"الصرف البيولوجي".. الطريق لإنقاذ مصر من التصحر
نظام الصرف البيولوجى فى أراضى الدلتا
فى كل عام تفقد محافظة الفيوم نحو 10 آلاف فدان من أجود الأراضى الزراعية، فيما تفقد واحة سيوة كذلك نحو 500 فدان كانت مزروعة بالبلح والزيتون، فضلاً عن مساحات أخرى بالدلتا، نتيجة لارتفاع مستوى الماء الأرضى، فيما يُعرف باسم «تطبيل الأرض»، الذى يؤدى بدوره لزيادة ملوحتها، ثم «بوار الأرض» أو ما يُعرف باسم «التصحر»، بحسب ما يؤكد الدكتور أحمد عبدالدايم، أستاذ ورئيس قسم الأشجار الخشبية السابق بمعهد بحوث البساتين، التابع لمركز البحوث الزراعية.
وبينما لا تستطيع وسائل الصرف المتوافرة أو التقليدية حل هذه المشكلة حالياً، يمكن للأشجار حلها أو على الأقل المساعدة فى حلها إلى حد كبير، بحسب ما يوضح أستاذ الأشجار، فيما يعرفه العالم المتقدم علمياً باسم «الصرف البيولوجى»، وهو المجال الذى لا يزال غامضاً وغير معروف بالنسبة لكثير من المسئولين عن الزراعة والصرف الزراعى فى مصر، رغم أن محمد على، مؤسس مصر الحديثة، سبق وطبقه.
يُرجع الدكتور أحمد عبدالدايم ظاهرة تمليح وبوار الأراضى الزراعية بمصر، أو ما يعرف باسم «التصحر»، إلى الاستهلاك الزائد لمياه الرى، بمختلف وسائله وعلى رأسها «الغمر»، فضلاً عن الرى بالرش أو التنقيط، حيث يأخذ النبات احتياجاته من الماء، والباقى يتسرب لعمق التربة ويُذيب الملح، ثم يعود مرة أخرى لسطحها ومعه الملح، من خلال ما يُعرف بـ«الخاصية الشعرية»، لتقوم الشمس أو الهواء بتبخير المياه ويظل الملح ويزيد تركيزه فى مستوى ومنطقة انتشار جذور النباتات ومن ثم يؤدى لموتها.
أستاذ بـ"البحوث الزراعية": نفقد آلاف الأفدنة سنوياً بسبب الاستهلاك الزائد لمياه الرى و"تطبيل الأرض".. وزراعة أشجار معينة الحل
ويشير إلى أن المشكلة لا تقتصر على أراضى الوادى والدلتا، وإنما تمتد وربما تتفاقم أحياناً فى الصحراء الغربية، التى يوجد بها نحو 8 ملايين فدان قابلة للزراعة، وبها مياه جوفية تكفى لـ100 سنة قادمة، ولا توجد بها شبكات صرف زراعى تربطها بشبكات الصرف الموجودة بالوادى والدلتا. وهو يستشهد فى هذا الصدد بما يحدث فى كل من الفيوم وواحة سيوة (الواقعتان فى نطاق الصحراء الغربية)، من فقد للأراضى نتيجة لارتفاع مستوى الماء الأرضى بهما، وتمليحها، ومن ثم بوار مساحات شاسعة بهما.
بالنسبة للفيوم، كما يوضح «عبدالدايم»، فإن الصرف الزراعى بها يصب منذ القدم فى بحيرة قارون، وعندما بدأت بحيرة قارون تمتلئ، بدأوا يحولون مياه الصرف لبحيرتى الريان 1 والريان 2، وكان هناك تصور أنهما ستسعان مياه الصرف الزراعى للفيوم لـ100 سنة قادمة، لكنهما امتلأتا بعد 20 سنة من إنشائهما، نتيجة للحجم الضخم لمياه الصرف، وقد أدى ارتفاع مستوى ماء الصرف ومعه الملوحة إلى تدهور الأراضى الزراعية، للدرجة التى دفعت بعض أصحاب هذه الأراضى لتحويلها إلى مزارع سمكية.
ارتفاع مستوى "الماء الأرضى" يؤدى لزيادة تركيز الملح فى مستوى انتشار جذور النباتات وموتها وبوار الأرض.. والمشكلة تتفاقم فى الصحراء الغربية
وتعانى واحة سيوة أيضاً، منذ فترة طويلة، من ارتفاع مستوى الماء الأرضى بها، نتيجة لعدم وجود مصارف تنقل مياه الصرف الزراعى خارج الواحة، وهى المشكلة التى وصلت إلى حد مطالبة الأهالى لرئيس الجمهورية بالتدخل لحل المشكلة، بعد تدهور وبوار جانب من الأراضى الزراعية بالواحة التى طالما اشتهرت محاصيلها من البلح والزيتون بجودتها عالمياً، وتصدر مصر كميات كبيرة منها للخارج. ويشير أستاذ الأشجار إلى أن نفس المشكلة بدأت تتكرر حالياً فى واحة الداخلة بالوادى الجديد، حيث ظهرت هناك بحيرة فى منطقة منخفضة، نتيجة لمياه الصرف الزراعى، ومع استمرار تراكم مياه الصرف بها، سيتكرر سيناريو بحيرة قارون والفيوم.
