سيظل عيد الشرطة رمزاً للبطولة والفداء، وسيظل صمود وبسالة رجال الشرطة أمام جحافل الجيش الإنجليزى فى موقعة بلوكات الأمن بالإسماعيلية فى 25 يناير 1952 رمزاً للعزة والكرامة حين دافع أبطال الشرطة البواسل عن كرامة وعزة بلادهم وقدّموا حياتهم ثمناً غالياً من أجل كبرياء مصر الوطنى، إدراكاً منهم أن حماية أمن الوطن ومقدّراته غاية لا تسمو فوقها غاية.
بالأمس تابعنا جميعاً حديث المصارحة والمكاشفة للرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الاحتفال بالذكرى 72 لعيد الشرطة والذى بعث خلاله بالعديد من الرسائل للداخل والخارج.. كلمة ارتجالية نابعة من القلب مسّت قلب وروح كل المصريين ورسائل جاءت فى الوقت المناسب لتضع النقاط فوق الحروف، وأكدت أن الدولة تتحرك على كافة الاتجاهات لحل مختلف القضايا والمشكلات واضعة نصب عينيها المواطن المصرى البسيط والحفاظ على أمن مصر واستقرارها وسط عالم ملتهب ومنطقة مستعرة تموج بالصراعات والحروب.
بعث رسائل طمأنة للمصريين، مؤكداً أنه يقدّر حجم المعاناة التى يعيشها الشعب المصرى ويقدّر صلابة المصريين فى مواجهة هذه الأزمة فى ظل هذه الأوضاع والتوترات التى تشهدها المنطقة، معرباً عن تقديره وامتنانه لصمود الشعب فى مواجهة الأزمات الاقتصادية التى زادت حدتها فى أعقاب جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية حتى وصلنا إلى الحرب فى غزة.
حديث الأرقام كان خطيراً فى حوار الرئيس عن الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية والتى تعود إلى أحداث 25 يناير عام 2011 وتبعاتها.. أكد الرئيس أن الدولة فقدت أكثر من 450 مليار دولار خلال أحداث 25 يناير، وكذلك التكلفة الباهظة لمكافحة الإرهاب خلال السنوات الماضية والتى بلغت أكثر من 120 مليار جنيه مصرى، حيث كانت الدولة تنفق مليار جنيه يومياً خلال حربها على الإرهاب على مدى 10 سنوات، وهى الحرب التى بلغ عدد الشهداء الذين سقطوا خلالها منذ عام 2013 وحتى الآن 3277 شهيداً، إضافة إلى 12 ألفاً و280 مصاباً.. وقال إن التكلفة المالية الكبيرة للحرب على الإرهاب شكّلت ضغطاً على موارد الدولة.
وقال أيضاً: «إحنا دولة مش غنية ومواردنا ماتستحملش صدمات زى دى، ومعندناش موارد تُهدَر بالطريقة دى»، خصوصاً أن عدد سكان مصر زاد 26 مليون مواطن وهؤلاء لهم متطلبات واحتياجات، حيث يبلغ تعداد سكان مصر الآن 106 ملايين مواطن، لكنه أردف قائلاً: «كل حاجة تهون إلا بلدنا».. الرئيس أشار إلى أن الدولة تشترى سلعاً أساسية ووقوداً بثلاثة مليارات دولار شهرياً.
الرئيس حذر من مخاطر عدم الاستقرار فى المنطقة، وضرورة منع اتساع الحرب فيها، مجدداً موقف مصر التى كانت أولى الدول الداعية إلى التوصل لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وما زالت تكثف جهودها من أجل وقف إطلاق النار واحتواء الموقف الصعب فى قطاع غزة للدخول إلى مرحلة جديدة من إعادة الإعمار بعد توقف الحرب.
وأكد أن مصر ليس من مصلحتها أن تدخل أى من دول المنطقة فى حالة اقتتال، سواء فى ليبيا أو السودان أو أى منطقة أخرى، وقال إن مصر تحرص على بذل كل جهد ممكن من أجل «إطفاء الحرائق» وليس «إشعالها».
الرئيس نبّه إلى أن الوضع الراهن فى المنطقة منذ أربعة شهور أنهك الجميع، حيث كانت الحرب قاسية، وأن مصر قامت بإرسال عدة رسائل لجميع الأطراف لعدم خروج الأمور عن السيطرة.. وقال: يجب ألا يزايد أحد على الدور المصرى تجاه القضية الفلسطينية التى قدمت مصر من أجلها أكثر من 100 ألف شهيد خلال عدة حروب خاضتها من أجل فلسطين، وقال إن مصر ستواصل دائماً الوقوف بجانب أشقائها فى فلسطين وستواصل دورها حتى ينال الشعب الفلسطينى حقوقه.
