اشتباكات سميراميس: الأمن يدفع بعناصر مدنية.. و«البلاك بلوك» ترد بتشكيلات نظامية
ظلام دامس، يشقه ضوء الليزر الأخضر المصوب تجاه قوات الأمن، اشتعال زجاجات المولوتوف الحارقة يضىء المكان لبرهة، حتى تطفئها مياه الأمطار المتساقطة، برودة الجو تتغلب عليها سخونة الاشتباكات الدامية، الحجارة وقنابل المولوتوف تواجه قنابل الغاز الخانق، الذى لم يتأثر مفعوله بسوء الأحوال الجوية. فى هذه الأجواء تدور الاشتباكات الدامية بين أصحاب الزى الأسود والقناع الأسود على كورنيش النيل أمام فندق سميراميس الذى تحول إلى ساحة حرب لليلة الثالثة على التوالى، ضمن مواجهات العنف المستمرة على مدار الليالى السبع الماضية، فى ذكرى الثورة الثانية فى محيط ميدان التحرير، حيث شهد مدخل ميدان التحرير من ناحية كوبرى قصر النيل، عودة الاشتباكات بعد هدوء دام طوال ساعات النهار، ليعود العنف مجددا، حيث قام بعض المتظاهرين بإلقاء زجاجة مولوتوف على قوات الشرطة التى تقبع أمام فندق سميراميس، وهو ما ردت عليه قوات الأمن بسيل من قذائف قنابل الغاز المسيل للدموع، ليتبادل الطرفان الهجوم كل بما لديه من أسلحة.
تتمركز قوات الأمن أمام فندق سميراميس، لكى تتمكن كما يؤكد أحد أفرادها من حماية مبنى الفندق الذى تعرض للجهوم ثلاث مرات خلال ساعات الليل فى اليومين الماضيين، متخذة من موقعها منصة لإطلاق قنابل الغاز، وتتقدم بمدرعتها إلى الأمام قليلاً، وتعود لتستقر إلى مكانها من جديد. وفى المقابل يصطف المتظاهرون المدعومون من قبل عناصر «البلاك بلوك» على مدخل ميدان التحرير من ناحية كوبرى قصر النيل، مهاجمين قوات الأمن بالمولوتوف والحجارة.
الفر هو وسيلة «البلاك بلوك» الوحيدة للتغلب على كثافة الدخان الخانق الناتج عن سيل قنابل الغاز المتدفقة من رجال الأمن لتقهقر أصحاب القناع الأسود ومن معهم إلى الميدان، بينما الكر هو الاستراتيجية التى يستخدمها عناصر «البلاك بوك» لتحقيق تقدم على الأرض يجبر قوات الأمن على التراجع إلى الخلف، مستخدمين قنابل المولوتوف والحجارة والشماريخ والألعاب النارية.
وفى المقابل استخدمت قوات الأمن استراتيجيات جديدة فى مواجهة المتظاهرين، حيث قامت مجموعة من قوات الشرطة يرتدون الزى المدنى، بالانتشار وسط المتظاهرين فى موقع الاشتباكات، للتعرف على العناصر المندسة التى تطلق النار على المتظاهرين وإلقاء القبض عليها من خلال كمين يقع فيه هؤلاء دون أن يشعروا، فبمجرد تحديد هذه العناصر تتقدم قوات الأمن تجاهها بمساعدة عناصرها الموجودة وسط المتظاهرين.
وظهر ذلك أثناء قيام بعض الملثمين المجهولين بإطلاق عدة أعيرة من الخرطوش على المتظاهرين فوق كوبرى قصر النيل، وتصدى لهم المتظاهرون بإلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف عليهم، ومع تزايد حدة الاشتباكات بين الطرفين، قامت قوات الأمن بإطلاق عدة قنابل مسيلة للدموع لفض الاشتباكات وتمكنت من إلقاء القبض على اثنين منهم بمساعدة عناصرها التى ترتدى الزى المدنى، بينما تمكن الآخرون من الفرار.
تزايدت حدة الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين فى الساعات الأولى من صباح أمس، حتى وصلت الاشتباكات إلى ميدان سيمون بوليفار، كثفت قوات الأمن من إطلاق العديد من القنابل المسيلة للدموع، أمام كورنيش النيل، فى حين استمر المتظاهرون فى رشق قوات الأمن بالحجارة وزجاجات المولوتوف، لتجبر الأمطار الغزيرة المصحوبة بموجة هواء باردة الطرفين على فض الاشتباكات، حيث تراجع المتظاهرون فى الثالثة فجرا إلى ميدان التحرير الذى لجأ إليه المعتصمون، الذين تجمعوا فى الخيام المكسوة بطبقة بلاستيكية عازلة، واحتمت قوات الأمن التى توقفت عن إطلاق القنابل المسيلة للدموع من مياه الأمطار باللجوء إلى مدخل فندق سميراميس. ونجحت الأمطار فى وقف الاشتباكات الدامية التى استمرت خلال ثلثى ليلة أمس الأول، ليترك الطرفان ساحة الحرب، تملؤها مخلفات المعركة، بقايا زجاجات المولوتوف والحجارة وفوارغ قنابل الغاز والخرطوش ورماد إطارات السيارات التى تمكنت مياه الأمطار من إخماد نارها المشتعلة.