مولد «أبوالحجاج».. عيد شعبي لأبناء محافظات الصعيد
احتفالات لمدة 7 أيام.. و«الكباب الأقصري» أشهر أكلات المولد
مريدو أبوالحجاج الأقصرى يتوافدون على الضريح للاحتفال بذكرى مولده
احتفالات تستمر على مدار 7 أيام، حضور لأبناء الصوفية والمريدين من كل حدب وصوب، للاحتفال بمولد أحد الأقطاب الصوفية فى الصعيد، العارف بالله سيدى أبوالحجاج الأقصرى.
الاحتفال تمارس فيه طقوس وعادات ضاربة فى القدم ومتداخلة بشكل كبير مع الاحتفالات الفرعونية. بجانب ضريح الإمام يقف المحبون والمريدون من أتباع الطرق الصوفية لزيارة الضريح وقراءة الفاتحة، ثم تبدأ حلقات الذكر والمديح داخل المسجد، حيث يعقد السادة الحجاجية، أحفاد سيدى أبوالحجاج، مجلس ذكر يُعرف باسم «الدايم»، كما تقام حلقات الإنشاد الدينى والمدائح النبوية وقراءة القرآن فى جو روحانى يعيد للنفس صفاءها ونقاءها.
الأجواء خارج المسجد لا تختلف كثيراً فى بث روح البهجة والسرور فى نفوس المحتفلين، فعلى اليمين جلسات المديح للطرق الصوفية، وعلى اليسار الطرق الإدريسية يزينها من الخلف والأمام أفراد الخدمة الحجاجية، وبالسير هنا وهناك فى ساحة أبوالحجاج يتقابل السقاؤون والمطعمون والمعطرون بأوجه مبتسمة، عارضين خدماتهم مجاناً لوجه الله بكل حب وسرور، وإرضاء لصاحب المقام.
ويطوق تلك المظاهر الاحتفالية التى تخلق ازدحاماً فى المنطقة بين المريدين والمحتفلين القادمين من شتى أرجاء المحافظة، موائد إطعام للوافدين بالمجان، تشبه تلك التى تقام فى شهر رمضان، فهناك من أقام جلسات موسعة على مساحات تقارب مساحات الشوارع لاستيعاب المحتفلين بأعدادهم الضخمة، ويحيى هذه الحفلات أبرز وأشهر المنشدين فى مصر.
مظاهر فريدة مثلما كانت سبباً فى حضور الآلاف إلى مولد أبوالحجاج الأقصرى أيضاً كانت سبباً فى جمع شمل تجار الحلوى الشعبية وحلوى المولد الذين أصبحوا قبلة أخرى لتوثيق المريدين احتفالاتهم بشراء تلك الأنواع من هذه المنتجات التى غالباً ما تكون متوافرة خارج الاحتفالات والأحداث الدينية.
ولا تخلو أيضاً هذه الأجواء من الوجبة الرسمية لمولد أبوالحجاج الأقصرى بصفة خاصة، وهى الكباب الأقصرى، الذى يشبه فى شكله الفلافل الشعبية على الرغم من أنه مصنوع من الفريك، لكن مذاقه مختلف عن أى طعام يتذوقه المواطنون، بجانب وجود قطع من اللحم حرص الأهالى على توفيرها مع هذه الوجبة على الرغم من ارتفاع أسعار اللحوم مؤخراً.
كما تقام فى الأقصر أشهر حلقات التحطيب، حيث يتجمع لاعبو اللعبة من محافظات سوهاج وقنا والأقصر وأسوان للتبارز بالعصا على أنغام المزمار البلدى، فى جو تسوده الألفة والمحبة فى اللعبة القائمة فى الأساس على تلاقى الأحباب والأصدقاء للتسامر ولعب التحطيب، حيث تربط لاعبى التحطيب ببعضهم البعض علاقات مودة ومحبة قديمة وصلت إلى النسب والمصاهرة فيما بينهم، والتحطيب لعبة فرعونية فى الأساس وُجدت منقوشة على جدران المعابد والمقابر الفرعونية.
أيضاً مما يميز مولد «الأقصرى»، سباقات المرماح التى تجمع الفرسان والخيّالة من مختلف المحافظات للتسابق بالخيول على أنغام المزمار البلدى، حيث يُعتبر المرماح أبرز ميادين التفاخر بين العائلات فى الأقصر، فلكل عائلة أو قرية حصان أو أكثر يمثلها فى السباقات، فإذا حقق أداء رائعاً كان ذلك بمثابة فخر للعائلة التى ينتمى لها الخيّال أو الفارس.
وتمد الاحتفالات نوعاً آخر من خيرها الوفير إلى سلاسل المحال التجارية والمطاعم وتحدث رواجاً اقتصادياً فى المدينة، فهناك الداخلون على أبواب المطاعم وهناك الخارجون من المقاهى وبين ذلك وذاك هناك من يجدد نشاطه بالعصائر التى يأتى فى مقدمتها وأشهرها القصب والعرقسوس والتمر، ومنهم من يتجول بين محال العطارة والتسالى التى تشتهر بها المدينة.
ولمسجد «الأقصرى» أبوالحجاج خصوصية، حيث يقع داخل معبد الأقصر متخذاً من أعمدة المعبد جدراناً له، فعند دخولك المسجد تشعر بهيبة وعبق التاريخ، الفرعونى منصهراً ومندمجاً مع الإسلامى والقبطى.