«ازاي تتعامل مع الناس».. أول درس من ليلي مراد لـ زكي فطين عبدالوهاب
والده رفض أن يدرس الموسيقي ووالدته نصحته بالابتعاد عن الفن
زكي فطين عبدالوهاب
عاش حياة بسيطة، وفارق الدنيا بهدوء، كان الجميع يعتقد أنه مولود «في بقه معلقة دهب»، ابن المطربة الكبيرة ليلي مراد، والمخرج الشهير فطين عبدالوهاب، خاله الملحن خفيف الظل منير مراد، عمه الممثل القدير سراج منير، والتطور الطبيعي أن يصبح نجما لامعا في سماء الفن، وتكتمل الصورة الوردية بزواجه من السندريللا سعاد حسني، لكن حين تجلس معه ستسمع ما يدهشك.. ستجد نفسك أمام فيلم عربي أبيض وأسود، والبطل عابر سبيل اسمه زكي فطين عبدالوهاب.
التقيت زكي فطين عبدالوهاب لأول مرة عام 1999، كان يفترض أن أجري معه حوارا صحفيا، لكن في الحقيقة كنت أرغب في معرفة ذلك الشخص، الذي عاش وسط هالة من نجوم الفن، استمرت جلستنا ساعتين، التقيته بعدها عدة مرات، وطوال معرفتي به لم اكتب عنه سوى مرة واحدة عام 2006، كان شخصا بسيط لدرجة مدهشة، يعيش يومه فقط، دون حسابات، يتحدث عن مشاريع كثيرة، ولا يزعجه عدم تنفيذها، قائمة أعماله أقل من عدد السنوات التي عاشها في رحاب الفن، لكنه في النهاية فنان موهوب.
لحظات ميلاد زكي فطين عبدالوهاب
أدركت المطربة الكبيرة ليلي مراد منذ لحظات الحمل الأولى، أن طفلها الثاني لن يكون عاديا، وفي آخر شهور الحمل، كان قليل الحركة بدرجة أصابتها بالقلق، فقررت أن تلجأ للولادة القيصرية، ولم يكن هذا الأمر شائعا في ذلك الوقت، لذا كانت دائما ما تقول له «طول عمرك تاعب قلبي معاك.. حتي ولادتك كانت قيصرية»، وكان هو يرد عليها «وبعد والدتي بسنة، حصل العدوان الثلاثي على مصر».
ولد زكي فطين عبدالوهاب في 15 ديسمبر 1955 بعد اعتزال والدته الفن بعامين، لذا لم يعش مظاهر نجوميتها، إلا من خلال مشاهدة أفلامها من وقت لآخر، وكان وقتها يشعر بالغضب، حين يجمعها مشهد رومانسي مع أنور وجدي، فكان يسألها «ازاي تخلي واحد غريب يبوسك.. وهو بابا كان فين»، وبسبب هذه المشاعر الطفولية ظل طوال حياته لا يحب أنور وجدي.
حكاية زكي فطين عبدالوهاب مع يوم الخميس
كان زكي فطين عبدالوهاب، منضبط في طفولته، يستغرق وقتا طويلا في ترتيب ألعابه ومتعلقاته الشخصية، ولاحظت والدته في مرات عديدة أنه لا يهتم بالتعامل مع ابناء العاملين لديهم في المنزل، فاستدعته لحجرتها وطلبت منه أن يغلق الباب، ثم قالت له «يا زكي الدنيا فيها فقراء وأغنياء، مش علشان أنت مولود غني يبقي مش هتتعامل غير ما اللى زيك، المفروض تتعود تتعامل مع كل الناس، وتحترم مشاعرهم»، ولم يستوعب وقتها كلام والدته، لكن حبه لها جعله يحرص هو وشقيقه كل يوم خميس، على حجز تذاكر دخول نادي الصيد أو الجزيزة لأبناء الطباخ والسفرجي والسائق، ليشاركوهما لعب كرة القدم في النادي.
