أستاذ الأدب الإنجليزي بـ"الألسن": الطلاب يكتبون "لاكن" بدلا من "لكن"
أماني توما
"يا هناه يا هناه اللي يتعلم عندنا"، كلمات ساخرة رددها الفنان "حمزة نمرة"، يصف بها حال التعليم في مصر، ابتداء من المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية ليدخل الطالب الجامعة حاملا ثقافة الحفظ والتلقين، راغبًا في الحصول على شهادة جامعية دون أن يصبح جديرًا بها.
"مازال الطلاب المتفوقين الملتحقين بكليات القمة، وعلى رأسها كلية الألسن، يكتبون عبارات لا تخلو من أخطاء إملائية ونحوية سواء في لغتهم الأم أو اللغة الإنجليزية، هذا ما قالته دكتور "أماني توما"، أستاذ الأدب الإنجليزي بكلية الألسن جامعة عين شمس، في حديثها عن تخرج جيل كل عام من المترجمين والعاملين بمجال اللغة في الشركات والمكاتب والمؤسسات الكبرى، ليرتكبوا أخطاء لغوية لا تغفر.
وأكدت "توما" لـ"الوطن"، أن منظومة التعليم تحتاج إلى عملية تطهير كاملة، حيث يصل الطالب المتفوق الحاصل على أكثر من 95% إلى كلية الألسن ويكتب مثلًا كلمة "لاكن" بدلا من "لكن" في امتحان الترجمة من الإنجليزية إلى العربية، في حين لم تسلم اللغة الإنجليزية من بعض الاختصارات في مادة المقال، فيستخدم الطلبة لغة "الفرانكو" باعتبارها "موضة" لابد أن يحيط الأستاذ بها علما، وتتحول جملة "for you" إلى "4 u "، وتتشوه "Happiness" لتصبح "Happyness".
دخلت هذه الكارثة إلى صفوف مدرجات الألسن، وظهرت في أوراق الامتحانات ابتداء من عام 2008 مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي والمراسلات الإلكترونية السريعة، التي أفسدت اللغتين العربية والإنجليزية، فلم تشهد كلية الألسن تلك الأخطاء في فترة التسعينات وحتى عام 2006، حسب ما ذكرت "توما".
وعلى الرغم من حاجة وظيفة الترجمة إلى شخص على قدر عالي من الثقافة والمعرفة في المجالات السياسية والاقتصادية والأدبية والفنية لينقل النص باحتراف إلى اللغة الأخرى، إلا أن طلاب الكلية يعانون من نقص معرفي وثقافي غير عادي على حد وصف دكتور "توما"، فلا تخطو أقدام الطلبة عتبة المكتبة إلا للضرورة، ولا يجيدون عمل أبحاث علمية على مستوى متميز يليق بطالب الجامعة، بينما يتصفحون بعض المواقع الإلكترونية التي يقع محرريها في أخطاء لغوية ومعرفية فادحة، وبالتالي ترسخ المعلومة في أذهانهم بهذا الشكل، ولا يرغبون في البحث والسعي وراء الحقيقة.
وتلاحظ دكتور "توما" لجوء بعض الطلاب إلى قراءة كتب باللغة العامية أو بلغة الشارع بمعنى أدق والتي يعتقد كُتابها أن هذه اللغة ستجعلهم الأقرب للشباب، لكن القصة تنتهي ويخرج القارئ بحقيبة خالية من أي حصيلة لغوية، بل وينحدر الذوق العام وتضيع متعة القراءة، مشيرة إلى لجوء "أحمد العسيلي"، مؤلف "كتاب ملوش اسم" وأحد خريجين كلية الألسن قسم اللغة الألمانية باحثا عن المنافسة وإرضاء الجمهور رغم قوة اللغة العربية وفنون الإلقاء لديه، في حين جمع نجيب محفوظ مثلًا في كتاباته بين الوصف باللغة العربية الراقية واللغة العامية في التحدث على لسان الأبطال، ليترك للقارئ قيمة لغوية وإشباع عاطفي.
تحاول كلية الألسن قدر الإمكان تحسين مستوى الدارسين بها، حيث تنظم الكلية ندوات أدبية وطبية وسياسية للطلبة، تحت رعاية أساتذة ومتخصصين لإثراء المعرفة لديهم، فاستضافت الكلية الكاتب أحمد مراد في ندوة ثقافية خاصة، فضلًا عن ورشة عمل فنون الكتابة الصحفية وأنواع الترجمة، كما فتحت أبوابها لورشة عمل الإسعافات الأولية للتعامل مع الأزمات تحت إيدي أطباء ماهرين، وذلك وفقا لما قالته دكتور سلوى رشاد وكيل الكلية لشئون المجتمع وخدمة البيئة.
وعن دور الأساتذة في تشكيل عقل الطلبة، تشير دكتور "توما" إلى تكليف بعض الأساتذة كل مجموعة من الطلبة بقراءة كتاب معين، ويتم فتح باب المناقشة وتبادل أطراف الحوار حول موضوع الكتاب والصياغة وأجمل التعبيرات التي علقت في ذهن الطالب، بالإضافة إلى كتابة موضوعات حول شخصية معينة وعمل أبحاث بشكل مستمر لتشجيعهم على طلب المعرفة، بينما يقع على الطالب مسئولية تحديد هدفه والتركيز عليه والسعي المستمر لتمييز نفسه عن غيره.