نيرة أمين: الحكومات السابقة لم تكن لديها رؤية اقتصادية والتوسع فى فرض الضرائب لن يؤدى إلى التنمية
أكدت نيرة أمين العضو المنتدب لبنك «بيريوس مصر» أهمية ضبط الشارع واستعادة الأمن وتهيئة المناخ للاستثمار، وتوفير دعم قوى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشددة على أن المواطن لم يعد يحتمل أى ضغوط إضافية. وأضافت أن البنك المركزى لعب دوراً قوياً فى إدارة السياسة النقدية، وهو ما أسهم فى الحفاظ على أسعار السلع من الانفلات خلال الفترات الماضية.
* كيف ترين انعكاسات الوضع الاقتصادى على المواطن؟ وهل يمكنه استيعاب الأوضاع الحالية؟
- فى حقيقة الأمر، المواطن لا يمكنه تحمل المزيد من الضغوط، والقلق السياسى والأمنى عموماً يؤثر سلباً على الأوضاع الاقتصادية وأحوال المواطن، ولكى تعاود معدلات النمو الاقتصادى إلى النمو مرة أخرى وتعود عجلة الإنتاج إلى الدوران يجب توفير الأمن والأمان، وهو ما افتقدناه طوال الفترة الماضية.
* آراء الخبراء تصب دائماً فى صالح القطاع المصرفى باعتباره الأقوى، وهو ما اتضح جلياً منذ الثورة، فما تعليقك؟
- القطاع المصرفى متماسك إلى حد بعيد وقوى، ويستطيع المساهمة بقوة فى العبور إلى مستقبل أفضل، حيث يمتلك قدراً كبيراً من السيولة يمكنه ضخها فى شرايين الاقتصاد مع استقرار الأوضاع خلال الفترة المقبلة وضبط الشارع، ومع ظهور فرص جيدة وجديرة بالتمويل.
* كثير من القطاعات تأثرت بالأوضاع السياسية، فما مدى انعكاس ذلك على أعمال البنوك؟
- لا شك أن القطاعات الاقتصادية الخدمية والإنتاجية تأثرت بعد الثورة لاضطراب الأوضاع السياسية وغياب الأمن، وعلى سبيل المثال، فإن قطاع السياحة شهد تراجعاً كبيراً أثّر بقوة فى إيرادات الدولة من النقد الأجنبى، لكن هناك قطاعات بدأت تتعافى مرة أخرى، مثل صناعة الأسمنت، وفى المجمل إذا نظرت إلى ميزانيات البنوك ستجد ارتفاعاً فى أرباحها، نظراً لأنها لم تتوقف عن منح التمويل للمشروعات الجيدة من ناحية، والاستثمار فى أدوات الدين الحكومية ذات العائد الثابت من ناحية أخرى لانخفاض مخاطرها واحتياج الدولة لها، لتوفير التمويل المطلوب لسد عجز الموازنة العامة للدولة الذى ارتفع خلال الفترة الأخيرة.
* تمويل عجز الموازنة ليس مهمة البنوك التجارية؟
- بالفعل، لكنها كانت تعد بمثابة عامل مساعد لدوران عجلة الاقتصاد، ومن المتوقّع مع تحسّن الأوضاع، وأنا متفائلة، فإن البنوك ستوجه كامل طاقتها لتمويل المشروعات.
* من خلال تعاملاتكم فى السوق، أيهما أنشط بين العملاء، الشركات أم الأفراد؟
- لم نشعر بمشكلات فى تعاملات الأفراد أو الشركات، فهناك حركة فى التعامل معنا كبنك على سبيل المثال، إلا فى تمويل شراء السيارات لعدة أسباب تتعلق بغياب الأمن، ومنها سرقة السيارات وحوادث التخريب، وهو ما دعم حالة الخوف لدى العملاء من شراء سيارات فى الفترة الماضية. أما على مستوى تعاملات الشركات، فكانت هناك حالة من الركود فى بعض القطاعات، واضطررنا إلى عمل إعادة هيكلة لها لتفادى تعثرها مثل قطاع «السياحة والبناء والتصدير»، إلا أنها بدأت فى التعافى بعد رحلة من التراجع.
* ما مدى تأثير الارتفاع الذى شهده سعر الصرف خلال الفترات الماضية على المواطن؟
- دعنا نتفق جميعاً على أننا فى أزمة لكنها استثنائية، طوال الفترات الماضية لم تكن تعرف الحكومات المتعاقبة ما يُسمى بـ«فن إدارة الأزمات»، وإن ما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية يرجع إلى انخفاض إيرادات عدة قطاعات، وعلى رأسها السياحة والصادرات إلى جانب ارتفاع فاتورة الاستهلاك والاستيراد، فضلاً عن المضاربات التى أدت إلى ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار، لكن فى الآونة الأخيرة وبعد 30 يونيو حدث استقرار فى الدولار بالسوق الرسمية، بالإضافة إلى انحسار السوق السوداء، وتحديداً بعد الإعلان عن المساعدات العربية الضخمة.