والد زكي فطين عبدالوهاب يحذره من الفن
كانت الحواديت هي وسيلة ليلي مراد لتوجيه وتعليم زكي فطين عبدالوهاب خلال سنواته الأولى، وكانت بالنسبة له شهرزاد التي لا تنضب حكاياتها، كانت تدرك أنه مولود بجينات فنان، لكنها كانت تقول له «أنت محسوك، وعايز كل حاجة مظبوطة، لو اشتغلت في الفن هتتعب»، وكانت تحكي له أن جده طرد والده من البيت حين قرر أن يعمل في الفن، مثلما طرد شقيقه سراج منير الذي ذهب إلى ألمانيا لدراسة الطب، وعاد ليخبره أنه درس التمثيل.
ولم يستوعب «زكي» المغزى من تلك الحكايات إلا حين بلغ عمره 13 سنة، وكان وقتها يحب الموسيقي، وخاصة الدرامز، واعتبره مدرب الموسيقي موهبا في التعامل مع هذه اآلة، وطلب من والده أن يرسله إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة موسيقى الجاز، فكانت النتيجة أن الأب أخفى آلة الدرامز التي احضرها لنجله، وقال له «أوعي تفكر في الفن.. هعمل معاك زي أبويا ما عمل معايا» وطلب منه التركيز في دراسته والحصول على شهادة جامعية، وقتها شعر الابن بالغضب، وتدخلت الأم لتخفف وقع الصدمة، وقالت له «أوعي يا زكي يطلع دمك تقيل زي أبوك، أنا مش عارفه هو بيعمل أفلام كوميدي أزي».
زكي فطين عبدالوهاب يلتحق بمعهد السينما
لم يستطع زكي فطين عبدالوهاب، دخول معهد السينما إلا بعد وفاة والده، والغريب أنه اختار قسم الإخراج، رغم أنه وقتها كان يحب الكتابة، لكن دراسته في هذا القسم، كانت سببا في أن يستعين به المخرج علي بدرخان كمساعد في فيلم «أهل القمة»، فكان أول تعرف بينه وبين السندريللا سعاد حسني، وانجذب إليها، واصبحا صديقين.
وتواصلت مع والدته تلفونيا، وزارتها مرتين في منزلهما، بعدها قرر أن يتزوجها، رغم أنه كان طالبا في الفرقة الثانية بالمعهد، واعترضت والدته على هذا الزواج، قائلة «أنا خايفه عليك يا زكي، هي نجمة وخبراتها في الدنيا أكبر منك، بلاش تدخل تجربة محكوم عليها بالفشل»، وبالفعل تحققت نبوءتها، فمثلما تزوج زكي وسعاد سريعا.. انفصلا بعد أشهر قليلة، ويعترف «زكي»، أن المشكلة كانت في صغر سنه، وقلة خبراته الحياتية في ذلك الوقت.
أول ظهور لزكي فطين عبدالوهاب على شاشة السينما
تخرج زكي فطين عبدالوهاب في معهد السينما قسم إخراج، وسافر إلي الولايات المتحدة الأمريكية، ليبحث لنفسه عن فرصة مميزة في عالم السينما، لكنه عاد بعد عامين عقب مشاركة بسيطة في إخراج فيلمين، ليلتحق بالعمل كمساعد مخرج مع يوسف شاهين، الذي أجبره على تقديم دور أنور وجدي في فيلم «اليوم السادس»، وكان ظهوره في مشهد صامت، لكنه ظهر بعدها في عدة أفلام كممثل.
وزادت مساحات أدواره، لدرجة أنه أصبح البطل في فيلم «مرسيدس» أمام يسرا وإخراج يسري نصر الله عام 1993، وبعدها كتب وأخرج فيلم «رومانتيكا»، ثم رفض العديد من العروض المغرية للتمثيل، لرغبته في التفرغ لمشروع فيلم جديد، لكنه عاد مرة أخرى للمشاركة كممثل في العديد من الأفلام والمسلسلات.