معلومات عن الراحل مدحت فقوسة
الراحل مدحت فقوسة
ولد الكابتن مدحت فقوسة في بورسعيد في الأول من أبريل عام 1946 لعائلة من أعرق عائلات بورسعيد، فجده لأبيه هو عوض بك فقوسة، أحد أهم أعيان بورسعيد، وأحد الرعيل الأول للأباء المؤسسين لـ«النادي المصري» في 18 مارس 1920، والده هو الكابتن سيد فقوسة أحد أهم نجوم المصري خلال نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينيات.
انضم لأشبال المصرى بعد مهارته في كرة القدم
ذاع صيت مدحت فقوسة منذ الصغر بمهارته الفائقة في مداعبة الكرة وكذلك سرعته منقطعة النظير، فتلقفته العين الخبيرة لنجم المصري الراحل الكابتن عادل الجزار، الذي ضمه إلى فريق الأشبال مطلع الستينيات، بصحبة عدد كبير من رفاقه، الذين صاروا نجوم المصري ونالوا شرف الدفاع عن ألوانه خلال حقبتي الستينيات والسبعينيات.
انضم لصفوف الفريق الأول بالمصري في عمر الـ18
لم يكد نجمنا الراحل يبلغ الـ18 عامًا إلا وضمه المدير الفني اليوغسلافي للمصري «كوكيزا» لصفوف الفريق الأول، ليجد نفسه محاطًا بعدد كبير من النجوم، يتقدمهم محمد بدوي «فتاكة» ومحمد شاهين وعبدالرؤوف رزق ومنير جرجس الليوي ومصطفى الشناوي، وغيرهم من النجوم الذين أحاطوا نجمنا الراحل بقدر كبير من الرعاية والاهتمام تقديرًا لموهبته الفائقة.
لفت مدحت فقوسة الأنظار بشدة وعرفته جماهير الكرة المصرية عندما تألق بشدة في مباراة المصري والأهلي بالجولة التاسعة للدوري موسم 1965/1964، والتي أقيمت على ستاد المصري ببورسعيد في الخامس عشر من يناير عام 1965، والتي نجح فيها المصري في الفوز بهدفين للا شيء ، وقدم الناشئ الصغير مدحت فقوسة مستوى رائعا، خاصة بعد نجاحه في إهداء زميله محمد شاهين هدف تأكيد الفوز لتحمله جماهير المصري على الأعناق فرحًا بمولد نجم جديد من أبناء المدينة الباسلة.
أهداف حققها جعلته ينضم للمنتخب
نجح مدحت فقوسة خلال هذا الموسم «1965/1964» في إحراز أول أهدافه مع المصري في مباراته أمام السكة الحديد، التي أقيمت على ستاد المصري ببورسعيد في التاسع من مارس عام 1965، وانتهت بفوز المصري بهدفين مقابل هدف، فيما أضاف زميله محمد بدوي الهدف الثاني بينما تكفل كمال عتمان بإحراز هدف السكة الحديد الوحيد، قبل أن يعود فقوسة أيضًا ليحرز هدف الفوز لفريقه على مضيفه فريق القناة في المباراة التي أقيمت بالإسماعيلية في الثاني عشر من مارس من العام نفسه، لتتعالى الأصوات داخل بورسعيد، مطالبة بضم نجمها لصفوف منتخب مصر، نظرًا لما يقدمه من مستوى عال وسط كتيبة النجوم التي كان يذخر بها المصري آنذاك.
عدوان 67 أوقفه مؤقتا
ومع مطلع الموسم التالي يلتحق مدحت فقوسة بالكلية الجوية فيضطر للانتقال للقاهرة، وهو ما كان يصعب عليه الانخراط في تدريبات المصري ومبارياته، فحصل على الاستغناء للانضمام لصفوف فريق الطيران، ولعب له لموسمين قدم خلالهما مستوى طيب للغاية، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، بعد قيام عدوان يونيو 1967، والذي تسبب في إيقاف المسيرة الكروية، ولو مؤقتا لنجمنا الراحل في وقت لم يتجاوز فيه الحادية والعشرين من العمر.
