الصراع فى الشرق الأوسط مستمر منذ قرون طويلة. هذه المنطقة قلب الأرض ومركزها النابض بالحضارة والثقافة والأديان والثروات. على أرض المنطقة شيدت الحضارات ودارت الحروب التى سجلها التاريخ بتفاصيلها وصارت مرجعاً لمراحل مفصلية فى تاريخ البشرية. والحرب على غزة حرف فى كتاب كبير لكنها حرب ستغير معانى وتعدل اتجاهات فى النظام العالمى.تلعب القوى الكبرى الدور الأكثر تأثيراً فى توجيه حركة التاريخ، لكن القوى المستضعفة قادرة أيضاً على تعديل المسارات والتأثير فى كتابة صفحاته بالشكل الذى تحدده إرادتها وقدرتها. وسوف تكون غزة قائدة للشعب الفلسطينى فى هذا المجال حتى لو دمرت إسرائيل كل طوبة وحصاة فيها، فإرادة الفلسطينيين أقوى من أسلحة الكيان الصهيونى وأقوى من المؤامرات الأمريكية والأوروبية التى كشفت حرب غزة مدى زيف مبادئها وانحطاط أخلاقها بعدما فرقت بين الدم الفلسطينى والدم الأوروبى فى أوكرانيا.لا تزال فيتنام محطة مهمة للغاية فى إثبات جدارة الشعوب فى نيل حريتها وحماية عزتها ووطنها، بعدما مرغت فى التراب الصلف الأمريكى، وهى الدولة الفقيرة التى لم تكن تملك مثقال ذرة مما تملكه أمريكا العتية. ولا تزال أمريكا هى نفسها بنفس روح إدارتها ولاعبى السياسة فيها لم يتغيروا إلا فى شكلهم الخارجى يمارسون السياسة الدنيئة ضد الشعوب المستضعفة التى تناضل من أجل وطنها وحريتها.منذ أيام شاهدت فيلم «The Post» عن قصة جريدة واشنطن بوست مع الرئيس الأمريكى نيكسون، الذى كان يعلم بهزيمة جيشه فى فيتنام ومع ذلك يرسل الشبان الأمريكيين للقتال هناك، وهو يعلم أن غالبيتهم سيعودون فى أكياس بلاستيكية. اكتشف أحد الصحفيين بجريدة نيويورك تايمز مدى الخسة التى يمارسها نيكسون تجاه بنى وطنه، ولما أراد النشر حاصر نيكسون الجريدة قضائياً، فقام الصحفى بتسريب الأوراق التى كتبها روبرت ماكنمارا، وزير الدفاع وقتها، عن خفايا حرب فيتنام إلى جريدة واشنطن بوست، التى قامت بشجاعة بالنشر الذى كشف ما يخفيه نيكسون.أحب مشاهدة هذا الفيلم الذى يذكرنا بأن الإدارة الأمريكية ارتكبت ضد العالم بتجرد من أى إنسانية كل الموبقات وهى لا تنفك تمارس ذلك حتى الآن.
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلى.