التصدى لمحاولات إحياء النفوذ العثماني في القاهرة.. ومواجهة الدعم القطري للميليشيات المتطرفة
قوات حفتر بعد استيلائها على مدرعة تركية تخص قوات «الوفاق»
تتربص العديد من الدول بالقارة الأفريقية وتعتبرها أرضاً خصبة لفرض نفوذها فى محاولة للاستيلاء على ثرواتها والسيطرة على مقدرات شعوبها.
وذكر أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء، ووزير الخارجية التركى السابق، فى كتابه «العمق الاستراتيجى»، الذى صدر منذ نحو 20 عاماً، أنه من المهم لتركيا أن تغير وجهة نظرها تجاه المناطق التى لم تهتم بها بشكل كاف، إذا أرادت ألا تبقى دولة فى آخر صف الدول الهامة، وفى مقدمة هذه المناطق أفريقيا، وأضاف أنه على تركيا التى تبدى اهتماماً بزيادة تأثيرها الدولى أن تهتم بمناطق المنافسة الاقتصادية والسياسية الدولية، كما يجب عليها تجديد روح السياسة الخارجية من أجل الانفتاح على أفريقيا والتركيز على المجالات الاقتصادية والثقافية بالمراحل الأولى، ومن هنا تتضح أهمية وطبيعة الأطماع التركية فى أفريقيا، وبالنسبة للرئيس التركى رجب طيب أردوغان يتخطى الأمر تعزيز التأثير التركى على المستوى الدولى، بل يتخطى الأمر ذلك، وما يسمى بوكالة التعاون والتنسيق التركية تقوم بمشروعات لترميم الآثار العثمانية فى بعض الدول، ما يعكس النظرة التركية للقارة الأفريقية، عن طريق محاولات بناء علاقاتها مع الدول الأفريقية من خلال استحضار التاريخ والإرث الاستعمارى للدولة العثمانية.
وحذر خبراء ومراقبون من أن محاولات التوسع التركى فى القيام بعمليات عسكرية فى ليبيا بالاتفاق مع حكومة فايز السراج فى طرابلس، إضافة إلى أطماع اقتصادية فى شرق المتوسط، قد ينتج عنه إشعال المنطقة بأكملها، متفقين على أن أطماع الدولة التركية تتعدى الحدود، إلى محاولة استعادة النفوذ العثمانى، بعد أن فشل «أردوغان» فى هدف استعادة ما يسمى بـ«الخلافة الإسلامية»، بالتعاون مع الميليشيات والتنظيمات المتطرفة، مثل تنظيم «داعش» الإرهابى رغم ادعاءات مواجهته فى سوريا، وبنفس أسلوب التدخل فى سوريا، يرى النظام التركى أن الأفضل هو الدفع بمرتزقة من الفصائل المتحالفة معها وبقايا إرهابيى التنظيم المختبئين شمال شرقى سوريا إلى المشاركة فى عمليات عسكرية فى ليبيا، بينما يبقى الجيش التركى بعيداً عن المعارك، فيما عدا مهام التدريب.
وبحسب مصادر صحفية، فإن المرتزقة الذين تدفع بهم تركيا لمساعدة حكومة فايز السراج تضم مقاتلين سوريين تحولوا بعد محاربة الجيش السورى إلى مرتزقة بأيدى تركيا، التى استخدمتهم فى عمليتى نبع السلام وغصن الزيتون واحتلال مناطق فى شمال شرق سوريا وعفرين. كما تشمل عناصر المرتزقة جماعات تابعة لتركيا ليس لديها قرار مستقل تتنقل من منطقة إلى أخرى تحت جناح المخابرات التركية والحكومة، لها مراكز تجمع فى تركيا ومراكز تدريب فى عفرين ومناطق درع الفرات، إلى جانب جماعات داعش التى تعيش على الحدود التركية السورية.
