إيه اللى رماكى ع «الساطور»؟.. اللى «أحدّ» منه
«غالية» تمارس عملها فى الجزارة
داخل محل جزارة صغير فى شارع عبدالقادر أبوالنصر بدار السلام، تقف بشموخ وصلابة لا تقل عن صلابة السكين الممسكة بها، فبداخلها طاقة كبيرة استمدتها من زوجها الراحل منذ سنوات طويلة، وعلى كاهلها حِمل ثقيل يستدعى التحلّى بالقوة والصبر للوقوف فى وجه الأزمات.
بملابسها السوداء، أخذت غالية الشهاوى تقطع اللحم، وتتعامل مع الزبائن كما كان يفعل زوجها، لم يخطر ببالها أن الأيام ستجبرها على استكمال طريقه وهى فى عمر الـ 40، تركها و4 أبناء فى المدارس، ولم يكن أمامها خيار آخر، سوى أن تصبح الأم والأب، فى الشغل رجل قوى، وفى البيت أُم ضعيفة أمام رغبات أبنائها، تعنفهم أحياناً للمذاكرة، وتحنّ عليهم بعدها: «كان لازم أبقى قوية، جوزى مات والعيال صغيرين، والمعاش 150 جنيه بس.. يعمل إيه لـ5 أنفار؟».
تحب «غالية» ما تعمل على الرغم من صعوبته، لأنه يذكرها بزوجها الراحل: «لما حد يقول لى ارتاحى شوية، أقول له طول ما فيّا نفَس وليا حس فى الدنيا هشتغل، القعدة تعجزنى»، ورغم أنها قطعت شوطاً متقدماً من المسئولية بعد زواج ثلاثة من أبنائها، لا تزال ترى الطريق طويلاً: «عندى 60 سنة ولسَّه بنزل الشغل، الحياة صعبة على عيالى حتى بعد الجواز ولازم أساعدهم».
لا تخاف على شىء فى الحياة، إلا على ابنها «على»، تحكى عنه وعن حبها له باستمرار، وتخشى عليه من الأيام بعد رحيلها: «عنده 30 سنة، وبيعانى من حالة نفسية، ودّيته مستشفيات وعملت كل حاجة ومفيش أمل، باشترى له كل لوازمه، وباخد بالى من أكله وشربه، وبارفع إيدى للسما وأدعيله بالشفا.
أصل ما حدش هيسأل فيه من بعدى، ونفسى فى معاش يصرف منه».