أمريكا وأزمة فنزويلا.. كيف يرى القانون الدولي تحركات "واشنطن"؟
مادورو وجوايدو
بعد وقت وجيز من إعلان رئيس البرلمان الفنزويلي خوان جوايدو تنصيب نفسه رئيسا انتقاليا لفنزويلا، مشككا في شرعية الانتخابات التي حملت الرئيس نكيولاس مادورو إلى ولاية ثانية، سارعت الولايات المتحدة إلى الاعتراف بـ"جوايدو" رئيسا للبلاد، محذرة من تطبيق إجراءات عقابية.
وفي مؤتمر صحفي قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جولن بولتون، إن كل الخيارات مطروحة حيال أزمة فنزويلا، وذلك ردًا على أحد أسئلة الصحفيين الذي سأل عن خطط "واشنطن" العسكرية حيال الأزمة.
وتثير التصريحات والمواقف الأمريكية كثير من الجدل حول قانونيتها، وموقف القانون الدولي من تلك التحركات، ما تحاول "الوطن" توضيحه في السطور التالية.
"كل ما تقوم به الولايات المتحدة تجاه فنزويلا هو انتهاك فاضح لكل مواثيق القانون الدولي"، هكذا علق خبير القانون الدولي المستشار مساعد عبدالعاطي، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، على التهديدات والتحركات الأمريكية حيال أزمة فنزويلا.
وقال "عبدالعاطي" إن ميثاق الأمم المتحدة وضع مبادئ حاسمة وواضحة أهمهم مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام سيادة الدول، ومن أهم مظاهر الأمور السيادية للدولة اختيار حاكمها ونظام الحكم وفق ما يتم الاتفاق عليه بين شعب هذه الدولة".
وأضاف عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للقانون الدولي: "وبالتالي ما تقوم به الولايات المتحدة مخالفة صريحة وواضحة لقواعد القانون الدولي، وهو يشابه ما قامت به الولايات المتحدة عام 1986 عندما دعمت جماعات الكونترا ضد النظام الشرعي في نيكاراجوا".
وتابع "عبدالعاطي": "لجأت نيكاراجوا والولايات المتحدة إلى محكمة العدل الدولية، وقضت بحكم قانوني هام عام 1996 في قضية الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية ضد نيكاراجوا، وأعلنت المحكمة رسميا أن واشنطن بقيامها بدعم هذه الجماعات ضد الحكومة الشرعية إنما يمثل تدخلا سافرا في شئون نيكاراجوا، ويمثل في ذات الوقت مخالفة قانونية لمبادئ الأمم المتحدة ولقواعد القانون الدولي".
ورأى خبير القانون الدولي، أن هذا حكم مهم جدًا يمكن البناء عليه، ويؤكد أن ما تقوم به الولايات المتحدة حاليًا تجاه فنزويلا يخالف قواعد القانون الدولي، ويقوض مصداقية الولايات المتحدة على الصعيدين الدولي والإقليمي، لأنها تتحرك وفق تصرفات غير شرعية وتخالف القانون الدولي.
لكن ماذا لو وافق خوان جوايدو رئيس البرلمان الذي اعترفت بشرعيته بعض الدول منها الولايات المتحدة على أي تحرك عسكري تجاه نظام "مادورو"؟
وردا على ذلك السؤال، قال "عبدالعاطي": "لا شرعية لرئيس البرلمان من وجهة نظر القانون الدولي، الشرعية هي للرئيس مادورو هو القائد الفعلي للبلاد، الرئيس الذي جاء بالانتخابات، والرئيس الذي توافقت عليه إرادة الشعب الفنزويلي، وبالتالي حتى لو كانت هناك شعبية لزعيم المعارضة أو رئيس البرلمان الحالي فلا يمكن القبول بهذه الفكرة".
وأوضح "عبدالعاطي": "لأنها تمثل دعما لعدم الاستقرار والاضطرابات في العالم، كما أنا تهدم نواميس ثابتة وراسخة مرتبطة باستقرار وحالة السلم والأمن الدوليين التي تبدأ بحالة السلم والأمن داخل الدول ثم على السمتوى الإقليمي، ثم على مستوى الأمن الدولي والعالمين وبالتالي لا يمكن التسليم بقانونية هذا الطرح لأنه يعد مخالفة صريحة وواضحة للقانون الدولي تتسم بعدم الشرعية".
وقال "عبدالعاطي": "ويملك الرئيس مادورو حق اللجوء إلى المنظمات الأممية ضد الولايات المتحدة سواء ومجلس الأمن والجمعية العامة، وحتى لو قوبل هذا الإجراء بالتدخل والضغوط الأمريكية، فإن القانون الدولي يبقى واضحًا ومحددًا بأن هذه الإجراءات الأمريكية غير قانونية ومخالفة صريحة لأحكامه".
وبادرت بعض الدول الأوروبية واللاتينية إلى الاعتراف بـ"جوايدو" رئيسًا انتقاليا لفنزويلا بعد إعلانه ذلك الأربعاء الماضي، فيما رفضت دول أخرى الاعتراف بتلك الخطوة وعلى رأسهم روسيا والصين.