قالها الإمام الشافعى قبل أكثر من (1200 عام): «ما حك جلدك مثل ظفرك، فتولَّ أنت جميع أمـرك، وإذا قصـدت لحاجـةٍ فاقصد لمعترفٍ بقدرك».
وددت لو تصدرت تلك الحكمة بوابة «قصر الصخير» فى «المنامة» عاصمة البحرين، التى استضافت القمة العربية الثالثة والثلاثين.
القمة تنعقد فى ظرف استثنائى بالغ الدقة والحرج، تواجه فيه الأمة العربية خطر اندلاع حرب إقليمية تهدد بقاءها، كما تواجه عدواً تملَّكه غرور القوة، ومدعوماً بقوى استعمارية لا تحيا إلا بتجارة السلاح والأرواح، ولا تريد لنا إلا أن نحيا وكأننا فوق فوهة برميل بارود على وشك الانفجار.
ما تفعله إسرائيل فى غزة، ومقتل أكثر من 35 ألف فلسطينى، بالإضافة لأكثر من 100 ألف من الجرحى والمصابين، أمام العالم كله المتراوح بين التواطؤ والعجز، لا يستأهل من القمة إلا الخروج بقرارات حاسمة، وليس مجرد توصيات يؤخذ بها أو لا يؤخذ، ولا تسمن أو تغنى من جوع.
قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته أمام القمة: «على جميع الأطراف المعنية الاختيار بين مسار السلام والاستقرار والأمل، أو مسار الفوضى والدمار الذى يدفع إليه التصعيد العسكرى (الإسرائيلى) المتواصل فى غزة».
وما أشار إليه الرئيس من عدم وجود إرادة دولية لإنهاء الاحتلال، ومعالجة جذور الصراع عبر حل الدولتين، هو حقيقة دامغة لا تقبل الشك أو التأويل.
الدور المصرى فى مواجهة الصلف الإسرائيلى مشهود، وهو بلا شك مدعاة للفخر، لكننا لا نتمنى استمرار الوضع هكذا، والتضامن العربى مطلوب، وحيثيات الإعلان عن الغضب حاضرة، وضمير الأحرار فى العالم ينتظر الفعل من أصحاب القضية أولاً، وجلدنا لن تحكه إلا أظافرنا.
المطالب واضحة كالشمس، أولها إيقاف العدوان الإسرائيلى الهمجى على غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية لأهالى القطاع المحاصرين، ورفض تصفية القضية الفلسطينية، ورفض تهجير الفلسطينيين قسرياً أو طوعياً، وحصول الفلسطينيين على حقهم فى إعلان دولتهم المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، طبقاً لقرارات الشرعية الدولية.
قالتها مصر على لسان رئيسها: «إن ثقة جميع شعوب العالم فى عدالة النظام الدولى تتعرض لاختبار لا مثيل له».
والمؤكد أن ثقة الشعوب العربية فى قدرة قادتها على التضامن تتعرض أيضاً للاختبار، وهذا الوضع الحرج لا يترك لنا (كعرب) مجالاً إلا لأن نضع أيدينا معاً لننقذ المستقبل قبل فوات الأوان.
القمة العربية الـ(33) فى هذه الدورة تمثل أهمية كبيرة من حيث التوقيت الاستثنائى والمخرجات المتوقعة منها، خاصة المتعلقة بقضية فلسطين المركزية، وبلورة موقف عربى موحد فى مواجهة العدوان الإسرائيلى الهمجى غير المبرر وغير المسبوق فى تاريخ الصراع يجب أن تتصدر كل النتائج المأمولة من القمة.