفدائيين.
وفى ثورة 1952 وقف النادى بجانب الضباط الأحرار، كما كانت مدرجات الدرجة الثالثة فى النادى مركزاً عسكرياً لتدريب الفدائيين للاشتراك فى معارك القناة ضد الإنجليز، وفى حرب السويس فتح النادى باب التطوع للعمل الفدائى.
وفى ثورة يونيو وقف النادى مع الدولة المصرية ضد من تسلل منه لجماعة الإخوان، وحينما قررت مصر مقاطعة دولة قطر كان النادى الأهلى ومدربه حسام البدرى أول من بادر بالمقاطعة، وانتهى به الأمر إلى إقامة مباراة مع أتلتيكو مدريد يخصص دخلها كاملاً لأسر شهداء الجيش والشرطة الذين راحوا ضحية الإرهاب والأفكار المنحرفة.
ومع أن أسطورة الكرة المصرية «محمود الخطيب» رئيس مجلس إدارة النادى دائماً ما كرر كلمة (التاريخ) فى حملته الانتخابية، إلا أنه يؤسفنى أن أغلب الجماهير المصرية تتعامل مع «الأهلى» على أنه فريق لكرة القدم والسلام، مع أنه اضطلع بدور وطنى مشرف وأصيل، وأن الأهلى من زاويته الرياضية البحتة لا أشجعه بل أشجع خصمه «الزمالك»، لكن يبقى الأهلى الوطنى فخراً للزملكاوى قبل الأهلاوى.