متظاهرة ومراسلة وأسيرة.. "فلسطينيات يواجهن الاحتلال"
متظاهرة ومراسلة وأسيرة.. "فلسطينيات يواجهن الاحتلال"
فلسطينيات في مظاهرة ضد الاحتلال
تواصل المرأة الفلسطينية دورها في مقاومة الاحتلال يومًا بعد يوم، وتثبت للعالم بأسره أن هذا الدور لا يقتصر على كونها أمًا لشهيد أو زوجة لمعتقل، ولكنها تشترك على الأرض في الانتفاضة على المحتل الصهيوني سواء بالتظاهر أو بالمرابطة، ويصل الأمر إلى حد الاشتباك.
وانتشرت، في الآونة الأخيرة، صورٌ لفتيات فلسطينيات يشتبكن مع قوات الاحتلال أو يقفن في مواجهة الشرطة الإسرائيلية، لمنعها من تدنيس المقدسات في مدينة القدس.
من جانبها، قالت جنان عبده، ناشطة سياسية وحقوقية - بحيفا، إن ما تتعرض له المرأة الفلسطينية المشاركة في الأحداث الأخيرة من مخاطر لم يتغير من الناحية العملية، فالنساء شاركت في المقاومة منذ الاحتلال العثماني مرورًا بالانتداب البريطاني، ثم النكبة وحتى الآن.
وأضافت جنان، في تصريح لـ"الوطن"، أن المرأة الفلسطينية تكون بموازاة الرجل على الأقل والنساء الفلسطينيات يتواجدن بأدوار مختلفة في المقاومة، مشيرة إلى أن هناك نموذجًا جديدًا يتمثل في استخدام "السكاكين" وتظاهرات بالداخل الفلسطيني في حيفا ومنطقة المثلث.
وأوضحت أن الاحتلال يزيد من وحشيته، وأن الشرطة الإسرائيلية أصدرت بيانًا في أسدود بإمكانية استخدام السلاح، وهذا قرار يخص المستوطنين اليهود، حيث إنهم من يملكون السلاح ويتعاملون به بنوع من الهستريا.
وتابعت أن نظرة الاحتلال تغيرت تجاه المرأة، خلال الأحداث الأخيرة، فهناك اعتقالات لقاصرات وشابات، مؤكدة اعتقال 3 شابات فلسطينيات بسبب منشورات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مشيرة إلى أن التغيير يكمن في اعتقال الوالد مع الفتاة، وأن هذا حدث قبل المظاهرات تحديدًا، فالاحتلال يرسخ مفاهيم رجعية تفيد بأن الفتاة حينما تشارك في السياسة فإنها تخل بالشرف العائلي.
وأشارت إلى أنها أثناء دراستها الجامعية اعتقلت، واستدعي والدها واستفزه المحققون، وقالوا له أنه لا يستطيع السيطرة على بيته ولا عائلته.
وقالت إنها من خلال متابعتها للقضايا والاعتقالات، فإن زميلتها اعتُقلت بسبب منشور على "فيسبوك" يحث المتظاهرين قبل إحدى المظاهرات ضد الاحتلال، وكان مضمون المنشور "لازم تجيبوا بصل في المظاهرة"، لأنه من المعروف أن البصل مضاد لقنابل الغاز المسيلة للدموع التي يطلقها الاحتلال ضد المتظاهرين الفلسطينيين، ومددوا اعتقالها 5 أيام.
وتابعت: "باختصار إن الاحتلال مرعوب من هذا الجيل بما فيهم الشابات، وهناك صبيتين من الناصرة بين 14 و 15 عامًا اعتقلن منذ أيام خلال الأحداث الأخيرة.
وعن الشابة التي اغتالها الاحتلال بدم بارد في الناصرة، قالت "جنان": إن هناك حديثًا عن فبركة الفيديو، وأنها لم تحمل سكينًا ولكنها كانت تحمل نظارة شمسية وجنود الاحتلال أطلقوا عليها الرصاص من النقطة صفر.
