استئصال أورام القولون والمستقيم بالمناظير.. الجرح صغير والإخراج طبيعى
أ. د على أحمد شفيق - أستاذ الجراحة العامة طب القاهرة.
أفادت دراسة لـ3633 حالة لمرضى سرطان المستقيم من الدرجة الثالثة والرابعة بأن جراحة استئصال الورم وتحويل المسار (Abdomino-Perineal Resection APR) التى ابتكرها البروفسير مايلز عام 1908 تزيد من فرص ارتجاع الورم مرة أخرى أو انتشاره، أيضاً أوضحت دراسة مقارنة بين نتائج لمجموعتين من المرضى بسرطان المستقيم؛ الأولى أجرى لهم استئصال القناة الشرجية وتحويل المسار APR والثانية مجموعة أخرى من استئصال الورم والمستقيم مع إعادة بناء القناة الشرجية والمستقيم بدون تحويل المسار (Restorative Rectal Resection [RRR]) وذلك بمستشفى كليفلاند بالولايات المتحدة، أن عوامل تحديد التحسن والنتائج ثلاثة؛ أولاً: الحالة العامة للمريض، ثانياً: حالة الورم، ثالثاً: الإجراء الجراحى الذى تم إجراؤه، وهذا هو المرجع:
(Factors Associated with oncologic outcomes after abdominoperineal resection compared with restorative resection for low rectal cancer: Patient - and tumor-related or technical factors only; Disease colon and rectum 2012.)
هذا، وتخلص الدراسة إلى أن جراحة استئصال الورم مع تحويل المسار (APR) تكون خطيرة؛ حيث إن بها أعلى عامل للانتشار الدائرى للورم (circumferential resection margin CRM). أما بالنسبة لجراحة إعادة البناء والتوصيل بالقناة الشرجية (RRR) فإن الانتشار الدائرى يكون أقل، وذلك لإمكانية استئصال الأنسجة الدائرية المحيطة بالمستقيم (TME)، وهذا يعطى نتائج أفضل فى عدم ارتجاع الورم.
ومما لا شك فيه أن الأورام، بصفة عامة، فى حالة ازدياد مطرد فى العقدين الأخيرين مع التقدم التكنولوجى الصناعى الزراعى، وأن أورام القولون والشرج فى ازدياد، وان أعمار الإصابة فى تناقص، وأن الشفاء التام بعد الإصابة يعتمد على الكشف المبكر عن سرطان القولون والشرج.
ويعتبر دخول المناظير الجراحية فى جراحات الأورام فتحاً جديداً من فتوحات العلم الحديث وتكنولوجيا الهندسة الطبية، وذلك بما وفرته هذه التكنولوجيا من دقة فى الأداء الجراحى مع جودة فى الاستئصال وعلاج الأمراض، وذلك بأقل جرح قطعى فى جدار البطن، وبهذا الفتح الجديد من العلم تجنب المريض فترات النقاهة الطويلة داخل المستشفى وآلام ما بعد الجراحة مع سرعة استعادة العافية فى أقل وقت، وذلك حتى فى أكبر الحالات الجراحية. ومن أكبر مكاسب جراحات المناظير القدرة على استئصال الأورام القولونية بدون فتح جدار البطن، وذلك من خلال فتحات بجدار البطن لا يتعدى أكبرها 1.5 سم.
وقد بدأت جراحات مناظير البطن منذ ثلاثة عقود وكانت مقصورة فى البداية على النواحى التشخيصية فى مجال أمراض النساء ثم امتدت بعد ذلك إلى النواحى العلاجية كتسليك الالتصاقات بمنطقة الحوض، ثم ازداد مجالها لتمتد إلى جميع أجزاء البطن، والأشهر على الإطلاق جراحات استئصال الحوصلة المرارية بالمنظار الجراحى، وهى الشائعة لعموم الناس، والجديد هو انتشار جراحات المناظير لتشمل شريحة كبيرة من الأورام وهى أورام القولون والمستقيم.
الجديد فى هذه الجراحات هو القدرة على استئصال الورم كلياً والغدد الليمفاوية مع توصيل القولون وعدم إجراء فتحة إخراج بجدار البطن (كلوستومى). وقد كان المعتاد فى مثل هذه الجراحات هو تحويل الإخراج إلى جدار البطن إذا كان الورم فى المستقيم على مسافة من 9 - 12 سنتيمتراً من فتحة الشرج، وقد انتهى العالم إلى قدرة الجرّاح على استئصال الورم الشرجى مهما كان قريباً من فتحة الشرج وحتى مسافة 0٫5 سم من القناه الشرجية ثم الحفاظ على العضلات القابضة للشرج، وذلك للمحافظة على عملية التحكم فى الإخراج وتوصيل القولون بالقناة الشرجية، حتى يتسنى للمريض التبرز بالطريقة الطبيعية.
أما تقرحات القولون المزمنة Ulcerative Colitis فتصيب الجهة اليسرى من القولون ويحدث به التهاب وتليف وينتج عنها تليف بجدار القولون الأيسر ويشعر المرضى فى كلا الحالتين بألم بالبطن وتقلصات يتبعها دور شديد من الإسهال لا ينقطع بالعلاج التقليدى، وفى بعض الأحيان نزيف من الشرج مصاحب للإسهال، ومع مرور الوقت تتحول بعض أجزاء من القولون إلى أورام سرطانية. وكانت الطرق التقليدية تعتمد استئصال القولون وتحويل مسار الأمعاء الدقيقة إلى جدار البطن، أما الآن باستخدام المناظير والدباسات الجراحية فقد أمكن استعادة بناء الجهاز الهضمى بصورة طبيعية.