مصر بدأت «الطريق النووى» عام 61 بمفاعل روسى.. والثانى فى 98
«عبدالناصر» خلال زيارته للمشروع
رصد تقرير لهيئة الطاقة الذرية تاريخ برنامج مصر للطاقة الذرية للاستخدامات السلمية على مدار 63 عاماً منذ انطلاق البرنامج فى 17 فبراير 1955، بقرار رئيس الوزراء حينها تشكيل لجنة الطاقة الذرية وتحديد اختصاصاتها برئاسة الصاغ كمال الدين حسين، وزير التربية والتعليم فى ذلك الوقت، ويتضمن إعداد العناصر البشرية وإنشاء مركز للنظائر المشعة والكشف عن الخامات الذرية وإنشاء مفاعل ذرى.
وكشف التقرير عن أهم المحطات التى مرت ببرنامج الطاقة الذرية بدءاً من صدور القانون رقم 509 فى 19 أكتوبر 1955 بإنشاء لجنة الطاقة الذرية وتعيين الدكتور إبراهيم حلمى عبدالرحمن سكرتيراً عاماً لها وحصول اللجنة فى عام 1955 على اعتمادات مالية قدرها مليون جنيه لتنفيذ برنامجها لإعداد وتدريب المتخصصين وإيفاد البعثات، لافتاً إلى أن اللجنة أوفدت 8 من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات إلى الولايات المتحدة وفرنسا لاكتساب خبرة فى مجالات الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية.
وأشار التقرير إلى أنه فى 9 فبراير 1956 تم توقيع عقد مع الاتحاد السوفيتى السابق للحصول على معمل من طراز «فان دى جراف» وأجهزة لمعمل الطبيعة النووية وفى مايو عام 1956 تم اختيار منطقة مساحتها كيلومتر مربع واحد بأنشاص بمحافظة الشرقية لإنشاء المفاعل الذرى المصرى بها وفى 12 يوليو 1956 تم الاتفاق مع الجانب الروسى بشأن التعاون النووى والتفاوض حول المفاعل النووى، وفى 18 سبتمبر 1956 تم التوقيع على عقد مفاعل تجريبى روسى قدرته 2 ميجاوات بمشتملاته.
وكشف التقرير أنه فى عام 1957 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 288 بإنشاء منظمة الطاقة النووية ومشاركة مصر عام 1958 فى مؤتمر جنيف الثانى الخاص باستخدام الطاقة الذرية فى الاستخدامات السلمية وإنشاء مبنى معامل الطبيعة النووية وتشغيل معمل «الفان دى جراف» فى عام 1959 وصدور قرار رئيس الجمهورية رقم 59 فى عام 1960 بشأن لائحة العمل بالإشعاع المؤيَّن والحماية من مخاطره.
الصاغ كمال الدين حسين أول رئيس للجنة الطاقة الذرية ومليون جنيه ميزانية تدريب المتخصصين وإيفاد البعثات
وأوضح التقرير أنه فى يوم 27 يوليو 1961 تم تشغيل المفاعل الذرى حيث بدأت التجربة الحرجة لتشغيل المفاعل الساعة 12 ظهراً، وأعلن نجاحها الساعة 2.45 وفى 1962 تم إنشاء معامل الجيولوجيا والخامات الذرية وإنشاء معمل إنتاج النظائر المشعة وإنشاء معمل الإلكترونيات والأجهزة العلمية وتم تحويل المركز الوطنى للنظائر المشعة إلى مركز الشرق الأوسط الإقليمى للنظائر المشعة للدول العربية فى عام 1962، أما فى عام 1965 فتم تشكيل لجنة للمعمل الحار لدراسة مشاكل الطرف الخلفى للوقود النووى وتطور نشاطها وتم إقامة محطة التشعيع الجامى وكانت نواة لمركز الإشعاع، وفى عام 1972 أنشئ المركز القومى للبحوث وتكنولوجيا الإشعاع.
وأشار التقرير إلى أنه فى عام 1975 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 784 بتأسيس المجلس الأعلى لاستخدام الطاقة النووية وفى عام 1977 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 196 بإنشاء منظومة المواد النووية وفى عام 1979 قرار رئيس الوزراء رقم 1093 بتشكيل المجلس الأعلى للطاقة. وفى عام 1980 تم البحث عن موقع جديد لإنشاء مفاعل جديد لتوليد الكهرباء وإنشاء مركز المعامل الحارة وإدارة المخلفات، وفى عام 1981 صدر القرار رقم 45 بإنشاء احتياطى تمويل مشروع الطاقة البديلة وفى أول أغسطس عام 1982 تم تشكيل لجنة الأمان النووى وفى 27 مارس 1984 تغير اسم لجنة الأمان النووى إلى جهاز التنظيم والأمان النووى، وفى عام 1991 تم تحويل جهاز التنظيم والأمان النووى إلى المركز القومى للأمان النووى والرقابة الإشعاعية.
ولفت التقرير إلى أنه فى 19 سبتمبر عام 1992 تم توقيع عقد مفاعل بحثى مع الأرجنتين بقدرة 22 ميجاوات وبمبلغ قدره 350 مليون جنيه مصرى وفى 27 من شهر نوفمبر 1997 تم تشغيل المفاعل الذرى المصرى الثانى وفى 4 من شهر فبراير 1998 تم افتتاح مفاعل مصر البحثى الثانى بحضور الرئيس الأرجنتينى آنذاك كارلوس منعم.
