«الوطن» تواصل نشر وثائق المخابرات الأمريكية: «الإخوان» تعاطفوا مع الإرهابيين.. و«التنظيم» يُشبه نظام «الخمينى»
ما زالت وثائق وكالة الاستخبارات الأمريكية «سى.آى.إيه»، حول كواليس معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، تكشف المزيد من الأسرار خلال الفترة ما بين عامى 1977 و1979، والدور الذى لعبته المخابرات الأمريكية لإتمام هذه المعاهدات.
وأشارت الوثيقة التى حملت الرقم 0001-8، بتاريخ 1 يونيو 1979، إلى أن الإخوان على الرغم من تعاطفهم مع فكر التكفير بشكل عام فى البداية، ورغم تعاونهم مع الضباط الأحرار ثم اعتبارهم خارجين على القانون وحظرهم فى عهد عبدالناصر، إلا أنهم سرعان ما نبذوا فكر العنف والتكفير وفكر الجماعات الإرهابية، حيث إنهم لم يكونوا على استعداد للدخول فى تحدٍّ مفتوح أمام الحكومة المصرية، كما أنه كان واضحاً أن الإخوان لا يرغبون فى المخاطرة بالموقف شبه القانونى وحرية العمل التى تمتعوا بها خلال حكم السادات، إلا أنه فى الوقت ذاته، تعاطف الإخوان إلى حد ما مع أيديولوجية الإرهابيين، وربما وفروا لهم الدعم أيضاً.[FirstQuote]
ولفتت الوثيقة إلى أن السادات كانت لديه فرص منفتحة هائلة فى الحياة السياسية فى مصر، منذ أن وصل إلى السلطة فى سبتمبر 1970، مشيرة إلى أن السادات استطاع التغلب على الأجواء السلبية التى سيطرت على مصر خلال فترة حكم «عبدالناصر»، حيث إنه فضل الابتعاد عن الترهيب والتعذيب، وحتى ألد أعدائه من الإخوان، حصلوا على درجة مفاجئة من حرية التعبير وانتقاد الحكومة. وأضافت: «حصل المصريون على درجة من حرية التعبير لم تكن موجودة فى الدول العربية الأخرى، ورغم ذلك لا يعتبر السادات ديمقراطياً من وجهة نظر التفسير الغربى لمصطلح (ديمقراطية). ورغم هذا، يرى السادات نفسه أباً لشعبه، مسئولاً عنه وعن الحفاظ على الانضباط وتصحيح السلوك، ولكنّ (أبناءه) تخطوا الحدود فى 1978 بإساءة استخدام الحرية التى منحها لهم السادات.
وقالت الوثيقة صراحة فى نص الاستنتاج بعد أن استعرضت الأوضاع الداخلية فى مصر، إن «الحرية التى منحها السادات للإخوان بدرجة كبيرة، ستكون بذوراً للمشاكل المستقبلية، ومن الواضح أن هناك تشابهات بين تعهد الإخوان بالتشدد وما كان يتعهد به أتباع نظام آية الله الخمينى فى إيران، إلا أن فارقاً واحداً فقط هو من سيحدد هذا، حيث إن الإخوان ليس لديهم قائد واحد يستطيع تركيز كل طاقته للغايات السياسية. ورغم ذلك، فإن السادات نفسه كونه رجلاً مسلماً متديناً، يتعاطف إلى حد ما مع الإخوان».
وأشارت وثيقة أخرى بتاريخ 31 يوليو 1979، إلى أن «هدف إسرائيل فى مفاوضات السلام كان الحفاظ على السلام مع مصر، والحفاظ على سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية وغزة ومنع إقامة دولة فلسطينية فى الوقت نفسه».
