الهروب من الأبواب الخلفية ينهى مؤامرة «بشر» لسيطرة التنظيم على المحافظات
مواطنو الغربية حاصروا مبنى المحافظة للمطالبة برحيل المحافظ الإخوانى عام 2012
ماذا لو لم تندلع ثورة 30 يونيو ضد الإخوان؟، وماذا لو نجحت الجماعة فى تنفيذ مخططها لأخونة مصر؟، وماذا لو لم يطرد المصريون قيادات الجماعة بالقوة من مناصب قيادية اغتصبوها بأوامر المرشد ونائبه وأتباعه؟، هذه الأسئلة وغيرها من أسئلة تتعلق بمصير ووجود مصر، ستتردد كثيراً مع حلول كل ذكرى لثورة 30 يونيو المجيدة.
فى السنوات التى سبقت عزل محمد مرسى اكتشف المجتمع أن الهدف الأسمى للجماعة الإرهابية هو أخونة البلاد، وهو ما وضعت لتحقيقه خططاً للاستيلاء على جميع المناصب الحيوية فى البلاد، وتسكين كوادرها وقياداتها وأعضائها فى كل شبر من الجهاز الإدارى للدولة. فى منتصف يونيو 2013، صدرت حركة المحافظين، التى شملت 17 محافظة، بينهم 7 من الجماعة وحزبها «الحرية والعدالة»، ليرتفع عدد المحافظين الإخوان إلى 13، بنسبة تزيد على 50%، بخلاف عادل الخياط، القيادى فى الجماعة الإسلامية، الذى تم تعيينه محافظاً للأقصر.
حركة محافظى الإخوان أثارت موجة من الغضب الشعبى، وصلت ذروتها بإعلان القوى السياسية فى المنوفية الدخول فى اعتصام مفتوح أمام ديوان عام المحافظة، للاحتجاج على قرار تعيين القيادى الإخوانى، أحمد شعراوى، محافظاً لها، خلفاً للدكتور محمد على بشر، عضو مكتب الإرشاد، مهندس الحركة، بعد تعيينه وزيراً للتنمية المحلية.
"الشاطر" عيّن رجاله محافظين ومديرين عموم.. والاحتجاجات الشعبية منعتهم من العمل.. والعثور على خطة "أخونة الغربية" داخل استراحة "البيلى" يوم هروبه
وتحت ضغط المتظاهرين، اضطر «شعراوى» للهرب من الباب الخلفى لاستراحته، بعدما زادت الاحتجاجات ضده، وحوصر داخلها، مع تهديدات باقتحامها، بجانب منعه من مباشرة مهام عمله داخل الديوان العام على مدار أسبوعين، بينما تحولت جولاته فى المدن والقرى إلى مظاهرات حاشدة ضد حكم الجماعة التى ينتمى إليها. فى الإسكندرية، العاصمة الثانية، لم تجرؤ جماعة الإخوان على تعيين أحد أعضائها محافظاً فيها، فكلفت الدكتور حسن البرنس، القيادى البارز فى الجماعة بتولى منصب نائب المحافظ، الدكتور محمد عطا، فكان «البرنس» الحاكم الفعلى للمحافظة، وسعى منذ اللحظات الأولى لدخوله الديوان العام إلى تعيين عناصر إخوانية فى كل شبر.
واختارت الجماعة أسامة سليمان، عضو المكتب الإدارى لها، وأمين عام حزبها، محافظاً للبحيرة، ما أثار موجة غضب شعبى فى المحافظة، قبل أن يضطر للاستقالة مع ثورة 30 يونيو.
فى كفر الشيخ، تم تكليف القيادى الإخوانى سعد الحسينى، بتولى منصب المحافظ، وفور وصوله إلى الديوان العام، عين 10 مستشارين، و9 رؤساء مدن، و12 نائباً لرؤساء المدن، ومديراً لمكتبه، ومستشاراً إعلامياً، ينتمون جميعاً للجماعة الإرهابية، وفى 3 يوليو 2013، حاصر الآلاف مقر الديوان العام، قبل أن يقتحموه لإسقاط «الحسينى»، الذى اضطر للهروب من المبنى فى سيارة نصف نقل عبر الأبواب الخلفية، وتم استبعاد جميع المعينين بقراراته.
وشملت «حركة بشر» للمحافظين تعيين عضو مكتب الإرشاد، حسام أبوبكر، أحد المقربين من خيرت الشاطر، محافظاً للقليوبية، فعمد خلال أيام قليلة إلى أخونة الديوان العام، فعين 3 مستشارين من أعضاء الجماعة فى مجالات التنمية والتخطيط والإعلام، أحدهم من المفرج عنهم من السجون، عقب ثورة 25 يناير، إلا أن مخطط الأخونة أُحبط تماماً مع «30 يونيو»، عندما حوصر الديوان العام شعبياً، وهرب «أبوبكر» ليشارك فى اعتصام رابعة، قبل أن يسقط فى أيدى الشرطة. وتولى عضو مكتب الإرشاد، أحمد البيلى، منصب محافظ الغربية، ولم يمر على دخوله الديوان العام أكثر من أسبوعين، حتى هرب أمام المحتجين ضده من الأبواب الخلفية للمبنى، وألقت الشرطة القبض عليه لاحقاً، بتهمة إثارة الشغب والتحريض على العنف، وحسب مصادر بالديوان العام، «عثر داخل استراحته على مخطط لأخونة جميع مؤسسات المحافظة».
وعانت محافظة أسيوط من سياسة القيادى الإخوانى يحيى كشك لتمكين أهله وعشيرته، بتعيينهم فى عدد من المناصب الحيوية، فأصدر عدة قرارات جميعها فى صالح «الإخوان» وحليفها الأول «الجماعة الإسلامية»، ووصل عدد المعينين بموجب هذه القرارات 50 قيادياً.
ولأكثر من شهر، دخل العاملون بديوان عام المحافظة بالدقهلية، ومديرية الصحة، فى صراع شرس لمواجهة محاولات تنظيم الإخوان السيطرة على المناصب القيادية فيهما، مع تعيين صبحى عطية محافظاً، وراجح رضوان وكيلاً لوزارة الصحة، الذى استمر فى منصبه 4 أشهر، عندما أنهت الدكتورة مها الرباط، وزير الصحة الأسبق، انتدابه، بينما منع المحتجون المحافظ من دخول مكتبه. وسيطرت جماعة الإخوان على جميع المواقع القيادية فى محافظة دمياط، فلم تترك موقعاً واحداً دون فرض السيطرة عليه، ما أثار غضب الأهالى، الذين افترشوا الشوارع اعتباراً من 26 يونيو، ضمن احتجاجات واسعة للمطالبة بمنع الأخونة. فى بنى سويف، تم تكليف عادل عبدالمنعم، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، بتولى منصب المحافظ، ما واجه رفضاً شعبياً واسعاً، وبعد ثورة 30 يونيو، ترك العمل السياسى ليعود إلى عمله أستاذاً فى كلية العلوم، وشهدت محافظة الفيوم عدة محاولات للأخونة، أبرزها تعيين الدكتور جابر عبدالسلام محافظاً، لكنه لم يبق فى المنصب سوى عدة أشهر. وبعد فشل «الإخوان» فى التعامل مع محافظ قنا الأسبق، اللواء عادل لبيب، لجأت الجماعة لتعيين صلاح عبدالمجيد، أحد أعضائها، لكنه لم يستمر فى منصبه لأكثر من 14 يوماً، ثم اختفى عن المشهد تماماً.