* كيف ترين أداء البنك المركزى فى سبيل تحقيق الاتزان النقدى؟
- «المركزى» يمتلك أدوات معينة للتعامل مع الأزمة، ويحاول عمل توازن كى يحافظ على العملة، وعلى صورة مصر أمام العالم الخارجى ليس هذا فقط، لأنه إذا ترك العملة للمضاربات والانهيار سيكون لذلك رد فعل سلبى على أسعار السلع الأساسية ومن ثم ارتفاع معدلات التضخم وأرى أن «المركزى» يعمل بكفاءة فى إدارة كل الملفات التى يقوم عليها، وعلى رأسها السياسة النقدية للبلاد بشكل جيد.
* من وجهة نظرك.. ما الجهة المسئولة عن وضع استراتيجية ورؤية واضحة للدولة؟
- دائماً تكون الحكومة هى المسئولة عن ذلك، وقبل الثورة لم يكن هناك تيارات فاعلة تذكر، لكن الآن أصبح هناك العديد منها ولكل دوره فى صياغة الرؤية المستقبلية للبلاد، وهو ما افتقدته مصر فى الحكومات المتعاقبة بعد الثورة والتى لم تمتلك نظرة مستقبلية واضحة وثابتة، وهو ما نتوقّع تغيُّره خلال الفترة المقبلة فى ظل الحكومة الحالية.[FirstQuote]
* ما مدى حاجة الاقتصاد إلى قرض صندوق النقد الدولى؟
- «الصندوق» بنك، ويتعامل معنا بمبدأ ضمانات السداد لكى يتم منحنا القرض، وهو لم ير نجاحاً فى تقديم الجانب المصرى خطة جيدة للسداد فى عهد الحكومة الماضية، وحاجتنا للقرض ليست فى التدبير المالى فقط، بل لأنه قد يفتح الباب أمام استثمارات كبيرة لتدخل مصر.
* هل يمكن بناء برنامج اقتصادى جيد يقوم على تحميل المواطن مزيداً من الضرائب؟
- فى الاقتصاد، هناك شقان مختلفان، «الفقر» و«التنمية»، والاعتماد على التوسّع فى فرض الضرائب يُفقر كل الناس، ولا يدعو إلى التنمية، واقتصاد الرخاء مبنى على التنمية وبدء مشاريع جديدة وتوفير فرص عمل، وبالتالى زيادة الأرباح، التى تزيد معها تلقائياً تحصيلات الدولة من الضرائب.
* كيف يمكن تحديد أهمية التوسع فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ وما مدى المخاطرة فيها؟
- كلما صغر حجم المستثمر، كان خوفه على نفسه أكثر ويؤدى ذلك إلى قيامه بسداد مستحقات البنوك بشكل أكبر من بعض المستثمرين الكبار، لذا فإنى أعتبر ذلك القطاع غالباً أقل مخاطرة من المشروعات الأخرى، ويجب الاهتمام بتوفير المناخ الملائم لزيادة حجمه وتوفير التمويل والدعم الفنى له خلال الفترة المقبلة.[SecondQuote]
* إذا قسّمنا التمويل إلى 3 قطاعات، هى الأفراد والشركات الكبرى والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فأيها أكثر أهمية الفترة المقبلة؟
- قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة الأكثر من حيث الأهمية، نظراً لأن الشركات الكبرى المملوكة لرجال أعمال مثل «ساويرس» و«منصور»، وغيرهما كانت متوسطة ونتيجة لتطويرها الدائم وتحسينها مع ظروف السوق ووقوف البنوك معها بالتمويل، أصبحت الآن شركات كبيرة، ويجب أن يكون هناك نوع من التشجيع وتوفير التمويل والدعم من الحكومة لأصحاب تلك المشروعات فى بدايتهم حتى يصبح كياناً ويوفر فرص عمل لآخرين. وأريد أن أشير إلى أن 50% لدينا من الـ90 مليون نسمة، أعمارهم بين 25 - 45 سنة لا بد أن يعملوا، ويجب على الجيل الحالى أن يساعد الشباب، لأنهم المستقبل، كما يحدث فى أوروبا وأمريكا، وأن يضعوا برامج لمساعدة الشباب.
* ما مستهدفات البنك خلال الخطة الخمسية المقبلة؟
- لدينا خطة لمدة 5 سنوات تستهدف تحقيق معدلات نمو يتراوح متوسطها بين 14 و15%، وتبلغ القروض حالياً 3.5 مليار جنيه نستهدف أن تصل إلى 8.5 مليار جنيه أواخر 2017، يدخل ضمنها «الشركات» و«التجزئة».
وعلى صعيد الودائع نتوقع أن يتم مضاعفتها لتصل إلى 12.5 مليار جنيه فى نهاية 2017، وتبلغ معدلات توظيف الإقراض مقابل الودائع حالياً ما يتراوح بين 61 و62%.