أيام قليلة مرت على إعلان بريطانيا عن عدم وجود وفيات نهائياً بسبب «كوفيد» فى يوم كامل.. الخبر يعد الأول من نوعه تقريباً منذ أن وطئ الفيروس أرض تلك البلاد منذ أكثر من عام..!
قبل الخبر بأيام كانت السلطات الصحية البريطانية قد أعلنت أن الحادى والعشرين من يونيو القادم سيكون «يوم الحرية».. حيث سيتم تخفيف إجراءات وقيود كوفيد التى أثقلت المجتمع الإنجليزى لفترة طويلة.. لم ينخفض عدد الإصابات اليومية بقدر كبير.. هذا صحيح.. ولكن احتياج المصابين للمستشفيات قد انخفض بشكل ملحوظ.. وبالتبعية عدد الوفيات..!
لا يمكن تلقى كل تلك الأخبار من الجزيرة البريطانية دون أن نعرف أنه قد تم تلقيح أكثر من أربعين مليون بالغ بجرعة واحدة على الأقل.. وثلاثة من كل أربعة قد تلقوا الجرعتين..!
فى الأسابيع الأخيرة فى مصر هناك إقبال على تلقى اللقاح لم يكن موجوداً من قبل.. هذا جيد.. معظم المعارف والأقارب والأصدقاء يرغبون بشكل جاد فى أن يحصلوا على ما يحميهم من هذا الكابوس الذى لا يبدو أنه سينتهى قريباً.. مستويات اجتماعية وتعليمية جديدة انضمت إلى قائمة الراغبين بعد أن كان الأمر قاصراً على شريحة محددة من المجتمع..!
حتى فكرة اختيار نوعية اللقاح أو محاولة الحصول على واحد بعينه دون النوع الآخر بسبب أعراضه الجانبية أو التخوفات المتواترة حوله، مستمرة فى التراجع بشكل كبير.. الكل يبحث عن ملجأ من الطوفان.. أى ملجأ..!
كلها مؤشرات جيدة تدل على أن المجتمع المصرى قد قرر أن يستوعب حجم الكارثة العالمية.. أن يتعامل مع أمر واقع موجود حولنا فى كل لحظة.. لم يعد هناك الذى يستنكر وجود الوباء كما كان الأمر منذ عدة أشهر.. تضاءلت أصوات هؤلاء الذين يتحدثون عن آثار اللقاح الجانبية على المدى البعيد التى لا يعرفها أحد.. حتى الذين تبنوا نظرية المؤامرة الكونية وزرع الشرائح تحت الجلد للتحكم فى البشر وغيرها من النظريات التى كانت تثير الشفقة أكثر من إثارتها للضحك.. حتى هؤلاء اختفت أصواتهم أمام الملايين الذين تلقوا اللقاح حول العالم وما زالوا أحياء بل ويملكون قرارهم..!
أكثر من حالة أعرفها أصيبت بكوفيد بعد أن تلقت اللقاح بجرعتيه.. مر الأمر بسيطاً عليهم للغاية.. لم تكن هناك تلك الأعراض القاسية.. لم يحتاجوا الذهاب إلى المستشفى ولا حتى استشارة طبيب.. فقط كانت هناك تلك الأقراص التى تسيطر على ارتفاع الحرارة وبعض الفيتامينات.. ورحل هذا اللعين عنهم يجر أذيال الخيبة..!
المشكلة أن صعوبات ليست قليلة تواجه البعض فى التسجيل ومن ثم الحصول على اللقاح.. الموقع الإلكترونى المخصص لتسجيل الرغبات لا بأس به على الإطلاق فى دولة تخطو خطواتها الأولى نحو الرقمنة.. ولكن بالتأكيد هناك ما هو أفضل..!
كنت سعيداً حينما شاهدت الحملة الإعلامية للتشجيع على تلقى اللقاح فى وسائل الإعلام الأيام الماضية.. متأخرة بعض الشىء ولكن المهم أنها صارت موجودة، بل ونطمع فى المزيد منها فى كل الوسائل.. ما زلت أذكر حملات تنظيم الأسرة فى نهاية الثمانينات وحملات القضاء على مرض البلهارسيا فى منتصف التسعينات.. لقد كانت جرعات مركزة مفيدة..!
الاحتياج إلى مراكز لتسهيل التسجيل على المواطنين فى القرى أصبح ضرورة ملحة.. هناك اقتراح بالاستعانة بمنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية المسجلة فى هذا الغرض.. يحتاج المواطن فى القرى أن نصل إليه لا أن يصل هو إلى الوزارة..!
الأمر برمته يحتاج إلى استيعاب عامل الوقت الذى لم يعد رفاهية على الإطلاق.. فالعالم يستعد للعودة.. ولن نعود معه من دون لقاح.. أو هكذا أعتقد!