«إنجى».. أطلقت مبادرة «تقدرى» لمساعدة معنَّفات الصعيد: «استحملى.. كلمة وانتهت»
إنجى رأفت مع المبادرة
من رحم المعاناة يولد الأمل، كما جرت العادة، لكن إنجى رأفت حولت معاناتها إلى مبادرة تمحو الألم وترفض العنف، مبادرة تكبر وتتوسع بمرور الوقت، عمرها سنتان ونصف، من وقت تخلى «إنجى» عن عنفها الأسرى، حيث كانت زوجة معنفة، تسكن فى أكثر مناطق مصر انغلاقاً، أسيوط فى صعيد مصر، لكنها قررت الخروج من النفق بصحبة المعنفات.
تبلغ إنجى من العمر 36 عاماً، حرص والداها على تعليمها جيداً، فتخرجت فى كلية الآداب قسم علم نفس بجامعة أسيوط، تزوجت وأنجبت أبناءها الثلاثة، تعرضت لشتى أشكال العنف المنزلى أثناء زواجها، تقول لـ«الوطن»، «سوء اختيارى نتج عنه أسوأ أنواع العنف، فقررت أنفصل»، ذلك القرار لم يكن سهلاً على الإطلاق لفتاة مسيحية تعيش فى صعيد مصر.
تجاوزت السيدة الثلاثينية كافة الصعوبات التى مرت بها، ولمساعدة نفسها وذويها وأصدقائها قررت إطلاق مبادرة «تقدرى»، وكما يوحى اسمها فهى تحث النساء وتشجعهن على القيام بكل الأمور، بينها وأساسها رفض العنف بكل أشكاله، «الاغتصاب الزوجى، الضرب، العنف المنزلى، الحبس، الإهانات»، وغيرها من كل أشكال العنف الذى تتعرض له الأنثى.
الوعى بأمور الزواج والاختلاف النفسى والجسدى بين الجنسين «صفر»: «الستات بتتكسف تتكلم»
تختلف المبادرة عن مثيلاتها، حيث مركزها فى الصعيد، رويداً خرجت إنجى من المراكز فى مدن الصعيد الكبيرة إلى القرى الفقيرة والنجوع، «أكتر جملة بنسمعها الست لازم تتحمل عشان ولادها وده مش صح مبقاش فيه حاجة اسمها استحملى»، عن طريق ورش الحكى والفضفضة تبدأ السيدات يقتنعن بدور المبادرة، وأهمية وقف العنف ضدهن فى المنزل، وبدأت تؤتى ثمارها بشكل فعال.
إنجى تعمل مدربة تنمية بشرية بعد حصولها على دبلومة متخصصة فيها، وهى كذلك مسئولة مشروعات تنموية فى جمعية سيدات الأعمال فى أسيوط، وهى أكثر العوامل التى ساعدتها للخروج من محنتها لمساعدة سيدات أخريات، وأصبحت المبادرة مكونة من فريق من المتطوعين، بدأت بالأصدقاء والمعارف، ثم بدأت فى التوسع، حتى تحدثت عنها جرائد عربية وإماراتية، تشيد بجهود إنجى فى صد العنف.
لم يكن نجاح «إنجى» فى البداية سهلاً، فقد مرت بكثير من الصعوبات والمواقف التى لا تنسى، والتى شكلت وعيها هى كذلك، ومن بينها موقف لا تستطيع نسيانه ترويه، «جاتلى واحدة كلها آثار ضرب، زوجها بيضربها وبيتعاطى مخدرات، رفعت عليه قضية خلع، مرضيش واتوسل وقعد يعيط فى المحكمة، فرجعت له، بعد عودتها عاد زوجها للعنف، وخانه ضربه لها فجاءت فى ابنته التى أصيبت بـ7 غرز، ثم هددها إذا رفعت قضايا عليه سيتهمها بالزنا».
«أشد أنواع الأذى بيكون فى الشرف، وللأسف المشكلة هنا فى الصعيد لو الست حبت تاخد حقها الراجل بيحاربها ويكسرها بسمعتها»، نجحت صاحبة مبادرة «تقدرى» فى مساعدة السيدة المُعنفة على نقل ابنتها من مدرستها كى تبعدها عن أبيها العنيف، وكذلك فى البحث عن محام جيد يساعد السيدة دون مقابل، وقدمت لها جلسات دعم نفسى وهى وابنتها الصغيرة، التى ستبدأ جلساتها النفسية مع متخصصين للأطفال.
وبدأت إنجى خطوات إضافية فى عملها التطوعى، حيث وضعت منهجاً للمقبلين والمقبلات على الزواج، تبدأ فى تدريبهم من عمر 12 إلى 18 سنة، تعرفهم كل ما يهمهم عن الجنس الآخر، وبالتجربة العملية اكتشفت أن الوعى فى الصعيد بأمور الزواج والاختلاف النفسى والجسدى بين الجنسين يكاد يكون صفراً، تقول إنجى، «كمان الناس بتتكسف تتكلم وتعرف وتتعلم أى حاجة فى المجال ده فبيبقى صعب علينا جداً»، وتعرض فى جلسات الحكى السرى كل المشكلات وكل ما يخص العلاقات الجنسية لأول مرة فى الصعيد.