«الباز» يكشف في مذكراته أسباب عدم مشاركة «حماس» في مفاوضات «أنابوليس»
فى 27 نوفمبر 2007 عقد فى كلية البحرية للولايات المتحدة بأنابوليس مؤتمر السلام الدولى فى الشرق الأوسط، الذى عرف باسم «مؤتمر أنابوليس»، كانت كل الظروف تتحدث عن توجهات جديدة فى المجتمع الدولى لإحياء عملية السلام بعد الحرب التى اندلعت بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية فى 2006، وكانت الجهود تتضافر لإعادة الأمور إلى نصابها والعودة لتنفيذ خارطة الطريق والتوصل لتفاهمات جدية تحقق تقدماً ملموساً قد يقود إلى سلام شامل أو على الأقل خطوات جدية يتم التحرك على أساسها.
الوثائق والمكاتبات التى كانت فى مكتب الدكتور أسامة الباز تتحدث باستفاضة شديدة عن أجواء ما قبل المؤتمر وكيف انتهى بعكس ما هو مخطط له، وكيف تداعت الأحداث فيما بعد
تحت عنوان «سرى جداً» جاء محضر مقابلة أحمد أبوالغيط مع كونداليزا رايس على هامش اجتماع الرباعية الدولية الذى عقد يومي 8 و9 نوفمبر في شرم الشيخ في قلب الملف، وعرض المحضر لما جاء فى المقابلة:
- استهلت الوزيرة الأمريكية اللقاء بالاستفسار عن الأسباب التى دفعت حركة حماس إلى إعلان عدم مشاركتها فى جلسة المصالحة، حيث أوضح لها السيد الوزير أن الحركة كانت تتحسب من الجلوس مع «أبومازن» خشية تقديم تنازلات قد تنقص من مكتسباتها التى حققتها باستيلائها على غزة لذا راوغت وتقدمت بالعديد من التعديلات على الورقة المصرية، كما تقدمت بالعديد من المطالب التى اشترطت تحقيقها قبل بدء الحوار، وبالإضافة إلى ذلك فليس مستبعداً أن تكون هناك أيد خارجية قد أثرت على توجه حماس ودفعتها بعيداً عن الحوار،
- تطرق الوزير إلى الرؤية المصرية المعالجة لهذا الموقف وتأجيل الحوار لوقت لاحق للسماح بمزيد من الوقت لكى تمر هذه الزوبعة، وأكد الوزير ضرورة الاستمرار فى دعم الرئيس عباس وتقوية مركزه، وكذا دعمه معنوياً حتى لا يضطر للانسحاب من الساحة السياسية، لاسيما أن حماس تنوى الطعن على شرعيته بحلول 9 يناير المقبل.
- انتقل الحديث إلى تناول التطورات السياسية الإسرائيلية، حيث شددت رايس على ضرورة دعم ليفنى وذلك لتدعيمها موقفها فى الانتخابات المقبلة مقابل منافسة نتنياهو، من أجل أن تكمل طريق المفاوضات الذى بدأته مع الجانب الفلسطينى، مشيدة بموقف «ليفنى» التى رفضت ضغوط الأحزاب الدينية لمنعها من التفاوض فى موضوع القدس مقابل موافقة هذه الأحزاب على الانضمام للائتلاف الحكومى برئاستها، مطالبة بإشارات عربية إيجابية باتجاهها لدعم موقفها الانتخابى، وأوضح السيد الوزير أننا ندرك دقة الظرف الداخلى فى إسرائيل وما تمر به من تحضير للانتخابات، وأن تفضيلنا فى ذلك واضح ويقوم على أهمية دعم «ليفنى» قدر الإمكان لترجيح كفتها أمام الرأى العام الإسرائيلى، وبما يسمح لها بالفوز فى الانتخابات، وأوضح وجود استعداد لاستقبالها فى مصر إذا كان ذلك يمكن أن يعزز موقفها الداخلى.
- شرحت «رايس» أيضاً أن المغزى من وراء اجتماع الرباعية هو توجيه رسائل مباشرة من شأنها التأكيد على وجود تقدم فى عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية، وأن الأسس متفق عليها بين الجانبين، وأنه سيتم نقل الملفات الخاصة بعملية السلام التى أطلقت فى أنابوليس إلى الإدارة الجديدة -إدارة باراك أوباما- بشكل يسمح للمسئولين الجدد بالانخراط الفورى فى دعم المسار التفاوضى الفلسطينى - الإسرائيلى، وعلى أساس واضح ودون الانحياز لأى طرف، وأضافت أن الهدف هو تفادى الخطأ الذى وقع بعد فشل مفاوضات «كامب ديفيد 2» بنهاية ولاية كلينتون، الأمر الذى أعاد الأمور إلى نقطة الصفر من جديد.
- تطرق الوزيران إلى المواقف المحتملة للإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس الأمريكى المنتخب من الوضع فى الشرق الأوسط وأشار السيد الوزير إلى المكالمة التى تلقاها السيد الرئيس من الرئيس الأمريكى الجديد الذى أكد نيته الانخراط فى حل أزمة الشرق الأوسط منذ اليوم الأول لولايته
لكن كل هذه الوثائق التى تتحدث عن المقابلات والمفاوضات ليست بحجم الوثيقة التى أرسلتها سفارة مصر فى تل أبيب برقم 4000، والتى تتحدث عن توصل أولمرت وأبومازن لاتفاقات على عدد من القضايا وإبداء أولمرت لمرونة كبيرة فيها، لكنه اشترط عدم وضعها فى البيان الختامى لأنابوليس حتى لا تؤثر على وضعه فى الانتخابات.. البرقية أرسلها الوزير المفوض طارق محمود القونى، الذى التقى بجبريل الرجوب فى مناسبة «اجتماعية» بالقدس ونقل عنه: «إنه لا يتوقع الكثير من مؤتمر أنابوليس، وأن المعلومات المتوفرة لديه تفيد بأن هناك تفاهماً بين أولمرت وأبومازن على عدد لا بأس به من القضايا التى أبدى فيها الأول «أولمرت» مرونة كبيرة، إلا أن أولمرت طلب من أبومازن إبقاء هذه التفاهمات طى الكتمان، وألا يتم إدراجها فى البيان الذى يتم التفاوض عليه حالياً بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، والذى لم يتجاوز الصفحتين ويقتصر على تناول عام لقضايا الحل النهائى والمتابعة عقب المؤتمر، استناداً إلى أن ظروفه الداخلية الحالية لا تسمح له بطرح مثل هذا الاتفاق على الحكومة أو الكنيست، وأضاف «الرجوب» أنه يلمس أيضاً وجود اختلاف بين الموقفين الأمريكى والإسرائيلى، بالرغم من جدية واشنطن فى تحقيق نتائج إيجابية فى أنابوليس، إلا أنه يشك أن يتضمن الجهد الأمريكى ضغطاً كافياً على الإسرائيليين لتغيير مواقفهم.