سيناريوهات التصعيد: التهويد وارد إذا لم يتحرك العرب
صورة أرشيفية
تصعيد متكرر من قبل الاحتلال الإسرائيلى الذى اعتاد على استخدام كافة الطرق لتحقيق أهداف واضحة، سواء كانت على الأمد البعيد أو تحقيق فورى، وكان نصيب «المسجد الأقصى» -أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين- منذ أن بدأ الاحتلال نصيب الأسد من الاقتحامات والانتهاكات، فكما كان اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق، آرئيل شارون، باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه شرارة للانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، يكرر الاحتلال الإسرائيلى خطأه من جديد، الأسبوع الماضى، بإغلاق المسجد المبارك ومنع صلاة الجمعة فيه لأول مرة منذ ما يقرب من 50 عاماً..
عدة سيناريوهات تنتهى بها الأمور فى القدس، إما الخضوع لما يفعله الاحتلال وتذهب المدينة فى طريق التهويد وتنفيذ الخطة الإسرائيلية، وهذا مرفوض جملة وتفصيلاً من جانب الفلسطينيين، وإما الوقوف أمام إجراءات الاحتلال الإسرائيلى بعدد من الخطط سواء على المستوى السياسى أو الميدانى. ويقول الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، إن «إسرائيل ستمارس تصعيداً غير مسبوق لأمرين، الأول هو فرض الحقائق على الأرض داخل القدس، وفقاً لخطة تهويد القدس 2020، لأنه لم ينتبه أحد إلى أن القضية ليست قضية فتح أو إغلاق المسجد الأقصى ووضع متاريس وبوابات إلكترونية، فالموضوع أعمق من ذلك، فهو متعلق بالمخطط الإسرائيلى المتكامل والمعلن بالخرائط والوثائق والبيانات بخطة تهويد القدس بأكملها، ففى نوفمبر 2020 لن يكون هناك قدس، وعلينا أن نكون صرحاء مع أنفسنا، بالتالى إسرائيل تمارس هذا الدور فى هذا التوقيت وبالتالى ليست القضية المسجد الأقصى».
«فهمى»: الاحتلال ينفذ خطة التهويد المعلنة.. والهدف من إغلاق «الأقصى» السماح للمستوطنين والحاخامات بالتنقيب تحته.. و«عمرو»: هناك تفاهمات سرية بين دول عربية و«نتنياهو» لحل الأزمة
وتابع «فهمى» لـ«الوطن»، قائلاً إن الأمر الثانى فى هذا المسار هو الأكثر خطورة، وهو أن «إسرائيل تريد أن تغلق المسجد الأقصى بباحاته وأبوابه لهدف مهم وخطير وهو إتاحة الفرصة للمستوطنين والحاخامات الكبار فى إسرائيل بالتنقيب وممارسة أعمال الحفريات داخل ما يطلقون عليه اسم (الهيكل)، وإتمام مشروع التهويد المتكامل، وغلق المسجد يتيح فرصة لهذا أن يتم فى هدوء بعيداً عن الأعين»، فيما تمثل الأمر الثالث بالمسار الإسرائيلى والقرارات التى أصدرها الحاكم العسكرى الإسرائيلى خلال آخر أسبوعين، التى طالب فيها بمعاملة أسر وعائلات المقدسيين على أنهم مستضافون فى هذه الأماكن، وهذا يذهب بأنه ليس هناك عملية «لم الشمل» للأسر والعائلات الفلسطينية، مضيفاً: «هذا يوضح أن السيناريوهات المقبلة سيناريوهات سوداوية ومخطط لها من قبل إسرائيل بصورة جيدة، وأعتقد أنه ستكون لها تداعيات خطيرة ما لم يكن هناك رادع للحكومة الإسرائيلية.. إذن سيناريو التصعيد هو الموجود الفترة المقبلة».
أما عن الجانب الفلسطينى فيقول «فهمى»، إن على الرئيس محمود عباس طرح التقدم إلى الأمم المتحدة وطلب وضع الأراضى العربية المحتلة بأكملها والمقدسات الإسلامية والمسيحية تحت الائتمان الدولى، وهو ما يتيح معالجة الأزمة، وهذا مطروح بالفعل وأبلغناه للرئيس الفلسطينى أكثر من مرة، ولكن ربما ما يمنعه تحركات إسرائيلية أمريكية، وعلى الأردن باعتبارها رئيسة القمة العربية، الدعوة لعقد قمة عربية مصغرة لمواجهة ما يجرى فى الأراضى المحتلة، والتعامل معها بصورة كبيرة، وهذا يتطلب جهداً عربياً من قبل الدول العربية المعنية.
وعن الموقف المصرى، قال «أعتبر أن موقف مصر جيد ومتماسك، طالبت مصر فى خطاب شديد اللهجة إسرائيل بالكف عن الممارسات، وهذا معناه أن هناك إمكانية أن الأردن باعتبارها مسئولة القمة العربية ومصر والجانب الفلسطينى والفرنسى وربما الروسى أيضاً سيضغطون، فلذلك إما قمة عربية مصغرة، أو التحرك فى مجلس الأمن على اعتبار أن مصر عضو فى مجلس الأمن ومعها الجانب الفرنسى والروسى». وعلى المستوى الأمريكى، قال أستاذ العلوم السياسية، إن أمريكا لن تتدخل فى إدارة الأزمة، وهذا واضح، لأنه ليس هناك أى ردود فعل أمريكية كبيرة، وخاصة أن الجانب الأمريكى أيضاً عزف عن نقل السفارة، فهذا يفيد بأنها لن تتدخل ولن تعوق أى تحرك فى مجلس الأمن فى هذا التوقيت، مؤكداً أن «هناك مساحة كبيرة للدول العربية للضغط على إسرائيل فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتنسيق مصرى فلسطينى وبدعم مجموعة الدول العربية فى المجلس».
وقال «فهمى» إن رسائل الشجب والإدانة ودعوة المؤتمر الإسلامى وانعقاد الجامعة العربية لن تفيد بشىء لأن الأرض يتم تهويدها بالكامل، والمخطط الإسرائيلى 2020 معلن.
وقال الدكتور جمال عمرو، الباحث فى شئون القدس والأستاذ فى جامعة «بيرزيت» الفلسطينية، إن الطريق أمامنا شاق وطويل وصعب، ولكن الإرادة لدى أهل الحق (الفلسطينيين) ستزداد صلابة، مشيراً إلى أهل الباطل (نتنياهو وحكومته) سيراوغون الأيام المقبلة، من منطلق أن الأقصى مستباح بالكامل لهم و100% فى قبضة المستوطنين. وتابع فى اتصال لـ«الوطن»، أن هناك «تحركاً فى العديد من الدول خارج فلسطين، حقاً الأمر بدأ يتحرك ولكن هناك عتاباً على بعض من كانوا ينصروننا تاريخياً، وننتظر من سيخرج الفترة المقبلة للتعبير عن غضبه ضد ما يحدث فى الأقصى»، مشيراً إلى أن «كلمة تنازل لا توجد فى قاموسنا إلى أن يأذن الله بالأمر»، مؤكداً أن هناك تفاهمات سرية بين الدول العربية ونتنياهو من أجل حل الأزمة وإيجاد مخرج مشرف له وانسحاب آمن للاحتلال، مستطرداً: «تفاهمات وليست عمليات ضغط»، وأنهى حديثه قائلاً: «على نتنياهو أن يركع وليس على أمة محمد أن تركع، وهذا أقصى الأمة الإسلامية بأكملها وليس أقصى الفلسطينيين فقط».