أستغرب تناقل بعض الجمهور على السوشيال ميديا صوراً للازدحام ومشاهد السيارات وأوتوبيسات نقل المصريين فى شوارع القاهرة، فى فترات مضت، وهم يقولون: «كانت أيام جميلة والله»، دون أن يذكّرهم العقل الباطن بالمعاناة المؤلمة التى كان المصريون يعيشونها جرّاء ذلك الزحام، حتى إن غالبية السيارات كانت تميل على أحد جانبيها وهى تسير، فى مشاهد تضرب فى الصميم قواعد السلامة.
فلم يتذكّروا تلك المعاناة التى كانت حاصلة وقتها جرّاء الشلل المرورى الحاصل بالشوارع وقتها، لقد كانت معاناة الناس فى التنقل بين أحياء العاصمة فى أوقات مختلفة من النهار قدَراً لا يتوقعون الإفلات منه إلا بمعجزة فى زمن انتهت فيه المعجزات..!
حتى من كانوا يستمعون إلى حديث الرئيس السيسى فى 2014 وهو يعلن انطلاق «المشروع القومى للطرق»، ضمن برنامجه الانتخابى، والذى يستهدف إنشاء طرق جديدة بأطوال 3300 كم، كانوا يستغربون ضخامة الأرقام، كانوا يأملون، لكنهم فى الحقيقة كانوا يعجزون عن تخيّل ما إذا كان ذلك سيتحقق فعلاً أم مجرد أوهام انتخابية.
ليتحقق، بفضل الله وإصرار الرئيس، أكثر من ضعف هذا الرقم، أكثر من 7 آلاف كيلومتر تمت إضافتها للطرق، أصبحت معها مصر.. مصر جديدة بحق، مصر لا يضيع نصف يوم شعبها فى المواصلات كل نهار.
واستطاعت وزارة النقل، ممثلة فى الهيئة العامة للطرق والكبارى، مع وزارة الإسكان، ممثلة فى الجهاز المركزى للتعمير، جنباً إلى جنب وتحت إشراف القوات المسلحة، تنفيذ ذلك الحلم المستحيل. كان رئيس الجمهورية يتابع بنفسه مراحل تمويل المشروع ومتابعة تنفيذه وإبداء ملاحظاته وتوصياته فى جولاته على مناطق مختلفة بالمشروع فى الصباح الباكر، ليُشرف بنفسه على حل كافة العقبات التى تواجه تنفيذ هذا المشروع القومى العظيم.
الآن، فإن المشروع هو من أعظم الإنجازات التى تحققت فى تاريخ مصر، بما أصبح له من أثر على تحقيق التنمية المستدامة عن طريق تكامل شبكات الطرق مع شبكات السكك الحديدية والنقل النهرى والموانئ البحرية والجافة فى أربعة أنحاء البلاد، بما أفضى إلى إنشاء المناطق اللوجيستية وتوسيع الرقعة السكانية والتنموية لمصر.
الخروج من الوادى الضيق الذى بقينا فيه لأكثر من 7 آلاف عام، أصبح الآن سهلاً بإنشاء وتطوير المحاور الطولية على ساحل البحر الأحمر والصحراوى الغربى الممتد من القاهرة حتى أسوان، أصبح التمدد العمرانى ممكناً عبر هذه الشبكة من الطرق التى تصل ما بين المدن العمرانية الجديدة الجاذبة لفرص العمل والسكن والإقامة.
ويمر اليوم تلو اليوم والشهر تلو الشهر فى تطور مستمر لشبكة الطرق بطول البلاد وعرضها، طرق فى الإسكندرية، وطرق فى الصعيد، والدلتا، محاور هنا، ومعابر هناك، وأنفاق جبّارة تحت قناة السويس بمثابة أوردة توثق ارتباط سيناء بجسم الوطن، الحديث فى ذلك يحتاج إلى كتب ومطولات.
أكثر من 7 آلاف كيلومتر من الطرق الحديثة نفذتها مصر خلال الفترة من 2014 وحتى الآن ضمن المشروع القومى للطرق، بتكلفة تصل إلى 200 مليار جنيه، ليصل إجمالى شبكة الطرق الرئيسية فى مصر إلى 30 ألف كيلومتر، قفزت بمصر فى التصنيف العالمى لجودة الطرق 90 مركزاً، من المركز 113 إلى المركز رقم 28 عالمياً على المؤشر.
ما انعكس على البيئة بشكل واضح، وأدى خلق طرق جديدة لتقليل الازدحام وتقليل انبعاثات عوادم السيارات، وتقليل استهلاك الوقود، وتوفير خدمة جيدة للمواطن وحل مشكلات التكدس المرورى واختصار المسافة والوقت والجهد الثقيل، علينا عندما نقول «كانت أيام جميلة» أن نستذكر أيضاً تلك المعاناة التى كانت فى هذا الزمن «الجميل».