ونوه التقرير إلى أن مساحة مجمع مفاعل أنشاص النووى للأبحاث أو مفاعل مصر للأبحاث ما يقرب من 1500 فدان، منها ثلث المساحة لمركز البحوث النووية و30 فداناً تقريباً للمفاعل الأول ومثلها للمفاعل الثانى، وتشمل المدينة عدة أقسام منها «مركز للمعامل الحارة وأقسام للمفاعلات ومناطق معزولة خاصة بها وأقسام الرقابة وشعبة تطبيقات النظائر المشعة ومجموعات الوقاية الإشعاعية ومحطات الرصد الإشعاعى والذرى التى تحيط بالمنطقة».
وكشف التقرير أن مفاعل أنشاص البحثى الأول هو أول مفاعل نووى فى مصر للاستخدام السلمى للطاقة النووية وتم استيراده من روسيا عام 1958، وبدأ تشغيله عام 1961 وافتتح الرئيس جمال عبدالناصر المحطة النووية بأنشاص عام 1963 وكانت تعمل على توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر بمعدل 20 ألف متر مكعب. وأوضح التقرير أن مركز البحوث بأنشاص يقع على مسافة 40 إلى 60 كيلومتراً شمال شرق القاهرة والمفاعل من نوع «خزان الماء الخفيف» وهو نوع منتشر من المفاعلات النووية الحرارية يستخدم الماء العادى كمهدئ للنيوترونات وللتبريد وتوقف عمل المفاعل خلال ثمانينات القرن الماضى لتوسيع إمكانات التشغيل.
أما بالنسبة لتشغيل مفاعل مصر البحثى الثانى، فقال التقرير إن هيئة الطاقة الذرية قامت بطرح مناقصة عالمية فى عام 1990 بغرض إنشاء مفاعل بحثى بقدرة 22 ميجاوات على أن يشمل العقد توريد معدات لإنتاج الوقود النووى اللازم لتشغيل المفاعل وفازت شركة «انفاب» الأرجنتينية بالمناقصة وتم توقيع العقد عن هندسة وتوريد وإقامة وبدء تشغيل مفاعل متعدد الأغراض بقدرة 22 ميجاوات بقيمة 40٫02 مليون دولار و55.3 مليون جنيه مصرى من المكون الأجنبى لشراء معدات إضافية تشمل المكونات الأساسية لمصنع الوقود النووى وبعض الأنظمة الإضافية للمفاعل، وفى عام 1998 قامت شركة «انفاب» بإنهاء الاختبارات الفنية للأنظمة والمكونات والأداء التشغيلى للمفاعل عند القدرة القصوى 22 ميجاوات واستيفاء جميع الملاحظات الفنية وتسليم المفاعل ابتدائياً لهيئة الطاقة الذرية وتم افتتاحه فى نفس العام وتشغيله منذ تسلمه لتلبية احتياجات المستخدمين والعلميين من داخل الهيئة وخارجها وكذلك تدشين منظومة رقائق السليكون والتصوير النيترونى. أما عن الأنشطة والمهام التى تقوم بها هيئة الطاقة الذرية فى مصر فكشف التقرير أن هيئة الطاقة الذرية مسئولة عن كل الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية ما عدا توليد الكهرباء وأن مصر عضو مؤسس فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ إنشائها فى عام 1957 وتتمتع بعلاقات متميزة مع الوكالة وتبادل الخبرات ضمن التعاون المشترك بين الطرفين إضافة إلى أن باحثى الهيئة يقومون بنشر 500 بحث علمى فى المجالات العلمية المرموقة ذات طابع تأثير مرتفع، والهيئة تقوم بتفعيل الأبحاث القابلة للتطبيق لخدمة مشروعاتها.
وأوضح التقرير أن الهيئة تقدم الدعم الفنى لمدرسة الضبعة الثانوية لتكنولوجيا الطاقة الذرية وتقوم بتنظيم دورات تدريبية للمدرسين وتنظيم زيارات لطلاب المدرسة وتعريفهم بدور الهيئة فى مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وقامت بوضع المناهج الدراسية الخاصة بالمدرسة وأهدتها كتاباً للمناهج الدراسية وتتوافر بها الكوادر والخبرات الأساسية التى تساهم فى الحفاظ على البيئة من الملوثات الضارة للإنسان والحيوان والنبات وتستخدم تقنيات التحليل الإشعاعى للكشف عن الملوثات البيئية السامة والخطرة من المعادن الثقيلة والخفيفة الناتجة عن الصناعات الملوثة للبيئة وتدعم توسيع رقعة الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية فى مجال الطب النووى والصحة.
وأضاف التقرير أن الهيئة تتولى مهمة الكشف الإشعاعى على كل واردات مصر الغذائية، وتقوم بالكشف الإشعاعى على الصادرات المصرية مع إعطائها الشهادات الدالة على خلوها من الإشعاع وتستخدم التشعيع الجامى فى استحداث طفرات محصولية ذات صفات مرغوبة وعالية الإنتاجية وتقوم بدور فى تحسين كفاءة الاستفادة من مياه الرى والعناصر الغذائية لمحاصيل الخضر باستخدام النظائر الثابتة وتقدم استشارات وخدمات فنية فى مجالات عديدة أهمها توكيد الجودة وهندسة المواد التى تخدم مجالات الخواص الميكانيكية والتآكل واللحام وتساعد الجامعات المصرية عن طريق تصميم أجهزة القياس النووية والأجهزة التدريبية للمعامل المختلفة.