لكل شعب شخصية عامة أو مفتاح لشخصيته بحيث يجمع هذا المفتاح الأغلب الأعم من هذا الشعب، وقد اختلف العلماء والمفكرون فى مفتاح الشخصية المصرية، وقد اخترت أهم أقوالهم فى هذا المقال الذى لا تسمح مساحته بالشرح والتحليل:
رأى البعض أن المصرى يتميز بكونه ذكياً متديناً طيباً فناناً ساخراً عاشقاً للاستقرار، وقد استقرت هذه الصفات طويلاً، ولكن حدثت تحولات جذرية فى بعض السمات وتحولات نسبية فى بعضها الآخر لأسباب كثيرة شرحتها د.عزة عزت.
أما ابن خلدون فله رأى غريب فى الشخصية المصرية حيث يقول: «إن أهل مصر يميلون إلى الفرح والمرح والخفة والغفلة عن العواقب»، وهذا يفسر لدى البعض كون المصريين حُكموا بحكام أجانب فى معظم مراحل تاريخهم فإذا اشتد بهم الكرب من عسف الحاكم استعانوا بالنكات اللاذعة والسخرية لتخفيف إحساسهم بالمرارة، حسب تحليل د.محمد المهدى أستاذ الطب النفسى.
أما موريس هيندوس فيرى أن «مصر بلد المتناقضات»، ويفسرها جمال حمدان بالفروق الاجتماعية الصارخة، وخلود الآثار القديمة وتفاهة المسكن القروى أو بين الوادى والصحراء، ومتناقضات أخرى لا حصر لها.
ويرى جمال حمدان أن الأمة المصرية أمة متعددة الجوانب متعددة الأبعاد والآفاق مما يثرى الشخصية الإقليمية والتاريخية، ففيها البعد الآسيوى والبعد الأفريقى والبعد النيلى والبعد المتوسطى. أما ميلاد حنا فكان يرى أن الشخصية المصرية ذات أعمدة سبعة وفيها روافد وتعددية وثراء وأحياناً تناقض غريب.
أما د.المهدى فيرى أن مفتاح الشخصية الإنجليزية هو «الجنتلمان» ومفتاح الشخصية الأمريكية هو «البراجماتى»، أما الشخصية المصرية فمفتاحها هو «الفهلوى».. وهذا يوافق رأى المستشرق الفرنسى جاك باركن الذى يقول «إن الفهلوة هى السلوك المميز للشخصية المصرية». ويرى «جاك» أن «هذا السلوك مكّن مصر من ألا تضيع أبداً لكنه جعلها تخسر كثيراً».
ويُصدّق على قولهما العلامة د.حامد عمار، الذى رأى أن الفهلوة قد توحشت وأضرت بمصر كثيراً، ويشرح إيجابيات وسلبيات الفهلوة فمن خسائرها العنيفة أن المصرى البسيط لم يشارك فى بناء بلده المشاركة الحقيقية وإنما ترك المهمة لفئة واحدة اختارت نوع الحضارة والعمران وبلورة القيم والأعراف. والبعض يحلل الشخصية المصرية بأنها تعتمد أساساً على الثقافة السمعية ويستدل على ذلك بمئات الأدلة.
أما معظم دارسى علم النفس فيميلون إلى شرح مزاج الشعب المصرى بأنه يميل إلى الحزن واستدلوا على ذلك بعشرات الأدلة، فمظاهر الحزن وتقاليده راسخة فى وجدان المصريين ولا يخفف منها حبهم للمرح والدعابة والضحك، فهم يبكون إذا حزنوا ويبكون إذا فرحوا، ويتراجعون سريعاً عن فرحهم بالبكاء وقول «اللهم اجعله خير»، ويضحكون ويبكون بصوت عالٍ ويحزنون كثيراً، ولكنهم قليلاً ما يغضبون، وإذا غضبوا سرعان ما يَصْفون، وهو شعب مُحب للحياة وعاشق لها رغم كل الظروف الصعبة التى قد تمر به ويساعدهم مرحهم وقفشاتهم على الاحتفاظ بتوازنهم النفسى، ويرى جوستاف لوبون أن «الظرف والمرح والتلطف أبرز خصال المصريين القدماء».
ويرى جمال حمدان أن التدين مفتاح مهم من مفاتيح الشخصية المصرية لأن مصر كانت طرفاً فى قصة التوحيد بفصولها الثلاثة، فمع «موسى» كانت قاعدة ومنطلقاً ومع «عيسى» كانت ملجأ وملاذاً، ومع «محمد» كانت هداية ومودة (عليهم السلام جميعاً)، وكان أهم ما يشغل المصريين القدماء شيئين: زراعتهم ودينهم.. ولكن شاب هذا التدين شوائب كثيرة فى المائة عام الماضية.
ويرى البعض أن مفتاح الشخصية المصرية أنها نتاج المجتمع الأبوى كما يراه كثير من العلماء والمفكرين على كل المستويات بكل انعكاساته الاجتماعية والسياسية.
مفتاح الشخصية المصرية جزء مهم جداً من دراسة الإنسان المصرى، وللأسف لا يعطيه المصريون اهتماماً كما يوليه غيرهم.