انضم لصفوف الأهلي في السبعينات
ومع عودة النشاط الكروي مرة أخرى مطلع موسم 1972/1971، انضم مدحت فقوسة لصفوف النادي الأهلي ليكون واحدًا من الجيل الذي أطلق عليه الناقد الكبير نجيب المستكاوي «جيل التلامذة» والذي نجح في حصد العديد من البطولات للنادي الأهلي خلال النصف الثاني من السبعينيات.
ومع مطلع موسم 1976/1975 يقرر النجم مدحت فقوسة العودة مرة أخرى إلى موطنه فيعود للنادي المصري حاملًا شارة القيادة لجيل عظيم، حيث نجح خلال هذا الموسم في إحراز هدف وحيد للمصري في شباك فريق الاتحاد السكندري في المباراة التي أقيمت بينهما على ستاد المصري ببورسعيد، في التاسع عشر من يناير عام 1976، وانتهت بفوز المصري بهذا الهدف.
الاعتزال وتدريب فريق الشباب
بنهاية موسم 1977/1976 يقرر النجم الراحل مدحت فقوسة الاعتزال، فيتم تكليفه من قبل مجلس إدارة النادي المصري بالإشراف على تدريب فريق الشباب تحت 16 عامًا، وهو الفريق الذي نجح فقوسة في قيادته للفوز ببطولة منطقة القناة.
حصوله على دورات عالمية في التدريب
وحرصًا منه على صقل خبراته التدريبية بالعلم والدراسة، يحصل فقوسة على العديد من الدورات التدريبية داخل وخارج مصر، حيث سافر خصيصًا إلى إنجلترا والبرازيل، للاطلاع على العلوم الحديثة في مجال التدريب.
وبعد عودته يعمل «فقوسة» لفترة معاونًا للكابتن عادل الجزار في قيادة الفريق الأول للكرة بالنادي المصري، قبل أن يتم اختياره من قبل مجلس إدارة النادي المصري، للعمل مساعدًا للمدير الفني المجري الأسطوري فيرينتس بوشكاش، الذي تولى قيادة المصري مطلع موسم 1980/1979.
ويستمر مدحت فقوسة في العمل مع بوشكاش للعمل لنحو ثلاثة مواسم نجح خلالها الفريق في حصد المركز الثالث لموسمين متتاليين 1980/1979، 1981/1980، وكان المصري خلال تلك الفترة قريبًا من حصد بطولة الدوري موسم 1982/1981 لولا أحداث مباراة الزمالك ببورسعيد والتي ابتعدت بالمصري عن المنافسة.
تكليفه لقيادة الفريق الأول للمصرى
ويستمر فقوسة في العمل مساعدًا لعدد من المديرين الفنيين الأجانب، قبل أن يقرر الراحل السيد متولي تكليفه بقيادة الفريق الأول للمصري موسم 1988/1987، ونجح فيه فقوسة إلى قيادة المصري للوصول لدور الثمانية من بطولة كأس مصر بعد الإطاحة بالأهلي في مباراة دور الـ16 التي أقيمت على ستاد القاهرة في الأول من يوليو عام 1988، وانتهت بفوز المصري بركلات الترجيح بعد نهاية المباراة بالتعادل الإيجابي بهدفين لكل فريق، وفي الموسم التالي يواصل فقوسة قيادة المصري وتقديم مستوى متميز للغاية، حيث نجح في قيادة الفريق للفوز على الزمالك والأهلي في غضون شهر واحد، حيث فاز المصري على الزمالك ببورسعيد في الثالث من فبراير عام 1989 بهدف جمال جودة، ونجح في إحراز هدف الفوز على الأهلي ببورسعيد في المباراة التي أقيمت على ستاد المصري في 28 فبراير من العام نفسه.
بطولات حصدها المصرى بقيادة فقوسة
وكان المصري تحت قيادة الراحل مدحت فقوسة قريبًا من حصد بطولة كأس مصر موسم 1989/1988، حيث قاد فقوسة المصري للوصول للمباراة النهائية أمام الأهلي، بعدما أطاح في طريقه بفرق طنطا، والأوليمبي والاتحاد، قبل الخسارة أمام الأهلي في النهائي، وكانت تجربة فقوسة مع المصري، خلال تلك الفترة ناجحة للغاية، خاصة بعد نجاحه في تقديم عدد كبير من اللاعبين الناشئين من أبناء النادي المصري والذين دافعوا عن ألوان المصري لسنوات طويلة.
