سلى نفسك بـ"فول سودانى"
هدوء تام لا يخلو من أصوات تعلو فجأة وتنخفض سريعاً، أشعة ضوء متشابكة تحيط بالشارع تعكس ظلالها على الميدان العتيق، دقائق تمر سريعاً تزامناً مع زيادة الجمهور الذى يبحث عن مكان مناسب للمشاهدة فيفترش الأرض والطرقات، دقائق قليلة ويرفع الستار عن عرض «فول سودانى» لفرقة «الإمام الشافعى لفنون الشارع».
«صراع العقول» هى الفكرة الأساسية للعرض، رغم أنه يدور فى إطار اجتماعى ساخر ويمتزج بالطابع السياسى، حيث يناقش الكاتب شادى أحمد فى العرض المسرحى المكون من فصل واحد، صراع ثلاثة رجال يشكلون ثلاثة مستويات، فكرية وعمرية وسياسية، أصغرهم شاب يمثل جيل الثورة، والثانى يمثل الكبار، والثالث جيل الوسط، ويدعو العرض فى النهاية إلى ضرورة انصهار العقول داخل قالب واحد يعمل على المصلحة العامة للجميع، ويقوم ببطولة العرض ثلاثة من سكان منطقة «الإمام» منهم سائق سيارة أجرة.
يقول المخرج إسلام سعيد عن التجربة: «فى الوقت الذى تخلو فيه المنطقة من مركز ثقافى أو منفذ حقيقى للفن قررنا تحويل الساحة التى جمعتنا فى طفولتنا لمكان يشهد مواهب أهل المنطقة من الأطفال والشباب فكانت البداية منذ عام 2014، قدمنا ورشة عمل يوم الخميس من كل أسبوع اختارت مجموعة من الموهوبين وتمت تصفيتهم لنتفق على عدد أعضاء الفرقة المشتركين بها الآن ما بين مطربين وممثلين وراقصين».
يحاول «إسلام» أن يصل بالفن إلى مستحقيه داخل الحوارى والشوارع فى هذا المكان الشعبى العريق الذى يزيد تاريخه على مائة عام، مشدداً على الفارق بين المسرح المتجول ومسرح الشارع الذى يقدم تجربة حقيقية ومختلفة تحاول كشف مواهب سكان المنطقة وخلق نوع من التطور المجتمعى وزيادة الوعى الثقافى العام.
تعرضت الفرقة لعدد كبير من الصعوبات، أهمها مشاكل مالية متعلقة بالدعم والتمويل الذى يعتمد على الجهود الذاتية بشكل أساسى، بالإضافة إلى بعض العقول المتحجرة التى لم تقبل التعامل مع مسرح الشارع، وصعوبة التعامل مع أعضاء الفرقة، حيث إن معظمهم عمال وأصحاب حرف يدوية: «فى إحدى المرات رفض والد طفل ذهابه إلى المسرح لأنه يتقاضى أجراً قدره 250 جنيهاً كل أسبوع وبعدها اضطررنا إلى جمع المبلغ المطلوب ليكمل الطفل معنا العرض».
ويتابع المخرج المرشح للفوز بمنحة فى روما لدراسة إدارة مسرح الشارع: «مسرح الشارع فرصة جيدة للشباب لتنفيس طاقتهم فى ممارسات مشروعة تبعدهم عن المخدرات والإدمان وغيرها من المشاكل التى يواجهها المراهقون».