سكان «المرفق الواحد» سعداء بحديث «السيسى»: عمر ما حد فكر فينا
«ميرفت» أمام دورة المياه الوحيدة داخل العقار
غرف ضيقة متلاصقة بذلك العقار الآيل للسقوط بمنطقة القللى، يسكن فيه أكثر من 25 فرداً هم قوام 5 أسر لكل واحدة منها حياتها الخاصة، تماماً كغرفهم المستقلة، إلا أن ما يجمعهم هو دورة مياه واحدة ومطبخ واحد، لهم على ذلك سنوات بحجم أعمارهم، فقدوا فيها الأمل فى تغيير ذلك الوضع، ضمن آخرين من الذين يعيشون بمثل تلك الظروف بأماكن مختلفة بالمناطق العشوائية، إلا أن حديث الرئيس السيسى، أمس الأول، فى احتفالية نتائج التعداد السكانى لعام 2017 أعاد لهم بريق أمل، بعدما تحدث عن الأُسر التى تستخدم مرافق مشتركة، معرباً عن تطلعه لقيام مشروعات الإسكان الاجتماعى بحل تلك المشكلة، وتوفير سكن ملائم للمواطنين، متمنيين سرعة تنفيذ تلك التوجيهات.
وُلدت ميرفت السيد منذ 47 عاماً بغرفة صغيرة بمنزل من طابق واحد بشارع محمد حسن، يفصل بينها وبين حى الأزبكية عدة شوارع قليلة، عاشت فيها مع أسرتها التى خطف الموت أكثرها وتركها وحيدة فى تلك الغرفة مع زوج و4 أولاد: «اتولدت هنا وأمى وأبويا ماتوا هنا، ونفسى قبل ما أنا كمان أموت أتحرك من هنا وأقعد فى سكن حلو مع عيالى»، قالتها بعدما جلست فى فناء المنزل وسط عدد كبير من أفراده، بعدما نقلت لهم «آية» حديث الرئيس السيسى حول الأسر التى تستخدم مرافق مشتركة: «لما آية قرأت لينا اللى الجرايد قالته فرحنا قوى، بس خايفين العمر يجرى بينا قبل ما ينوبنا الحظ فى الشقق اللى ممكن الدولة تعملها لنا»، مشيرة إلى أن زوجها يعمل سائقاً على إحدى العربات بينما تظل هى بمسكنها طيلة يومها لتربية الأولاد: «لو أعرف أشتغل كنت اشتغلت وعملت حاجة تخرجنا من العيشة دى بس مبعرفش أعمل حاجة»، موضحة أن والدتها كانت تنتظر الخروج من تلك الغرفة الضيقة لكن الموت كان أسبق: «مش هيبقى هما اتمنوا ومطالوش وإحنا كمان».
دورة مياه واحدة ومطبخ واحد لـ25 فرداً.. و«آية»: «بنقف على الحمام طوابير».. والرئيس تحدث عن المشكلة فى احتفال نتائج التعداد
باب خشبى قديم، تزينه عشرات القطع التى تمسك بعض أجزائه ببعض، وخلفه ماسورة مياه واحدة يستقر أسفلها «جردل» ومرحاض، وسط 4 حوائط يظهر الطوب الأحمر منها رغم «المحارة» الجديدة التى اشتركت بها الأسر الـ5 لتحسين مظهر دورة المياه المشتركة، يستخدمها 25 فرداً ويقوم على تنظيفها كل أسرة بالتناوب يوماً بعد آخر: «لما بنصحى الصبح بنبقى واقفين طابور، ده داخل ودى طالعة وده نفسه يستحمى ومش عارف عشان يلحق شغله، واللى بطنه تاعباه ومش عارف يدخل عشان الزحمة»، قالتها آية سامى التى نشأت بإحدى غرف المنزل، والتى يعمل والدها كفرد أمن على إحدى الورش، موضحة أن دورة المياه وإن كانت لا تكفى تلك الأعداد فإن حالتها تمثل عبئاً إضافياً على الأفراد الذين يعانون من أمراض معينة: «يعنى بابا عنده مشكلة فى الركبة وعامل أكتر من عملية، والقعدة هنا بلدى مش هتناسبه، لكن فى الآخر مفيش فى إيدينا حاجة نعملها، ولو قعد فترة طويلة هتبقى مشكلة للناس عشان فيه غيره عايز يخش»، لكن حديث الرئيس أمس الأول عن ذلك الوضع الذى تعيش الفتاة مثله، أعاد إليها الأمل بعدما فقدته: «ياما قدمنا على شقق ومجاتش لينا زمان، ولما جم بتوع التعداد قالوا لنا إنهم هيكتبوا كل حاجة عن وضعنا وإن الأرقام دى هتوصل للرئيس»، مشيرة إلى أنها لم تصدق فى البداية، رغم تأكيد أفراد التعداد لها أن كل البيانات سيتم جمعها فى النهاية وتطرح فى النهاية لبحث نتائجها: «قرأت برضه على الأخبار بتاعة المواقع إن الرئيس قال إن الأرقام دى مهمة وخطيرة ولازم الدولة تشتغل على البيانات دى، وعشان كده بتمنى وضعنا ده يتحسن فعلاً ونتحط فى اهتمامات الإسكان»، ليوضح والدها سامى محمود أنه لم يتوقع أن يتم ذكر المشكلة التى تعانى منها الأسر فى ذلك المؤتمر: «كان الكلام دايماً عن الأسر اللى حالتها صعبة واللى تحت خط الفقر زى حالاتنا برضه، بس محدش جاب سيرة الناس اللى عايشة بحمام واحد وحوض مية واحد ومطبخ واحد».
ارتفاع أسعار الإيجار وتكاليف الحياة، أسباب قدمتها خيرية الغريب كمبرر لبقائها فى غرفة ضيقة داخل منزل به أكثر من 10 أسر بشارع جودة، يستعمل جميعهم مطبخاً واحداً ودورة مياه واحدة: «أنا بدفع إيجار الأوضة هنا 20 جنيه، وجوزى مات وساب لى 4 بنات وولد، وعايشة فى الوضع ده عشان خاطر ظروفهم» مشيرة إلى أن دخول دورة المياه المشتركة له قواعد فالتأخير غير مسموح به، والاستحمام لا يكون فى وقت الذروة، التى تبدأ مع بداية اليوم فى الصباح حين يتوجه البعض لأعمالهم، وبعد فترة الغداء وعودة الرجال من أعمالهم وقبل النوم: «مستحملين بالعافية والله، والصبح وأنا قاعدة ببيع شوية جرايد شاب قرأ لى الكلام المكتوب، وقال لى إن الرئيس قال إن المشكلة دى لازم الدولة تحلها».