عضو "كبار العلماء": كفلت حقوق المسلمين وغيرهم وكانت عنواناً للحرية.. ورسخت "المحبة" أساساً للتعامل
الدكتور محمود مهنى عضو هيئة كبار العلماء
أكد د. محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء، أن وثيقة المدينة لا بد أن تكون منطلق جميع المجتمعات للتعايش السلمى، وأن الكثير من الآيات والأحاديث التى أسست للتعايش ونبذ العنف، نزلت فى تلك الفترة، وقال فى حواره مع «الوطن»، إن على جميع المجتمعات المسلمة وغير المسلمة الاستفادة من تلك الوثيقة، فقد كانت عنواناً للحرية والديمقراطية والتعايش السلمى والمواطنة.
كيف كان حال المدينة قبل الهجرة؟
- كانت المدينة قبل وصول النبى إليها تعيش حالة من التحارب والتقاتل، فهى مدينة تجارية من الدرجة الأولى، وكانت المطامع فيها من المحيطين كبيرة، والصراعات مشتعلة بين العرب واليهود، وحينما جاء النبى إلى المدينة، وضع أسس التعايش والمواطنة الشاملة القائمة على المساواة، ونشر السلام بين مكونات المدينة من المواطنين، فبدأ بالسلام بين أبناء الدين الواحد من الأنصار والمهاجرين، ثم بين الجميع واليهود، ثم الجميع دونما استثناء، فنشر النبى السلام بين كل كائن موجود بالمدينة، وأخذ من الجميع العهود والمواثيق على السلام الاجتماعى والأمن، فلا تبغى فئة على فئة، وكتب دستوراً موحداً وهو الذى عرف بدستور المدينة المنورة.
ماذا كانت أبرز بنود هذا الدستور؟
- أبرزها التعهد بأن الموقعين لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وألا يناصر الموقعون أحداً على أهل المدينة ولا أهل الإسلام، وأن للجميع دينه وللمسلمين دينهم، فالمحبة أساس التعامل والنصرة والتعاهد والتضامن بين الجميع ضد من أراد المدينة بسوء، وكذلك نصت على تطبيع العلاقات، والتعامل المتكافئ بين الجميع دونما تمييز لطائفة على أخرى، فألزمت المعاهدة كل الموجودين بالتعامل دونما أى استعلاء دينى سواء أكان مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً، فقد كانت وثيقة موفقة تفادت ما نعيشه من كوارث، وفى نظرى الوثيقة هى المؤسس للديمقراطية.
بعض التيارات الإسلامية تعتبر الديمقراطية كفراً.. كيف تكون الوثيقة الأساس لها؟
- تلك رؤى متطرفة، فالوثيقة كانت عنواناً للديمقراطية والحرية والتعايش، والمواطنة، فلكل دينه والجميع يحترم الجميع، ودعت لتحسين العلاقات بين مختلف الطوائف والجماعات فى المدينة، وعلى رأسها المهاجرون والأنصار والفصائل اليهودية وغيرهم، حتى يتمكن بمقتضاه المسلمون واليهود وجميع الفصائل من التصدى لأى عدوان خارجى على المدينة، وكفلت جميع الحقوق الإنسانية لمجتمع المدينة، كحق حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، والمساواة والعدل، فأى عدل أو تعايش أو ديمقراطية أكثر من ذلك.
د. محمود مهنى: علينا الاقتداء بالنبى فى نشر السلام
كيف نستفيد من وثيقة المدينة حالياً؟
- الرسول قدوة لنا، فعلينا الاقتداء بالنبى فى نشر السلام المجتمعى والحث عليه، فكانت فترة وثيقة المدينة مصدراً للعديد من الأحكام العظيمة، مثل اتفاق أهل العلم على جواز دخول أهل الكتاب مساجدنا، والدليل استقبال النبى لوفود الذميين من الملل المختلفة فى مسجده، وعرض الإسلام عليهم ونقاشهم فى العقائد والرد على تساؤلات غير المسلمين فى قلب المسجد، بل إن وفد نصارى نجران صلوا صلاتهم إلى جوار النبى فى اتجاه بيت المقدس ولم ينههم أو يرفض ذلك.
مهنى: الجماعات الإرهابية لا تبغى إلا الحكم
الجماعات المتطرفة لا تنظر لوثيقة المدينة فى تعاملها مع الإنسانية.. كيف ترى ذلك؟
- الجماعات المتطرفة لا تبغى إلا الكراسى والحكم، وهؤلاء لا يمتون للإسلام بصلة، لأن الإسلام ليس فيه جماعات، ولا يعرف إلا جماعة واحدة، هى جماعة المسلمين، فالإسلام هو جماعة أهل السنة والجماعة، وفقهاء المذاهب الأربعة، أما ما عدا ذلك من إخوان وسلفية وجماعات داعش والقاعدة وطالبان، فهؤلاء جميعاً لا يفهمون ديناً، ولا شيئاً، فهم قتلة يلقنون الشباب القتل والعنف دون وعى أو إدراك أو علم بالدين الإسلامى، فقتلة فرج فودة مثلاً حينما سئلوا: هل قرأتم له كتاباً أو أى شىء؟، قالوا «لا نعلم عما كتب شيئاً ولكن قيل لنا إنه كافر»، بينما الشرع يؤكد أن من يخالفنا الرأى أو لم يخالفنا لا يجوز لنا قتله، ولكنهم نصبّوا أنفسهم علماء وقضاة وهم ليسوا إلا مجموعة من المجانين يقودهم مجموعة من الأفاكين الذى يشحذون أذهانهم بالخرافات التى لا علاقة لها بالدين.