نزلة كوبرى الأزهر: الميكروباص بترخيص «ملاكى».. والأوتوبيس «ممنوع»
أمام نزلة كوبرى الأزهر، الممتدة أقصى يسار تمثال إبراهيم باشا بميدان الأوبرا، بمنطقة وسط البلد، تصطف بعشوائية سيارات ميكروباص، صغيرة الحجم، ماركة سوزوكى، ذات موديلات حديثة، فى استقبال الركاب الصاعدين من محطة مترو العتبة، وسط ضوضاء يمتزج فيها كلاكس السيارات وحوارات المارة وصيحات الباعة الجائلين وغيرهم فى حديقة الميدان، ويعلو صوت شبان فى العقد الثالث من العمر، يصدح كل منهم أمام سيارة يقبع داخلها بعض الركاب أحدهم ينادى «واحد الحسين غورية مستشفى»، والآخر «منشية ناصر دويقة»، بينما يقف سائق سيارة ثالث «صف ثانى» من أجل تحميل سيارته بالركاب، غير مبال بوقف حركة المرور أمام السيارات الهابطة من أعلى الكوبرى متجهة إلى وسط البلد، متجاهلاً كلاكسات السيارات التى لا تتمكن من العبور إلا واحدة تلو الأخرى ببطء شديد، بسبب موقف السيارات العشوائى، الذى احتل أحد أبرز وأرقى ميدان بمدينة القاهرة، بعد صدور قرار محافظ القاهرة فى عام 2003 بمنع سيارات الأجرة وأتوبيسات هيئة النقل العام من المرور أو دخول شارع الأزهر بعد افتتاح نفق الأزهر للسيارات فى عام 2001. «ملاكى القاهرة» .. هكذا تعلن اللوحات المعدنية التى تظهر أسفل مقدمة السيارة وفى مؤخرتها، والتى تفسرها الألوان التى تكسو الجزء الأعلى من اللوحة المرورية، حيث يرمز اللونان «اللبنى والأزرق» إلى السيارات الملاكى، بينما اللون «البرتقالى» يرمز إلى السيارات الأجرة، وبهذه اللوحات المعدنية تدخل السيارات شارع الأزهر، وتتحايل على رجال المرور، وتعمل سيارات أجرة ويقوم قائدها بتحميل الركاب على عكس أوراق ترخيصها المرورية.
الأربعينى محمد على، أحد العاملين فى توكيل إحدى ماركات الساعات العالمية، أسفل جراج الأوبرا، يتحدث عن بداية تواجد هذه السيارات فى ميدان الأوبرا «العربيات دى كانت محدودة قبل الثورة والسائقين كانوا بيخافوا من الشرطة»، لكن بعد ثورة الـ25 من يناير تكتلت هذه السيارات فى المواقف مع اختفاء رجال الشرطة، الذين لم يغيروا شيئاً بعد عودتهم إلى الميدان مرة أخرى.
السيارات السوزوكى تتجمع فى أربعة مواقف عشوائية بمنطقة وسط البلد، وتحديداً داخل ميدان العتبة ومحيط ميدان الأوبرا، وفى ظل الانفلات الأمنى على مدار الثلاث سنوات الماضية، اتخذ سائقو السيارات مداخل ومخارج محطة المترو كمستقر لهم لتحميل الركاب، سواء من ناحية شارع 26 يوليو أو من ناحية جراج العتبة التى تتناثر فيها السيارات بشكل أكثر عشوائية، وهناك موقف ثالث أمام مدخل شارع الألفى على أطراف ميدان الأوبرا، وأخير أمام المسرح القومى فى قلب ميدان العتبة.
وفى ظل الغياب الأمنى، سيطر عدد من المسجلين خطر على المواقف الأربعة التى أصبحت أمرا واقعا فى ظل الغياب الأمنى، حيث يفرض بعض الأشخاص نفوذهم على سائقى السيارات وتحصيل أموال منهم تحت مسمى «كارتة»، تتراوح بين جنيه وجنيه ونصف من كل سيارة حسب أجرة الركاب والمكان الذى تنقلهم إليه السيارات، كانت بداية ظهور هؤلاء الذين يفرضون سيطرتهم على المكان، كما يقول محمود مسعود أحد سائقى السيارات فى إشارة إلى أحدهم «اللى أنت شايفه ده كان ماسك فوطة وبيسمح إزاز العربيات وينادى على الركاب وياخد جنيه وبعد شوية بقى ياخد الجنيه بالعافية وميعملشى حاجة ودلوقتى بقى هو المسئول عن الموقف».
تنتقل العشوائية من المواقف الرئيسية فى العتبة إلى مواقف أخرى فرعية وأقل عشوائية من الأولى، سواء فى منطقة الحسين أو الغورية، حيث تصطف السيارات السوزوكى أمام جامع الأزهر والحسين وأمام وكالة الغورى والصاغة لإعادة تحميل الركاب مرة أخرى بنفس الأجرة الموحدة.
فى ظل انتشار هذه النوعية من السيارات التى يتم ترخيصها على أنها ملاكى، وتعمل كأجرة فى العديد من المناطق والمدن الجديدة داخل القاهرة الكبرى، خاصة خلال الثلاثة الأعوام الأخيرة، بسبب التسهيلات التى تقدمها معارض بيع السيارات، لتسهم فى خلق مواقف عشوائية جديدة، ففى مدينة القاهرة الجديدة التى تعتبر من أرقى المدن الجديدة، تنتشر السيارات السوزوكى فى شارع التسعين فى مواجهة موقف السرفيس، وتقوم بنقل الركاب من التجمع الخامس إلى منطقة القطامية والتجمع الثالث.