تصفية المعارضة.. نظام أردوغان يتحول إلى "مافيا عالمية"
رجب طيب أردوغان
لم تتوقف القبضة الأمنية التي يستخدمها النظام الحاكم في تركيا لتصفية المعارضين، والإجراءات القمعية الصارخة التي تطال كل من تسول له نفسه انتقاد الرئيس التركي أردوغان على الداخل التركي، بل تمددت إلى خارج الحدود لتصل إلى حد اختطاف جهاز الاستخبارات التركي لمعارضين أتراك في دول أجنبية، بصورة تتنافى مع أعراف حقوق الإنسان وقوانين المجتمع الدولي.
وفي تقرير لمركز "نسمات" التركي للدراسات الاجتماعية والحضارية، اشتمل على أربع نقاط رئيسة وخاتمة، وطرح التقرير العديد من قصص خطف وقرصنة الاستخبارات التركية لمعارضيها في الخارج نتيجة ضغط السلطات التركية المستمر على حكومات بعض الدول التي يعيش فيها الرعايا الأتراك، أو التعامل مع بؤر استخباراتية فاسدة في تلك الدول.
وعلى سبيل المثال فالمواطن السوداني ممدوح شيكماز، كان يملك مصنعًا في السودان، وقد سعت السلطات التركية لاعتقاله لمدة تقارب العامين، لكن السلطات السودانية رغم طمأنتها له وإبلاغه أنه في مأمن هو واستثمارته ولا يمكن تسليمه، احتجزته في عملية مشتركة بين الشرطة السودانية والتركية، ومُنع من مقابلة محاميه ولم يُسمح له بالاتصال به، وخرقت السلطات السودانية اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وقامت بترحيله إلى تركيا.
أما محمد فرقان سوكمن، وهو مواطن من ميانمار يعمل في مدارس هوربزون إنترناشيونال بميانمار، وقد اُعتقلت عائلة سوكمن، التي تضم زوجته وابنته البالغة من العمر عامين، بمطار العاصمة يانجون، وقال سوكمن إن السفير التركي في ميانمار كان يمارس الضغوط على المسؤولين المحليين للاستيلاء على جوازات سفر العائلة.
وقد أُرسل سوكمن إلى تايلاند واحتُجز في مركز للهجرة لكي يتم ترحيله بعد ذلك إلى تركيا، وهناك وضع في الحبس الاحتياطي، وانقطعت أخباره ولم يعد ممكنًا تلقي أي معلومات بشأنه.
وذكر التقرير أيضا العديد من حالات الاختطاف كحالة مسعود كاتشماز وعائلته الذين تم اختطافهم بعد مداهمة منزلهم بعد التعدي عليهم بالضرب وترحيلهم على متن طائرة خاصة من إسلام أباد إلى إسطنبول.
ومثَّل جميع الموالين للحكومة التركية من أفراد ومنظمات وممثلين رسميين تهديدا لأعضاء حركة الخدمة التابعة لفتح الله جولن في كافة أنحاء العالم، واتسمت أفعالهم وتصريحاتهم بالميل إلى العدوانية والعنف، فعلى سبيل المثال، كتب العضو السابق في البرلمان الأوروبي أوزان سيهون على وسائل التواصل الاجتماعي أن "من ينتمون للخدمة في ألمانيا سيقضون ليالي كثيرة بلا نوم، ونحن مدينون لشهدائنا"، كما تعرض نحو 45 فردًا من المؤيدين لأفكار الخدمة للتهديد بالقتل والهجمات المتعمدة، وتعرضوا كذلك لإهانات على الإنترنت ارتقت إلى درجة الجريمة.
وعلى سبيل المثال كتب دورسون باس رئيس إحدى المنظمات المؤيدة لأردوغان على وسائل التواصل الاجتماعي: "كيف تجرؤ على الخروج إلى الشارع؟ تأكد أنك لن تلقى حتفك بسهولة".
كما قُتل رجل أعمال تركي قيل إنه كان على صلة بالخدمة في سبتمبر 2017، وتم إطلاق النار على أكرم كيناك في أمستردام، وحاول شخص ما إشعال النار في مطعمه، وأُطلق النار على شريكه في العمل، وبينما نجا شريكه من إطلاق النار لم يتمكن كيناك من ذلك وسقط قتيلاً.
وطفت على السطح في أواخر عام 2017 قضيتان مهمتان في المحاكم الأمريكية تظهران بوضوح الوجه المافيوي للنظام التركي، القضية الأولى هي قضية محاكمة رجال أعمال أتراك أمام محكمة مانهاتن في نيويورك لخرقهم العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران والشهيرة بقضية رضا ضراب، حيث يواجه المتهمون فيها تهمًا بـ"المشاركة في مخطط بقيمة مليار دولار لتهريب الذهب مقابل النفط في انتهاك للعقوبات المفروضة على إيران".
والقضية الثانية هي اختطاف فتح الله جولن شخصيا من مقر إقامته في بنسلفانيا، فقد قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن روبرت مولر المحقق الخاص في ملف العلاقات بين مقربين من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والحكومة الروسية، يُحقق في مزاعم بشأن تورط مستشار ترامب السابق للأمن القومي مايكل فلين، في مخطط لترحيل رجل الدين التركي فتح الله جولن إلى تركيا بالقوة مقابل 15 مليون دولار.
اُختتم التقرير بالتأكيد على أن عمليات الخطف والقرصنة التي تقوم بها الحكومة التركية جعلت الشعور بالخطر ينتاب الجميع حتى هؤلاء الذين يعيشون خارج تركيا، خوفًا من تعرضهم لعمليات اختطاف مماثلة، ومن ثم ناشد القائمون على التقرير الحكومات العالمية باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان السلامة لهؤلاء الأفراد قبل فوات الأوان، وتوفير حماية إضافية لكل الأفراد والمنظمات العاملة تحت مظلة حركة الخدمة عند تعرضهم لأي أخطار محتملة تستهدفهم.