«التنظيم والإدارة»: الحكومات المتعاقبة «فشلت» فى محاربة «الفساد»
«التنظيم والإدارة»: الحكومات المتعاقبة «فشلت» فى محاربة «الفساد»
وزير الزراعة السابق أثناء ضبطه لاتهامه فى قضية فساد
حصلت «الوطن» على نسخة من دراسة حديثة أعدها الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة لعام 2015 تعترف بـ«فشل الجهات الحكومية على مدار السنوات الماضية، وحتى قبل اعتماد قانون الخدمة المدنية الجديد فى محاربة الفساد بجميع أشكاله وصوره من رشاوى ومخالفات مالية وإدارية وبيروقراطية تسببت فى غياب العدالة الاجتماعية، وانعدام الشفافية وتعطل مصالح المواطنين، ما كان له أكبر الأثر فى قيام ثورة 25 يناير».
وذكرت الدراسة التى تقع فى 126 ورقة أن «عدم استقرار النظام السياسى وقصر مدة حكم القياديين من وزراء ومديرى عموم المؤسسات والهيئات والمصالح وغيرها، من الأسباب الرئيسية لفشل الجهاز الإدارى للدولة، وانتشار الرشوة والمحسوبية»، مشيرة إلى أن «غياب الاستقرار السياسى يؤدى إلى عدم تنفيذ الخطط الشاملة للإصلاح الإدارى، ففى الوقت الذى يقوم فيه وزير معين بعمل بعض الإصلاحات الأساسية والتوجهات التخطيطية للنهوض بالجهاز الإدارى يتم تعيين وزير آخر بدلاً منه قد لا يقبل بالاستمرار فى تنفيذ سياسة الوزير السابق لاعتبارات شخصية أو موضوعية».
الفساد الإدارى تسبب فى انتشار الرشاوى وغياب العدالة الاجتماعية وانعدام الشفافية
وأوضحت الدراسة أن «اختلاف الأيديولوجيا التى يعتنقها النظام السياسى يؤثر سلباً على طريقة العمل تجاه بعض المشكلات، ومن ذلك البطالة وانخفاض معدلات الأجور مقارنة بالأسعار وتقادم بعض القوانين، مثل قانون نظام العاملين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 الذى سيتم إلغاؤه بعد اعتماد قانون الخدمة المدنية الجديد»، منوهة بأن «انغماس بعض القيادات الإدارية فى مشكلات تنفيذية وأعمال روتينية تبعدها عن نشاطها الأساسى، وهو التخطيط ورسم السياسات العامة للتنمية، يعد من أهم معوقات تطوير الجهاز الإدارى للدولة وهو ما يؤثر سلباً على تقديم وتسهيل الخدمات المقدَّمة للمواطنين».
ولفتت الدراسة إلى أن «غياب الديمقراطية والرقابة الداخلية فى أجهزة الدولة والمركزية الشديدة يعد ناقوساً لانتشار أمراض البيروقراطية التى يترتب عليها نتائج سلبية فى مقدمتها الترهل فى الجهاز الإدارى وتدهور أدائه فى تقديم الخدمات للمواطنين»، مؤكدة أن «ضعف أجور العاملين بالدولة والحوافز والعدالة المفقودة وتفاوت الأجور بين الأجهزة التابعة له تؤدى إلى ظواهر سلبية متعددة تنعكس كلها على تقديم الخدمات للمواطنين وتعطيل إنهاء مصالحهم فى المؤسسات والجهات الحكومية، كما أن التعقيدات الإدارية والروتين وبطء الإجراءات تؤدى إلى هروب المستثمرين أو لجوئهم إلى طرق غير مشروعة من كل أنواع الفساد لإنجاز هذه الإجراءات بشكل أسرع».
وأشار الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة فى دراسته إلى أن «التداخل بين الأحزاب السياسية والإدارية وتأثير العوامل السياسية على الإدارة، من حيث تعيين أشخاص فى مناصب حيوية دون توافر الكفاءة والخبرة اللازمة لتحقيق النمو والتطوير، من أخطر المشكلات، كما كان يحدث مع الحزب (الوطنى) الذى تغلغل رجاله فى الجهاز الإدارى للدولة».
وذكرت الدراسة أن «إسناد الوظائف القيادية إلى قيادات وشخصيات ليس لديها القدرة على التطوير وتنظيم العملية الإدارية ومراجعة وإعادة تنظيم وإطلاع القيادة الإدارية العليا على المنجزات العلمية وغياب الشفافية، ينعكس بالسلب على الجهاز الإدارى ونشاطه وفاعليته». واعترفت الدراسة بأن «التعجل فى عمليات الإصلاح المتتالية عقب ثورة 25 يناير أدى إلى إصدار تشريعات وقوانين غامضة يشوبها سوء الصياغة مما مكن الموظفين من استخدامها فى التلاعب بأصحاب الحاجات وابتزازهم، حيث يوجد لدى الموظف المشكلة والحل فى نفس الوقت، فيرفض الطلبات المقدمة للحصول على الخدمة ويستطيع أن يقدم الحل إذا حصل على الترضية المناسبة، وبالتالى نتج عن تعدد القوانين وغموضها تأخر إجراءات الحصول على الموافقات المطلوبة، فضلاً عن قصور فى التشريعات والنصوص الحالية فى معالجة الأوضاع المستحدثة فى المجتمع المصرى خاصة بعد ثورة 25 يناير حيث تم تعيين أوائل الخريجين على مستوى الجامعات وحملة الماجستير والدكتوراه ما ترتب عليه زيادة العبء الملقى على عاتق الجهاز من حيث كم المشكلات والأعباء المطلوب حلها تشريعياً وتنظيمياً».
وأكدت الدراسة أن «الجهاز الإدارى للدولة بجميع قطاعاته اتسم بوجود لوائح مطاطة وثغرات قانونية شجعت الموظفين على قبول الترضيات والإكراميات لإنجاز مصالح المواطنين، كما أن التسيب الإدارى سمة سائدة يجب التخلص منها، ومن أهم مظاهره عدم وضع الموظف المناسب فى المكان المناسب، لأن ذلك ارتبط بالتعيين، فضلاً عن أن المركزية الشديدة التى يعتمد عليها النظام السياسى للدولة أدت إلى عدم التفويض فى الاختصاصات والصلاحيات لقيادات الصف الثانى، وزيادة الأعباء على المديرين من خلال سوء توزيع الأعمال داخل الأجهزة والقطاعات المختلفة».