"استخبارات موازية واغتيالات".. مراسلات سرية تكشف علاقة الإخوان بجهاز النهضة السري
راشد الغنوشي
كشفت وثائق سربتها هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، دورا بارزا لتنظيم الإخوان بمصر، في بناء وإدارة الجهاز السري لحركة النهضة، المتهمّ بالتورط في الاغتيالات السياسية التي شهدتها تونس عام 2013.
والوثائق التي نشرتها الهيئة على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، عبارة عن مراسلات إلكترونية بين قيادات من تنظيم الإخوان في مصر والمتهم بقيادة الجهاز السري لحركة النهضة مصطفى خذر، أظهرت مراحل بناء الجهاز السري والأمني الموازي المتهم بالتورط في اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، كما كشفت عن قوة التنسيق والارتباط بين تنظيم الإخوان المسلمين وحركة النهضة.
ويقول رياض جراد، الأمين العام للاتحاد العام لطلبة تونس، إن أعضاء الاتحاد قاموا بعمل استقصائي لكشف حقيقة ارتباط حركة النهضة بعدد من منفذي العمليات الإرهابية ضد شخصيات في تونس.
وأضاف جراد في اتصال لـ"الوطن": "الفرع الطلابي للجهاز السري لحركة النهضة الإخوانية عمد إلى استغلال الوضعيات الاجتماعية المتردية وضعف تكوينهم ومعاناة عدد من الطلاب من اضطرابات نفسية حادة ودفعهم لارتكاب هذه المحاولة اليائسة"، مشيرا إلى أن منى قبلة التي نفذت العملية الإرهابية في شارع الحبيب بورقيبة في أكتوبر 2018 كانت منخرطة في صفوف الفصيل الطلابي لحركة النهضة.
وبينت المراسلات التي تعود إلى عام 2012، فترة وجود حركة النهضة في الحكم، وجود نشاط مكثف لتنظيم الإخوان بمصر داخل تونس، وألقت الضوء على الدور البارز الذي لعبه هذا التنظيم في إنشاء جهاز سري لحركة النهضة موازٍ للدولة، من خلال التوجيه والتدريب والتجنيد والرصد والمتابعة وحتى التخطيط.
وتابع جراد: "جماعة الإخوان في مصر تعاونت مع حركة النهضة لتسفير شباب الجامعات التونسية إلى سوريا وليبيا والعراق، وخدعوهم بشعارات الجهاد"، موضحا أن أعدادا هائلة من الشباب التونسي انضمت إلى تنظيم داعش الإرهابي بتسهيلات من إخوان مصر وحركة النهضة الإخوانية.
فيما قال السياسي التونسي، عصام البوسالمي، إن عناصر من جماعة الإخوان في مصر نشطت بشكل واسع في تونس بعد الثورة التونسية بعدة أشهر، لتدريب أعضاء من حركة النهضة لتأسيس هذا الجهاز السري "المريب" الذي اغتال العديد من الشخصيات التونسية المعارضة لهم.
وأضاف البوسالمي لـ"الوطن": "حركة النهضة متهمة بالجمع بين جناحين مدني وآخر عسكري، في ضوء اشتباه حول اختراق الحركة لأجهزة الدولة، وتورطها في عمليات تجسس".
وفي مارس 2019 قال الرئيس التونسي الراحل، الباجي قائد السبسي، إن ملف جهاز الاغتيالات السري لحركة النهضة أصبح يهدّد الأمن القومي التونسي، ودعا حينها المجلس إلى ضرورة اتخاذ موقف بهذا الخصوص دون التدّخل في عمل القضاء.
وعبر السبسي، خلال اجتماع مجلس الأمن القومي، عن امتعاضه من ملف الجهاز السري لحركة النهضة، بعد أن أصبح مطروحا بقوة في وسائل الإعلام ومحل نقاش لدى الرأي العام، وبات القضاء بسببه مستهدفا، قائلا "لا يجب أن نتوقف عند هذه النقطة، هذا استهداف للأمن القومي، ويجب أن ننظر في الملف ونتخذ موقفا في ذلك، لكن هذا لا يعني أنّنا قضاء موازٍ".
وبحسب الوثائق، أشرف تنظيم الإخوان المسلمين على عدة دورات تكوينية لصالح حركة النهضة، في مجال التجنيد والرصد الاستخباراتي وبناء الأمن الداخلي وكذلك دورة في إدارة الأزمات، ودعا إلى ضرورة إقامة جهاز أمني علني يقوم بحماية المقرات ومرافقة الشخصيات ونقل الوثائق، وإنشاء حكومة ظلّ تمكن من جمع المعلومات وتربط العلاقة مع المسؤولين وتقوم بإعداد قيادات جديدة، وكذلك إنشاء هيكل داخل الحركة يهتم بملاحقة رموز النظام السابق ويمكن من الاتصال بجهاز القضاء وجمع معلومات واسعة تمكن من رؤية شاملة للبلاد والأوضاع، إلى جانب إقامة مشروع لمواجهة القوى الليبرالية والفرنكفونية، فضلا عن تجنيد الشباب المتعلم والمتحمس لأفكار التنظيم.