سيول البحيرة تفجر بركان الغضب
سيول البحيرة تفجر بركان الغضب
سيول البحيرة"صورة أرشيفية"
لا تعرف السيول الرحمة، وكذلك المسئولون، فالضحايا بالنسبة لهم مجرد أرقام، تُكتب فى أوراق رسمية، ثم تُحفظ فى الأرشيف، بينما لدى المواطنين هم بشر من لحم ودم، يودّعونهم إلى القبور خطوة خطوة، لتحفظ الأقدام الطريق إليها، لكن ضاعت معالم تلك الطرق إلى المقابر والمزارع والمنازل، بعدما حفظتها أقدامهم، ولم يعد أهالى وادى النطرون المنكوبون فى البحيرة قادرين على دفن موتاهم، أو الحصول على لقمة خبز، أو حتى الخروج من منازلهم ومزارعهم بعدما حاصرتهم المياه.
حكومة بلا رحمة.. والمتضررون يصرخون: عاوزين ندفن أمواتنا
وسط المعاناة المتواصلة خلال 3 أيام، خرجت نائبة محافظ البحيرة لتنكأ جراح الأهالى، بأن وجهت إليهم اتهامات بإقامة منازل عشوائية، مما فجّر غضب المتضررين، الذين انتقدوا توقيت هذه التصريحات، التى لم تراعِ أحوالهم النفسية والمعيشية، معتبرين أنها «جاءت فى التوقيت الخاطئ»، كما أكدوا أنهم لا يريدون الكثير من المسئولين، بعدما كشفت الأزمة الأخيرة فشلهم، فكل ما يحلمون أن تساعدهم به الحكومة، فى انتشال جثث ذويهم المفقودة، وإعادة إعمار الطرق، التى تحملوا هم تكلفة إنشائها فى مشروع الـ«36 ألف فدان»، قبل 16 عاماً، دون أن تكملها.
فى البحيرة المنكوبة، عادت القرى قروناً عديدة إلى الوراء، لا كهرباء، لا صرف صحى، لا طرق، ولا وسائل نقل، لم يتبقَ فيها سوى مياه السيول التى أغرقتها، فجرفت الأخضر واليابس فى طريقها، وتركت خلفها، إما قتلى أو مشردين أو أطفالاً فى عداد المفقودين، فى أكبر كارثة من نوعها منذ السيول التى ضربت الصعيد فى عام 1994، باختصار هجمت الأمطار والسيول غدراً فى وقت واحد وبلا رحمة، القرى الآن وبعد الكارثة -التى قد تتجدد- ليس فيها سوى رائحة الموت والخراب، ولا يخلو منزل -استطاع الصمود بأهله أمام الطوفان- من حزن وبكاء على طفل فقده أهلُه، أو محصول كان على وشك الحصاد، لكن جاءت السيول لتدمّره وتأتى عليه كاملاً، وتقتل فى الوقت نفسه أحلاماً بالحصاد وجمع الرزق.