وذكر موقع «نورديك مونيتور» أن الحكومة الأمريكية اكتشفت عملية تحويل أموال من الاستخبارات التركية إلى «حركة الشباب»، قبل الهجوم المسلح الذى وقع فى نيروبى، فى العام الماضى وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
الاستخبارات التركية تمول "الشباب الصومالية" وتنقل المرتزقة إلى الشمال الأفريقى
ولا يقتصر التربص بالقارة الأفريقية على تركيا، فقد ذكر موقع «ميدل إيست أونلاين» البريطانى أنه مع انحسار دورها فى دعم وتمويل الإرهاب فى الشرق الأوسط تحت وطأة الضغوط السياسية العربية والدولية، كثفت قطر من تحركاتها فى العمق الأفريقى، حيث تنتشر الفوضى الأمنية فى بعض من مناطقه، وحيث تبدو بعض الحكومات ضعيفة أمام تنامى نفوذ الجماعات المتطرفة من أفرع تنظيمى القاعدة و«داعش» فى بيئة اتفق جميع الخبراء على أنها الأكثر ملاءمة لتفريخ الإرهاب وتمدده فكرياً وتنظيمياً بإسناد وتغطية قطرية، وأشار الموقع فى تقرير له أن الأحداث الإرهابية فى مالى قد سلطت الضوء على الدور القطرى فى دعم وتمويل الجماعات الإرهابية ضمن أجندة التمدد الخارجى وخدمة المصالح الاقتصادية والتغلغل فى مفاصل الدولة، حيث تجد الدوحة فى حالة الفوضى التى تعيشها مالى فرصة مناسبة لتوسيع منافذها بالاعتماد على جماعات متطرفة أوجدت لنفسها موطئ قدم، مستغلة ضعف الأجهزة الأمنية وقلة تجهيزاتها أمام تنظيمات إرهابية عززت ترسانتها عدة وعتاداً بدعم وتمويل وصل معظمه من قطر تحت عناوين الإغاثة الإنسانية والاجتماعية، وتابع التقرير أنه تحت وطأة الضغوط الدولية اضطرت قطر لتخفيف تحركاتها المشبوهة فى الشرق الأوسط، إلا أنها قامت فى المقابل بتعزيز أنشطتها المريبة فى أفريقيا، بداية من دعم المتطرفين فى مالى وصولاً إلى الصومال والسودان وغيرها من بؤر التوتر فى أفريقيا.
5 تنظيمات متطرفة تعمل تحت رعاية "الدوحة"
وذكر تقرير لقناة «سكاى نيوز» أن قطر شكلت شرياناً دائماً للإرهاب فى عدد من بلدان أفريقيا، فمالى مثلاً تحولت إلى أرض خصبة للإرهابيين، بسبب دعم قطرى منقطع النظير، حيث تحاول الدوحة إيجاد موطئ قدم فى غرب أفريقيا لاستمرار جهدها التخريبى فى دول شمال أفريقيا، التى منيت جهودها فيها بانتكاسات متتالية مع تراجع دور الجماعات الإرهابية التى تدعمها الدوحة، ويضيف التقرير أن الدوحة تدعم 5 تنظيمات متطرفة رئيسية فى أفريقيا، أبرزها حركة «التوحيد والجهاد» المتطرفة التى تعتمد فى مصادر تمويلها إلى جانب الدوحة، على تجارة المخدرات والسلاح والاختطاف، وفضلاً عن ذلك، تقدم الدوحة مساعدات مالية ولوجيستية كبيرة لكل من متمردى حركة «تحرير أزواد»، وحركة «أنصار الدين» و«أنصار الشريعة»، إلى جانب تنظيم «القاعدة فى بلاد المغرب»، كما تريد الدوحة أن تقدم دعماً لوجيستياً جديداً لكتائب «جماعة أنصار الإسلام والمسلمين»، وبذات الأسلوب، عملت الدوحة على ضرب استقرار دول كثيرة فى منطقة غرب أفريقيا، من خلال تمويل وتسليح الجماعات الإرهابية واستخدامها فى هز استقرار هذه الدول، بهدف السيطرة على مواردها.