ويخوض الراحل مدحت فقوسة عددا من التجارب التدريبية الناجحة داخل وخارج مصر، أبرزها كانت مع نادي المريخ البورسعيدي موسم 1992/1991، حيث قدم المريخ تحت قيادته عروضًا قوية للغاية رغم ضعف الإمكانات، وهو الأمر الذي دفع المسؤولين عن جهاز الرياضة العسكري لترشيح مدحت فقوسة لقيادة المنتخب العسكري الذي كان يستعد آنذاك للمشاركة في بطولة العالم العسكرية بالمغرب عام 1993.
حصوله على كأس العالم العسكري بلاعبين شباب
وبقوام غالبيته من اللاعبين الشباب، ينجح مدحت فقوسة في تحقيق الإنجاز الأبرز للكرة المصرية، آنذاك بقيادته للمنتخب العسكري لحصد بطولة كأس العالم العسكري للمرة الأولى في تاريخه، بعد الإطاحة بعدد كبير من المنتخبات تباعًا، ثم الفوز على صاحب الأرض والجمهور المنتخب المغربي في المباراة النهائية بعد ماراثون طويل، نجح خلاله فقوسة بخبرته الكبيرة في قيادة الفراعنة للفوز على أسود الأطلسي بثلاثة أهداف مقابل هدفين، ولم يتوقف نجاح مدحت فقوسة عند هذا الحد، بل نجح أن يقدم للمنتخبات الوطنية عددا كبيرا من اللاعبين، منهم على سبيل المثال لا الحصر ياسر رضوان، سمير كمونة، محمود أبو الدهب، مصطفى صادق، وغيرهم من النجوم، الذين أصبحوا أهم الركائز الأساسية للمنتخب الأول، خلال السنوات التالية بفضل العين الثاقبة للقدير مدحت فقوسة.
وينهال التكريم على الراحل مدحت فقوسة عقب تحقيقه لهذا الإنجاز الأسطوري آنذاك، وتحتفي به كل أجهزة الدولة وقياداتها السياسية، ولم يتوقف التكريم عند ذاك الحد، بل امتد التكريم للجهات الشعبية وأبناء مدينة بورسعيد، الذين حرصوا لأشهر عديدة على إقامة حفلات التكريم لنجمهم الذي رفع اسم مدينتهم عاليًا.
اعتزال فقوسة
فجأة ودون أي مقدمات، يقرر مدحت فقوسة اعتزال التدريب، وهو لم يتجاوز السابعة والأربعين من عمره، والاكتفاء بما حققه من إنجازات، ورغم العروض المادية الضخمة التي انهالت عليه، خلال تلك الفترة، والتي كادت أن تجعل منه المدير الفني صاحب الراتب الأضخم آنذاك في تاريخ الكرة المصرية، إلا أنه رفض بتاتًا تلك العروض مقررًا الاعتزال والابتعاد عن مجال الكرة.
ورغم ابتعاده عن كرة القدم، الا أنه لم يبتعد عن الجمهور الذي عشقه، كان الراحل مدحت فقوسة بمثابة نائبًا للشعب، بيته مفتوح للجميع وخدماته في سائر المجالات لأبناء بورسعيد لا تنقطع، فكم من حالات إنسانية سعى الراحل لخدمتها حتى لو عانى الأمرين في سبيل ذلك، لم يدخر فقوسة وسعًا في سبيل مساعدة الآخرين سواء عرفهم أم لم يعرفهم، فالكل عنده سواء، ولأبناء بورسعيد مكانة كبيرة في قلبه، يكفيه فقط أن تكون بورسعيديًا فيقابلك بكل الترحاب والمودة ويقضي لك حاجتك، أنه مدحت فقوسة الإنسان، صاحب البسمة أينما وجد، وأحد ظرفاء العصر بما يحمله من سمات جميلة، أبرزها سرعة البديهة وروح الفكاهة التي جعلت منه نجمًا تتخاطفه القنوات الفضائية ووسائل الإعلام، سعيًا منه للاستماع لنوادره التي لا تعد ولا تحصى.