وتابعت: «إذا تم تطبيق تلك الاستراتيجية بنجاح، فإن النتائج لن تؤدى إلى إحلال السلام فى الشرق الأوسط، وسيرفض الفلسطينيون أى تسوية وتنتشر موجة من العداء تجاه واشنطن بسبب اتهامها بأنها تتآمر مع إسرائيل ومصر لتوقيع اتفاق سلام منفصل»، محذرة من مخاطر الضغوط الخليجية واستخدام ورقة البترول ضد واشنطن».
وفى وثيقة جاءت بعنوان: «آراء السادات»، بتاريخ 24 مارس 1978 أنه رغم رغبة السادات فى المساهمة فى السلام، إلا أنه لم يلمح أبداً أنه يتوقع أن تكون الإدارة العربية الإسرائيلية المشتركة الدائمة حلاً حيوياً أو قابلاً للاستمرار بالنسبة للضفة الغربية أو لقطاع غزة، وتابعت: «السادات فقد الأمل فى أن يظهر رئيس الوزراء الإسرائيلى (بيجن) الخيال والمرونة اللازمة للمضى قدماً فى محادثات السلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل».[SecondQuote]
وأشارت إلى أن «(بيجن) أكد للمسئولين الأمريكيين أنه سيقدم بعض التنازلات حتى يقنع السادات بالتوقيع على اتفاقية السلام مع مصر، كما يعتقد أن السادات سوف يسعى إلى تقليل عدد القوات الإسرائيلية فى الضفة الغربية وقطاع غزة، ومحاولة الضغط لوقف الاستيطان وإنشاء قوات أمن فلسطينية بعدد معقول، محذرة من أنه «إذا لم ير السادات بوادر لموقف إسرائيلى إيجابى، فإنه سيلجأ مباشرة إلى (كارتر) لعقد قمة جديدة، ويمكن أن يهدد بوقف عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لأنه صعب التنبؤ بقراراته»، خاصة أن الحكومات العربية المتشددة ستستمر فى التقليل من دور السادات فى العالم العربى، وربما يؤدى ذلك للإطاحة به، ومحاولة تحقيق طموحاتها السياسية فى العالم العربى على حساب مصر، ولتحقيق ذلك ربما تدعم مجموعات المعارضة العنيفة فى مصر، ودعم العنف والإرهاب لإحداث انقسام بين إسرائيل ومصر من جهة، وبين مصر وباقى الدول العربية من جهة أخرى.
وأشارت وثيقة صادرة بتاريخ 28 مارس 1979، إلى ردود أفعال الاتحاد السوفيتى تجاه توقيع اتفاق «كامب ديفيد»، حيث اتهمت الولايات المتحدة بالسعى لإقامة وجود عسكرى دائم فى الشرق الأوسط، وإرسال خبراء عسكريين لمصر وإسرائيل لتعويض قطع العلاقات مع إيران وانهيار «حلف بغداد»، واصفة «السادات» بأنه «خائن للقضايا العربية والقضية الفلسطينية وموافق على احتلال إسرائيل للأراضى العربية»، معربين عن سعادتهم بمعارضة الأردن والسعودية للاتفاق، رغم الضغوط الأمريكية على البلدين، مهددين باتخاذ إجراءات مباشرة لمنع تطبيق اتفاق السلام، ومنها استخدام موسكو لحق الفيتو وإيقاف أى قرار من مجلس الأمن يقترح أى تغيير فى أماكن قوات حفظ السلام الموجودة فى سيناء، واستشهدت الوثيقة بأن الاتحاد السوفيتى كان أوقف كافة أشكال الدعم لقوات الأمم المتحدة الموجودة فى سيناء.
وأوضحت وثيقة بتاريخ 27 فبراير 1979، أن هناك احتمالات بقبول الدول العربية لاتفاق السلام، مشيرة إلى أن البيت الأبيض أوضح أن الدول العربية ستقبل به إذا عُرض الأمر بطريقة واقعية، وهو سبب محاولة هارولد براون وزير الدفاع الأمريكى، إيصال هذا المعنى بعد زيارة قام بها لبعض الدول فى الشرق الأوسط، حيث أخبر براون الرئيس المصرى بأن موقف السعودية أصبح أقل حدة خلال المحادثات الخاصة بعكس الموقف العلنى المندد بالاتفاقية، كما أن الملك حسين بن طلال عاهل الأردن، أبدى اهتماماً أقل بانتقاد الاتفاق.
