التحالف المصري للأقليات: الإعلان الدستوري يؤكد أن النظام لم يسقط
أعرب التحالف المصرى للأقليات (MCN) عن بالغ أسفه لما تضمنته مواد الإعلان الدستوري الذي صدر عن رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور، واعتبره التحالف في بيان له ظهر اليوم أنه "يُعد انتكاسة في مسار الثورة وطعنة في صدر الإرادة الشعبية التي نبعت عن ثورة 30 يونيو المجيدة في خروج هو الأعظم في تاريخ البشرية والأكثر تحضراً حيث لم تكن فيه أي مظاهر للعنف أو التخريب رغم ضخامة الحشود التي أعطت درساً للعالم أجمع وأجبرت مؤسسات الدولة على الانصياع لها وتنفيذ مطالبها بإسقاط حكم تنظيم الإخوان الذي سعى لتقسيم وتفتيت هذا الوطن إلى فرق وأطياف متناحرة، وإسقاط النظام يكون بإسقاط دستوره أولاً، فإن اعترفت الجهات التي تقود المرحلة الانتقالية الآن بالثورة ونجاحها بل والانصياع لها فكان لابد من إسقاط هذا الدستور المعيب والذي خرج الشعب ضده مسبقاً مطالباً بإسقاطه".
وأضاف التحالف، في بيانه: "لقد جاء الإعلان الدستوري مخيباً لآمال وطموحات شعب مصر العظيم، فقد خرجنا من أجل إسقاط النظام لا من أجل إجراء تعديلات أو إصلاحات وتبديل للأوجه، لقد دفع هذا الشعب ثمناً باهظاً طوال الأعوام المنصرمة من دماء خيرة شبابه في سبيل بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة تصون الحقوق والحريات وتساوي بين جميع مواطنيها، ولكن يأتي الإعلان الدستوري ليمنع ذلك فيقرر تكوين لجنة تعكف على تعديل المواد التي أسماها بالخلافية في الدستور الباطل والمنعدم والساقط ليعيد إحياءه مرةً أخرى وكأنه يسعى جاهداً للحفاظ على ما تبقى من النظام الساقط، بل والأسوأ أنه جلب إلى طاولة المفاوضات طرفاً لم يكن يوماً ابناً لثورة أو شريكاً في ميادين الحرية، جاء بطرف قرر أن يمارس دور الطابور الخامس للجماعة الساقطة بل و يفرض هذا الطرف علينا مساراً لا يصب إلا في مصلحة النظام الساقط وأتباعه تحت غطاء ما يُسمى بدعاوى التوافق والمصالحة الوطنية وعدم الإقصاء".[FirstQuote]
وأشار التحالف إلى أنه يفصح عن اندهاش شديد جراء الاطلاع على مواد هذا الإعلان الدستوري وكم العوار الذي تحمله بعض المواد والتي يفترض أنها تخرج عن مستشار ورئيس للمحكمة الدستورية العليا للبلاد، حيث جاءت الكثير من النصوص داخل الإعلان بها صياغات معيبة دستوريا وبعضها لغوياً في إعادة استنساخ للدستور المنعدم بنفس تفاصيله، فنجد في المادة الأولى على سبيل المثل تنص على أن (الإسلام هو دين الدولة) في عوار لغوي قبل أن يكون دستوري حيث إن الدولة شخصية اعتبارية (لن تحاسب يوم القيامة) فلا دين لها، كما أن الجزء الأول من المادة الذي يضع المواطنة كأساس للحكم يتعارض مع باقي المادة فكيف يقوم نظام الدولة على أسس المواطنة والمصدر الرئيسي للتشريع هو الشريعة الإسلامية التي تشمل أدلتها.. إلخ، عند مذهب أهل السنة و الجماعة ؟".[SecondQuote]
مشيرا إلى أنه هنا تم إقصاء ليس فقط الأديان والمعتقدات الأخرى بل المذاهب بخلاف المذهب السني داخل الإسلام نفسه، بل والأزمة الحقيقية هي في اختصار الهوية المصرية في أحد مكوناتها فقط في ظل أن المجتمع المصري قائم على التنوع والتعددية الفكرية والثقافية والدينية واللغوية والعرقية مما يعطيه ثراء وتفرد، ولكن تم إقصاء كل المكونات الأخرى من حضارات وثقافات وأعراق وديانات في مشهد عجيب ويؤكد سيطرة تيار متطرف على مصير المرحله الانتقالية التي تأتي بعد ثورة شارك فيها جميع الشعب بكل تنوعاته وتعدديته والذي يعطيه الحق في أن يكون شريكاً في صنع مستقبل بلاده بشكل أساسي لا أن يتسلط عليه أحد الدخلاء على ثورته بل ويفرض رؤيته الضيقة والخاصة جداً لمصرنا الحبيبة التي تتسع للجميع.[ThirdQuote]
كما أنه لا توجد دولة مدنية ذات أي مرجعيات دينية فإما أن تكون دولة مدنية خالصة وإما تصرحوا بأننا في طريقنا لبناء دولة دينية فلا تخلطوا المقدس والثابت بالأمور المتغيرة والمجتمعية، وذلك حفاظاً على المقدس في ذاته، كما أن الدين يكون للأفراد لا الدول.
وكذلك في الجزء الثاني من المادة السابعة والتي تتحدث عن حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية، وقد قصرها على أصحاب الشرائع السماوية فقط في تعارض جوهري لفكرة حرية العقيدة فكيف تكفل الدولة حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية وتعود في نفس المادة لتقيدها بالأديان السماوية وبالطبع ذلك في إطار المادة الأولى وفهم وتفسير تيار متطرف من أذناب النظام الساقط، كما أنها تعارض الشق الأول من المادة الأولى وتعد انتهاكاً لمبدأ المواطنة وكذلك نجد تعارضا بينها وبين المادة الرابعة التي تتحدث عن المساواة بين المواطنين، فكيف تكون هناك مساواة دون تمييز وفي هذه المادة نضع قيوداً على حرية المعتقد ونقصرها فقط على الأديان السماوية، والمادة العاشرة أكدت الحق في حرية التظاهر السلمي ولكن قيدته بضرورة وجود إخطار مسبق مما يضعنا أمام إعادة إنتاج لمشروع قانون التظاهر الذي كان يتبناه النظام الساقط ومن على شاكلته.
كما نجد التفافا شديدا على أحد المطالب الهامة لثورة 30 يونيو، وهي حظر إنشاء أحزاب سياسية على أساس ديني واستبداله بنص معيب بنفس الصياغة التي لاقت سخطا وغضبا من الكثيرين داخل الدستور المنعدم، وكذلك نستشعر خطورة في الفقرة السابعة من المادة 24 والتي أعطت سلطة العفو لرئيس الجمهورية بشكل مطلق ولم تقصره على المعتقلين سياسياً مما يضعنا أمام تخوف لأنه لدينا تجربة سيئة مع النظام الساقط في هذا الصدد.
واختتم التحالف بيانه قائلا: "بعد هذا الاستعراض السريع لبعض ملامح العوار التي رصدناها داخل الإعلان الدستوري الذي يفترض أنه يرسم مرحلة هي الأحرج في تاريخ مصرنا الحبيبة، فإننا نجد أنفسنا أمام إعادة إنتاج للنظام الساقط بواجهة جديدة مع نفس المضمون مما يضعنا أمام استنتاج أن النظام لم يسقط بعد.