الأحزاب العلمانية.. حرب "فصل الدين عن السياسة"
انتشرت دعوات فصل الدين عن الدولة فى أوروبا، وهى ما أطلق عليها لاحقاً «العلمانية السياسية» قبيل الثورة الفرنسية عام 1789، وكان ذلك لعدة أسباب، منها اشتغال بعض رجال الدين بالسياسة وبيع صكوك الغفران، كما وقفت الكنيسة فى روما ضد العلم وهيمنت على الفكر وشكلت محاكم تفتيش واتهمت العلماء بالهرطقة والكفر مثل: جاليليو وكوبرنيكس وجرادانو وسبينوزا، لهذا ظهرت دعوات إلى تحرر العقل، ونتيجة لهذا الصراع تشكلت عقب الثورة الفرنسية أول حكومة لا دينية تحكم باسم الشعب، وأيد الكتاب والمفكرون أمثال جان جاك روسو ومونتسكيو وسبينوزا وفولتير الأفكار الجديدة.
وفيما يخص العلاقة بين العلمانية والأخلاق أو العلمانية والدين، فإن العلمانية لا تأبه لسلوك الفرد ما دام محدوداً فى دائرته الخاصة من الحقوق والحريات، ولكنها صارمة خارج ذلك الإطار، فالعلمانية تتيح للشخص أن يمارس حرياته ويتبنى الأخلاق التى يراها مناسبة، ولكن إن أصبحت ممارساته مؤذية للآخرين مثلاً فإنه يحاسب على تلك الممارسات قانونياً، كما تتيح العلمانية للفرد حرية الفكر والمعتقد، وترى العلمانية أن الفرد هو المعبر الحقيقى عن الإنسان، بعيداً عن النظريات المختلفة، ومن هذا الفرد وحوله تدور فلسفة الحياة برمتها، وتنبع القيم التى تحدد الفكر والسلوك معاً، فالإنسان يخرج إلى هذه الحياة فرداً له الحق فى الحياة والحرية وحق الفكر والمعتقد والضمير، ولهذا فهى تؤكد حق الحياة كما يشاء الفرد ووفق قناعاته، فالإنسان يجب أن يحيا حراً كامل الاختيار كما يجب على غيره التسامح وقبول الاختلاف، وتمثل الحرية والاختيار حجر الزاوية فى فكرة العلمانية.
وتشترك الأحزاب العلمانية حول العالم فى مبادئ عامة، منها تحقيق الفصل بين الكنيسة والدولة وتشجيع العلمانية فى جميع أنحاء العالم ودعم حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، والتأكيد على كرامة كل كائن بشرى، وكذلك توفير ودعم الحريات الفردية بما يتسق مع المسئولية والبيئة الاجتماعية وكذلك الدفاع عن حرية التعبير فى كل مكان وتبنى السياسات التى تدعم النهج العقلانى لحل مشكلات البشرية وتحقيق أكبر قد من رفاهية الإنسان باستخدام العلم، وتنص أهداف الأحزاب العلمانية على المساواة فى المعاملة لجميع المؤمنين بالأديان المختلفة داخل الدولة، كما يجب أن تعترف قوانين الدولة ومؤسساتها وتقبل بجميع الأديان ومفهوم التعددية وتعامل الدولة جميع الأفراد كمواطنين على قدم المساواة بغض النظر عن دينهم.