من جانبها، قالت رشا حرز الله، مراسلة وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، إنها كانت فتاة عادية ليس لديها أي طموح ولكن عند اندلاع انتفاضة الأقصى في نهاية عام 2000 شكلت لدى ميول للإعلام، ولم تكن الإمكانات متوفرة مثل الوقت الحالي، فحياة الدراسة في الجامعة كانت صعبة للغاية وظلت تبحث عن عمل والانتفاضة على وشك الانتهاء ووجدت عمل في وكالة "وفا".
وأضافت رشا لـ"الوطن"، أن الاحتلال لا يفرق بيني وبين المراسلين الشباب، حيث إن الكاميرا أصبحت تفضحهم أكثر، ولهذا تعلمت أن أكون جريئة فأنا الفتاة الوحيدة التي تقوم بتصوير فوتوغرافيا بمناطق الاشتباك، وعلى الرغم من تواجد مراسلات للقنوات الفضائية إلا أنني في المواجهة دائمًا والاحتلال يتعامل معي بوحشية ولا يميز بيني وبين الشباب، وجنوده يقومون بتوجيه السباب لي عند تغطيتي للأحداث.
وعن أصعب المواقف التي قابلتها رشا أثناء تغطية اشتباكات جنود الاحتلال مع الشباب الفلسطيني قالت: "أثناء تغطيتي لأحداث حاجز قلنديا منذ 4 أيام مازحني أحد أصدقائي وقال لي أن الاحتلال إذا أطلق الرصاص سيصيبني، ولن يصيبك وفجأة سقط على الأرض، وكنت أظنه مستمرا في المزاح ووجدت أن رصاصة أطلقها جندي إسرائيلي استقرت في بطنه، وكنت أقف خلفه وإذا تحركت لكانت الرصاصة استقرت في جسدي".
وأشارت إلى أن هناك واقعة أخرى، حدثت لها منذ عام تقريبا، حينما اتجهت لتغطية استشهاد فلسطيني في بلعين، وكان الاحتلال اغتاله بدم بارد في إحدى المغارات، وكان لديها إصرار بالذهاب إلى مكان الحادث، وقام جنود الاحتلال بإمطاري حينها بالرصاص وقنابل الغاز، ونهروني بألفاظ بذيئة للغاية ونطقت الشهادة مرتين".
وتابعت: "استهدفني الاحتلال في إحدى المرات بقنابل الغاز حتى أصبحت غير قادرة على التنفس، ونقلوني إلى المستشفى لعمل تنفس صناعي، وكثيرًا ما يغمرونا بمياه عادمة تبقى على الجسم لأكثر من أسبوع ورائحتها سيئة للغاية، وهي عبارة عن مياه يختلط بها مواد كيميائية مركزة".
وعن أكثر موقف خلال الأحداث الحالية ترك أثرًا سلبيًا فيها، قالت رشا: "كنت متأهبة لتغطية إحدى التظاهرات ضد الاحتلال منذ أيام، وفجأة تسلل المستعربين بيننا وكانت المرة الأولى التي أرى فيها عملية للمستعربين، وألقوا القبض على الشاب أحمد حامد وسحلوه وضربوه بشكل لا يوصف، واعتقلوا شابًا أصيب في الظاهرة وحينها دمعت عيني، وأحسست بأنني عاجزة وأصبت بانهيار، وكلما أتذكر المشهد أشعر بالضعف على الرغم من تعرض منزلي للقصف والهدم، واستشهاد جيراني في البلدة القديمة بنابلس إلا أن مشهد المستعربين لا توصف بشاعته".
وعن دور المرأة الفلسطينية في الانتفاضة، قالت الدكتورة وسام الريس، مسؤول الإعلام باتحاد المرأة الفلسطينية بمكتب القاهرة، إن الأحداث الحالية شهدت مشاركة مباشرة من قبل الفتيات على نقاط التماس.
وأضافت الريس لـ"الوطن": "يجب ألا ننسى دور المرابطات في بيت المقدس فهن داعمات أساسيات وحاميات للمقدسات الفلسطينية، ويتعرضن لمحاولات نزع الحجاب والنقاب، والمحتل استشعر الخطر وتعامل ضدهن بنفس العنف الذي يتعامل به مع الرجال".
وأوضحت أن المطاعم في رام الله فتحت أبوابها للمتظاهرين ضد الاحتلال والفلسطينيات قمن بتوصيل الوجبات لهم، وشاركن بإلقاء الحجارة على الاحتلال.