وبالنسبة للصومال، أوضح الرئيس أن مصر أكدت أنها مع أى عمل دبلوماسى واتفاق يجرى بين إثيوبيا ودول الجوار، الصومال وإريتريا وجيبوتى وكينيا، لا سيما أن هذه الدول لها موانئ، سواء على المحيط أو على البحر الأحمر، وبالتالى تستطيع إثيوبيا -عبر اتفاقات مع هذه الدول- أن تصدّر وتستورد ما تريد.
الرئيس السيسى أكد أن منطقتنا تواجه تحديات غير مسبوقة، وتواجه مصر فيها واقعاً إقليمياً خطيراً يتشابك مع ظروف دولية لم يشهدها العالم منذ عقود طويلة.
الرئيس أكد أنه لا توجد دولة فى العالم حدودها ملتهبة مثل مصر، وقال إن مصر كانت وما زالت القوة الفاعلة فى الشرق الأوسط، وإن فلسطين هى القضية الأولى لمصر، وإذا أراد العالم السلام عليه حل القضية الفلسطينية.
ووجّه الرئيس رسالة للشعب المصرى وللعالم بأن مصر لم تغلق المعابر لكن إسرائيل رفضت دخول المساعدات وقصفت المعبر ٤ مرات وعطلت وتعطل دخول المساعدات بحجج واهية وعمليات التفتيش بعد إدخال قوافل المساعدات الإنسانية إلى معبر كرم أبوسالم الذى تسيطر عليه إسرائيل.. الرئيس نفى المزاعم الإسرائيلية وأكد أن معبر رفح مفتوح على مدى ٢٤ ساعة، لكن إسرائيل تعرقل دخول المساعدات كوسيلة من أشكال الضغط الذى تمارسه على قطاع غزة من أجل تهجيرهم وتوطينهم فى سيناء، وهو الأمر الذى رفضته مصر رفضاً قاطعاً واعتبرته «خطاً أحمر».. وقال الرئيس وهو فى غاية التأثر: هروح من ربنا فين لو قفلنا معبر رفح فى وجه مساعدات غزة؟
الرئيس ركز على ضرورة حل مشكلة الدولار من خلال زيادة موارده.
الرئيس وجّه حديثه للشعب المصرى وقال: «مصر أمانة فى أعناقنا جميعاً ويجب علينا جميعاً الحفاظ عليها وعلى أمنها واستقرارها»، وقال: نحن حريصون على ضبط الأسواق، وستبقى مصر قوية بسواعد أبنائها، مشيراً إلى أن الله أراد لهذا الجيل فى مصر أن يحمل الوطن على كتفيه يعبر به جبالاً من الصعاب.
الرئيس وجَّه التهنئة لهيئة الشرطة وأشاد بدورها البطولى فى حماية المواطنين، وقال إن ذكرى عيد الشرطة تحولت إلى طاقة تحدٍّ تسرى فى شرايين الوطن، وأشار إلى أن عيد الشرطة يأتى فى وقت تواجه فيه مصر واقعاً إقليمياً خطيراً.
وقال إن الدولة بكل أجهزتها تعمل على تحقيق الأمن بمفهومه الشامل، مشيراً إلى أن أى صعوبات ستمر طالما كنا على قلب رجل واحد.
أكد أيضاً أن مصر قادرة على الحفاظ على كل قطعة من أراضيها، وقال إن ما حدث خلال أحداث 25 يناير 2011 كان هدفه كسر الجيش والشرطة حتى استطعنا القضاء على موجة الإرهاب بنسبة تقترب من 100%، ويجب ألا ننسى ما دفعناه من ثمن لحماية البلد، مشيراً إلى أن أبطال الشرطة قاموا بحماية مصر من قوى الشر.
الرئيس أشار إلى أن هناك دائماً محاولات لتضليل المواطنين، لكنه يثق فى وعى الشعب المصرى.
وفى نهاية حديثه طمأن الرئيس الشعب المصرى بأن مصر ستعبر هذه المرحلة الصعبة من التقلبات السياسية والأمنية والاقتصادية بسلام.
أتوجه بخالص التهانى لرجال الشرطة الأبطال فى عيدهم، وكل الاحترام والتقدير لوزير الداخلية الخلوق اللواء محمود توفيق الذى يعمل فى صمت وحقق نجاحات أمنية كبيرة، كما حقق نهضة عصرية فى تحديث وتطوير جهاز الشرطة لمواكبة جرائم العصر وضبط الجرائم الإلكترونية، وحقق نجاحات كبيرة يشعر بها القاصى والدانى، ويكفى أنه أحبط محاولات إحياء وتشكيل 129 بؤرة إرهابية بعد أن نجحت مصر فى القضاء على الإرهاب.. حفظ الله مصر ورئيسها وجيشها وشرطتها العيون الساهرة على حماية أمن الوطن.