خبراء يرصدون تأثيره على الأسرة: يُقلل من العلاقات الحميمة
تأثير شبكات التواصل الاجتماعى على الأسرة
اتفق أساتذة علم النفس والاجتماع على أن شبكات التواصل الاجتماعى وسيلة للتواصل بين الأصدقاء والأقارب الذين يسكنون فى أماكن بعيدة، لكنها فى الوقت نفسه أضعفت التواصل والحب بين أفراد الأسرة، وقلّلت من التآلف والمحبة والعلاقات الحميمة بينهم، ورأى الخبراء أنه يجب تخصيص جزء من الوقت لجلوس أفراد الأسرة مع بعضهم، لإضفاء روح الحب على الجميع.
الدكتور محمد أنور حجاب، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، يرى أن شبكات التواصل الاجتماعى أثرت سلباً بشكل كبير على التواصل والحب بين أفراد الأسرة، وأصبح كل فرد يُمسك فى يده الموبايل، ويجلس منفرداً وكأن كل فرد من أفرادها يعيش بمفرده، حتى الزوج والزوجة أصبحا مثلهم، وأصبحت الأسرة متماسكة ظاهرياً، لكنها من الداخل مفككة.
«هالة»: لازم نخصّص وقت نقفل فيه التليفون ونقعد مع بعض.. و«سناء»: العائلات انشغلت بتلك المواقع
ويوضح «حجاب» أن أفراد الأسرة فى حاجة إلى أن يجلسوا معاً مدة أكثر، ويتناقشوا فى مشكلاتهم لإضفاء روح الحب عليهم، لأن فاقد الشىء لا يعطيه، وعندما يكبر الأطفال سيعاملون أبناءهم بالمعاملة والأسلوب نفسهما اللذين تربوا عليهما، خصوصاً بعد أن أصبح الاغتراب يخيم على أفراد الأسرة رغم أنهم يعيشون داخل بيت واحد: «المصالح غلبت على الحب، يعنى الواد بيروح لأبوه وأمه، لما يكون عايز مصاريف، والبنت برضه كذلك مش بتتقرب غير لما تكون عايزة تشترى حاجة»، مشيراً إلى أن التكنولوجيا تُفقد الحب معناه مع تحول العلاقات بين أفراد الأسرة إلى علاقات مادية، وليست عاطفية.
الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، تؤكد أن السوشيال ميديا أخذت نصيباً كبيراً من الوقت، نتيجة لما تحتويه من أخبار، والتسوق من خلالها وبها درجة كبيرة من اتساع الأفق حصلت به على اهتمام الأفراد، وخلقت حالة من التواصل مع الأصدقاء والأقارب خارج حدود المنزل، وأصبحوا يتناقلون أخبار بعضهم بعضاً، وربط السوشيال ميديا بين كثير من الأفراد.
وترى «هالة» أن داخل نطاق الأسرة، أثرت وسائل التواصل الاجتماعى بشكل سلبى، وهو من أحد الأسباب المهمة التى قلّلت من التواصل والمحبة بين أفرادها، ومع كل تقدّم تكنولوجى يسحب اهتمامات أفراد الأسرة، وأصبح كل فرد يجلس بمفرده، ويأكل فى وقت مختلف، وإن كانت الأسباب كثيرة لذلك، لكن السوشيال ميديا أحد أهم الأسباب فيها: «لازم نخصص وقت نقفل فيه اللاب والتليفون ونبتعد عن كل ده، وتجلس الأسرة بكل أفرادها، وده هيأثر بشكل كبير فى الحب والتآلف بينهم».
وتتفق معها الدكتورة سناء سليمان، أستاذ علم النفس بكلية البنات جامعة عين شمس، وتوضح أن الآباء والأمهات، على سبيل المثال، يرسلون رسائل عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى إلى الأبناء المتزوجين للاطمئنان عليهم، وأصبحت تلك البرامج تُسهل بشكل كبير التواصل مع الجميع، لكن تلك الوسيلة لن تُغنى عن المشاعر الحميمية، وحنان وعطف الوالدين لأبنائهم.
وترى «سناء» أن الأبناء المتزوجين عندما يذهبون إلى منزل الأسرة فى زياراتهم لا يتركون الموبايل من أيديهم، وبالتأكيد شبكات التواصل الاجتماعى لها فوائد كثيرة، سواء فى العمل، وتسهيل الاتصال بشكل كبير بين الأصدقاء والأقارب البعيدة: «لكن كل ده لا يُغنى أنه لو صديقتى مريضة، أو عندها حالة وفاة ما أزورهاش».
وتشير «سناء» إلى أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعى السلبى ظهر على التواصل والحب والحميمة بين أفراد الأسرة، حيث انشغل أفراد الأسرة بتلك المواقع، وضيّعوا الكثير من الوقت الذى لا نستطيع شراءه أو تعويضه، وكان سبباً فى قطع العلاقات الحميمة بين أفراد الأسرة، حيث كان ذلك الوقت المُهدر كفيلاً بزيادة الحب والتآلف والتفاهم بينهم.
وتضيف أستاذة علم النفس: «كل واحد بقى قاعد على سريره، وحتى الأكل بقى كل واحد بيقعد ياكل لوحده، واحنا محتاجين نقعد مع بعض، وكل ما هنقعد مع بعض هنحب ونفهم ونرتبط ببعض أكتر، لأننا وصلنا إلى وضع أنه حتى الوالدين لا يعرفان شيئاً عن أبنائهما واهتماماتهم، ومع من يتحدثون، وماذا يشاهدون».