الإفتاء: احتكار السلع والأقوات استغلالا للأزمات حرام شرعا
كل إجراء يؤدي إلى تحقيق الحق والعدل فهو من الشرع
دار الافتاء المصرية
أعلنت دار الإفتاء، أن احتكارُ السِّلَع والأقوات استغلالًا للأزمات عَملٌ مُحَرَّم شرعًا، مؤكدة أن النصوص الشرعية على أَنَّ الاحتكار من أعظم المعاصي، مستشهدة بما روى الإمام مسلم بسنده عن معمر بن عبدالله رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطئ». وفي روايةٍ لمسلمٍ أيضًا: «من احتكر فهو خاطئ».
تحريم الاحتكار
وأكدت «الإفتاء» أن الفقهاء اتفقوا أن الحكمة في تحريم الاحتكار هي رفع الضرر عن عامة الناس؛ ولذلك فقد أجمع العلماء على أنه لو احتكر إنسان شيئًا واضطر الناس إليه، ولم يجدوا غيره أُجبر على بيعه، دفعًا لضرر الناس، وتعاونًا على حصول العيش، قال الإمام النووي رحمه الله: «قال العلماء إن الحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس، كما أجمع العلماء أنه لو كان عند إنسان طعامًا واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره أجبر على بيعه دفعًا لضرر الناس، وتعاونًا على حصول العيش».
طريقة التعامل مع المحتكر
وأوضحت الدار في فتوى عبر موقعها الإلكتروني، أنه يجب إجبار المحتكر على إخراج المادة المخزونة، وطرحها في السوق، لبيعها بالسعر التلقائي الحر الذي كان ساريًا قبل الاحتكار، مع زيادة يتغابن الناس في مثلها عادة؛ إزالةً للظلم عن الناس، وتحقيقًا للربح المعقول للتاجر، توفيقًا وتنسيقًا بين المصلحتين.
قال الإمام الكاساني رحمه الله: «يؤمر المحتكر بالبيع إزالة للظلم، لكن إنما يؤمر ببيع ما فضل عن قوته وقوت أهله، فإن لم يفعل، وأصر على الاحتكار، ورفع إلى الإمام مرة أخرى وهو مصرٌّ عليه فإن الإمام يعظه ويهدده، فإن لم يفعل ورفع إليه مرة ثالثة يحبسه ويعزره؛ زجرًا له عن سوء صنعه، ولا يجبر على البيع».
وعن التعامل مع المحتكر، أكدت دار الإفتاء «أنه إذا أصر المحتكر، تعنتًا أو تمردًا، على الامتناع عن البيع بالسعر التلقائي في السوق الذي يحدده قانون العرض والطلب، تولى الحاكم أو نوابه بيع سلعه نيابة عنه، وبالسعر الذي كان ساريًا قبل الاحتكار عدلًا، حتى لا يُضار هو ولا الناس...، فلا يترك العدل لإرادات الناس إذا تهاونوا في تنفيذ مقتضاه؛ لأن أطراح العدل ظلم محرم شرعًا، وكل إجراء يؤدي إلى تحقيق الحق والعدل فهو من الشرع».
حرمان المحتكر من الربح
ودعت «الإفتاء» إلى حرمان المحتكر من الربح إذا تمرد، وأخذه منه عقوبة ومعاملة له بالنقيض، موضحة أن هذا ضرب من التغريم بالمال عقوبة تعزيرية على معصية الاحتكار، أما المعاملة له بالنقيض، فلأن نيته السيئة في الاستغلال، ونزعته المفرطة في الربح تقتضي ذلك، وهذه العقوبة قررها الفقهاء سياسة؛ إذ لم يرد نص بخصوصها منعًا للاستغلال المحرم، لأنه من الكبائر فهو كالربا، كسب خبيث بالانتظار والتربص.
وأكدت أنه يجب مصادرة الحاكم للمال المحتكر إذا خيف الهلاك على أهل البلد، وتفريقه عليهم إذا اقتضت الضرورة ذلك، والضرورة تقدر بقدرها.