مزلقان أرض اللواء.. حين يجتمع "الأهل والعشيرة" لتأييد الدستور كل موسم سياسي
عشرات الرجال والسيدات يقفون على جانبي الطريق المجاور لمزلقان أرض اللواء. تقترب منهم لتعرف هويتهم فتجد بعضهم يوزع نسخا من الدستور الجديد على أهالي المنطقة بالمجان، والبعض الآخر يقف مع مجموعة من الرجال والشباب ليشرح له الدستور ويدعوه للتصويت بـ"نعم"، لكن عجوزا عمره بين الـ60 والـ70 يكسر النظام بكلمات بسيطة: "همَّا دول الإخوان.. لا نراهم إلا في الانتخابات".[Quote_1]
سيدات وبنات محجبات ومنتقبات يقفن مع نساء أرض اللواء، في حديث مطول عن الدستور لإقناعهن بالتصويت بـ"نعم". تقترب منهن قليلا فيخفين ما بأيديهن من أوراق ويصمتن عن الكلام، وهو المشهد الذي تكرر في نفس المنطقة منذ ما يقرب من ستة أشهر، قبل جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية بين مرشح حزب الحرية والعدالة والرئيس الحالي، محمد مرسي، والمرشح المنافس أحمد شفيق، حين اصطف الإخوان والسلفيون معا لإقناع أهالي المنطقة بانتخاب مرسي؛ حتى "تحقق الثورة أهدافها" و"يجد الشعب العيش الكريم والعدالة الاجتماعية".
شاشات عرض في المنطقة، تشاهد عليها الشيخ خالد عبدالله بِطَلَّتِهِ المعروفة، يدعو للتصويت بـ"نعم" ويسخر من الدعاة للتصويت بـ"لا" من "العلمانيين" و"الليبراليين". بعده تشاهد إعلانات قناة "مصر 25" المملوكة لرجال أعمال ينتمون للجماعة، يظهر فيها أعضاء الجمعية التأسيسية وشخصيات إخوانية، منهم لاعبي كرة وقانونيين، يدعون للتصويت بـ"نعم"، تتبعها وصلات تأييد وفتاوى أخرى من قنوات "الناس" و"الحافظ"، تدعو لـ"نعم" للدستور، الذي سيعطي الاستقرار للأمة ويحل مشاكلها وينظف المجتمع من الآفات وأعداء الدين.[Quote_2]
أغانٍ وأناشيد دينية في الفواصل بين كل فتوى وأخرى. العمل مستمر من شباب وفتيات الجماعة مع المارة. بعضهم يقف للاستماع وآخرون ينصرفون بعيدا بمجرد أن يحسون باتجاه أحد أعضاء الإخوان ناحيتهم، ويشيرون رافضين الاستماع. خلال الحلقات النقاشية تجد كل اثنين أو ثلاثة من المواطنين يحيط بهم عشرة من أنصار الجماعة. يبدأون النقاش بعبارات مثل "إن شاء الله هنقول نعم" أو "عندك حق يا أخي"، وغيرها من عبارات الضغط على المواطنين التي توحي بأن الكل يؤيد الدستور. يعتمدون أسلوب التشويش على أي شخص يحاول أن يبدي اعتراضه حتى يتم إقصاءه خارج محيط المنطقة.
المشهد الذي استمر طيلة الأسبوع الماضي، في نفس التوقيت بعد الانتهاء من صلاة العشاء، تخلله وجود بعض النشطاء المعارضين للدستور. على حافة المزلقان تقف بعض الفتيات تتراوح أعمارهن بين 20 و25 عاما. غير مرحبٍ بهم وسط المنطقة الممتلئة بالملتحين والمنتقبات والمحجبات، فهن لا يرتدين الحجاب. يحاولن توزيع منشورات تحمل عنوان "لا للدستور المسلوق"، فيها تبريرات رفض مواد الدستور الجديد وبيان بأرقام المواد المرفوضة، ليقرأها المواطن بنفسه ويتأكد.
الفتيات تحت حصار أنصار الدستور. منزويات بعيدا يوزعن الوريقات بحذر خوفا من أي اعتداء أو اشتباك. يدخل أحد الملتحين إلى الكادر. يقف ليشوش على عملهن ويحاول منع الناس من الحصول على الرأي المعارض. يحول بينهن وبين المواطن. يقول لمن يحاول أن يحصل على المنشور: "انتظر يا أخ لمَّا نعرف بيعموا إيه.. استهدى بالله". حصار استمر لأكثر من الساعة، اضطرت الفتيات بعدها للانصراف تجنبا لحدوث أي مصادمات.
تعود منطقة أرض اللواء إلى حوزة أنصار "الدستور" و"الشرعية" و"الشريعة" و"الاستقرار". يستمر أعضاء الجماعة في توزيع نسخ الدستور، وتستمر النساء في إيقاف كل سيدة بعبارة "قولي نعم للاستقرار". أسر كاملة من الإخوان والسلفيين تجتمع وتحتشد مع القرار والتأييد، حتى قبل ساعات من فتح باب إبداء الرأي في أول دستور لمصر بعد الثورة. انشقت الصفوف حوله، وينتظر الصندوق الرأي فيه.. ويظل أهالي أرض اللواء في انتظار موعد حدث سياسي جديد، يطل فيه تيار الإسلام السياسي عليهم من نافذة التأييد.