وفى وثيقة صادرة بتاريخ 5 ديسمبر 1977، أشارت السفارة الأمريكية إلى أن الشعار الذى يرفعه مؤيدو السادات فى تحركاته للسلام قبل زيارة إسرائيل، وهو «سلام.. لا حرب»، كان مفهوماً بشكل كبير -بما فى ذلك السادات نفسه- على أن «السلام» يعنى استعادة كافة الأراضى العربية المحتلة إلى السيادة العربية، وكان عرض السادات «الدرامى» هو قبول إسرائيل كدولة شرق أوسطية لها كافة الاعترافات الدبلوماسية والأمنية. وأضافت: «بالنسبة لـ(السادات)، فإن هذا العرض كان بديلاً كافياً فى مقابل عودة إسرائيل إلى حدود ما قبل 67، وقد انقسمت آراء العرب فى هذا الصدد، حيث تساءل كثيرون عما إذا كان العرض قد تمادى كثيراً».
وتشير الوثيقة إلى أنه أياً كان رأى إسرائيل فى هذا الصدد، فإن موقف رئيس الوزراء مناحم بيجن، هو أنه على الرغم من أن العودة إلى حدود 67 قد ينجح بالنسبة لـ«سيناء»، إلا أنه قد لا يجدى نفعاً حتى بالنسبة للضفة الغربية وغزة. وتابعت: «السادات يدرك بالطبع موقف بيجن، وكذلك داعموه الأقوياء فى السعودية، ولكنهم يأملون أو يعتقدون أن التغير الدرامى الذى أحدثه السادات، يجبر الولايات المتحدة على الضغط على (بيجن) للموافقة على العرض المصرى».
وأضافت: «علاوة على ذلك، السادات والسعوديون ليسوا على استعداد لأن يصبحوا أطرافاً فى اتفاق لا يوفر عودة السيادة العربية على فلسطين، ربما خلال سنوات. ودون رؤى مسبقة لوطن فلسطينى فى الضفة الغربية وغزة، لن يكون السادات أو السعوديون قد حققوا أدنى درجات الحماية من الانتقادات العربية التى ستواجههم»، مؤكدة أن فشل السادات فى التحرك نحو السلام مع إسرائيل، يدفعه إلى التوجه للولايات المتحدة بالانتقادات الحادة للضغط على إسرائيل، مضيفة: «إذا فشل هذا الأمر أيضاً، فإن السادات قد يستقيل بدلاً من أن يواجه خيبة الأمل العربية بعد أن يتضح أن «السلام» كان شعاراً خاطئاً يرتكز على كلمات ليس لها معنى مشترك بين إسرائيل والعرب».
أكدت الوثيقة أيضاً أن تحركات السادات هى التى دفعت الرأى العام الإسرائيلى إلى سلوك الطريق نفسه، إلا أن «بيجن» كان يخشى أن تتراجع مصر عن الاتفاقية بعد التوقيع عليها، ولكن «السادات» الذى كان يتفاخر بأنه رجل يفى بوعوده، أكد أنه لن يفعل هذا أبداً، مشيرة إلى أن الدعم الشعبى للرئيس المصرى كان قوياً.
وبشأن معارضة ليبيا لاتفاقية السلام والجهود الرامية إلى التوصل لاتفاق نهائى، أشارت الوثيقة إلى أن ليبيا لم تُخفِ رفضها العلنى لاتفاق السلام واعتبرته خيانة للعرب، إلا أن «القادة العرب الذين حضروا قمة طرابلس المعادية للسلام، لم يأخذوا نوايا وسياسات القذافى الخارجية على محمل الجد».
الوثائق الأمريكية
الوثائق الأمريكية