وأوضح «عبدالدايم»: «الوادى والدلتا لهما شبكة صرف مكشوفة ومغطاة، تشرف عليها هيئة متخصصة فى وزارة الرى (الهيئة القومية لمشروعات الصرف)، وهى كلها تصب فى البحيرات الشمالية، ومع ذلك تظهر المشكلة فى أجزاء من الوادى والدلتا، بينما فى الصحراء الغربية لا توجد شبكة صرف، ولو تم إنشاؤها مستقبلاً فإنها ستصب حتماً فى منخفض القطارة الواقع تحت مستوى سطح البحر بـ45 متراً، والذى يعتبره الخبراء مكاناً مناسباً لإقامة استثمارات وتنمية ومجتمع جديد، ولا ينبغى أن نكنس فيه كل مياه الصرف الخاصة بالصحراء الغربية».
وفى المقابل، فإن الحل، لا سيما فى الصحراء الغربية، يجب أن يكون بالتخلص من مياه الصرف الزراعى فى مكانها، من خلال زراعة أشجار خشبية معينة سريعة النمو وسريعة النتح (أى فقد المياه من أوراقها)، وفى نفس الوقت تكون لها قدرة على تحمل الملوحة التى تظهر على سطح التربة أو فى منطقة انتشار الجذور وامتصاص جزء منها، لافتاً إلى أن مصر بها الأصول الوراثية لهذه الأشجار والتى يمكن أن يتم بها معالجة هذه المشكلات.
"الصرف بالأشجار" له نظام هندسى يستخدم معادلات رياضية لا يعرفها إلا قلائل بمصر وسنبدأ تدريسه قريباً
ويشير إلى أن استخدام الأشجار فى «الصرف البيولوجى» له نظام هندسى وطرق معينة، لم يدرسها إلا قلائل فى مصر، هم الذين لديهم القدرة على تطبيقها، حيث يتم تقدير كميات المياه الموجودة فى التربة، واختيار الأنواع المناسبة من الأشجار لدرجة ملوحة المياه الأرضية والتربة، وزراعتها بكثافة معينة بناء على معادلات رياضية تحسب كمية الماء الأرضى وكمية المياه التى تستهلكها الشجرة، وبناء عليه يتم تحديد كم شجرة سنزرعها فى الكيلومتر المربع للتخلص من الماء الزائد فى التربة، لافتاً إلى أن قسم بحوث الأشجار الخشبية بمعهد بحوث البساتين ينوى بدء «كورس دراسى» قريباً لتدريس هذا العلم وتكوين جيل جديد من الخبراء به.
أما عن الأماكن التى يمكن فيها زراعة الأشجار لمعالجة مشكلة ارتفاع مستوى الماء الأرضى، فيقول أستاذ الأشجار إنها يجب أن تكون وفقاً لخطة تتضمن أولاً تشجير الحدود بين الأراضى المتدهورة والأراضى التى لم تتدهور بعد، للحيلولة دون تدهور الأخيرة، ثم بعد ذلك يتم تشجير جميع المراوى والمساقى والترع والمصارف والطرق، وأى منطقة خالية فى المناطق التى تعانى من ارتفاع الماء الأرضى نزرع فيها أشجاراً مختارة من الأنواع سريعة النتح وسريعة النمو.
الأشجار الممكن استخدامها تتحمل الملوحة وتفقد المياه بسرعة
ويعتقد «عبدالدايم» أن «الصرف البيولوجى بالأشجار» ليس مهماً فقط فى أراضى الصحراء الغربية التى لا توجد بها شبكة صرف، وإنما مهم أيضاً فى أراضى الدلتا والوادى، التى ارتفعت فيها نسبة الماء الأرضى، والتى تضطر الدولة لعمل شبكة صرف مغطى بها كل 20 سنة، يدفع فيها الفلاح دم قلبه، وبعد 10 سنوات من عملها يفاجأ مرة أخرى بأن الأرض يرتفع مستوى الماء الأرضى بها وتزداد نسبة الملوحة بها، نظراً لأن أحد المصارف المغطاة انسدت ولا يمكن تسليكها، وهنا تجد وزارة الرى أن إنشاء شبكة صرف جديدة أوفر من تسليك الشبكة القديمة، حسب قوله.
هنا يشير أستاذ الأشجار إلى أن تدعيم الطرق والمراوى والمصارف والمشايات بنوعيات الأشجار المتخصصة فى الصرف البيولوجى، يمكن أن يخفض من مستوى الماء الأرضى الذى يتسرب عن طريق ما يُعرف بـ«الخاصية الشعرية»، من الترع والمصارف للأراضى المجاورة، ويساعد شبكة الصرف المغطى فى عملها، أو يحل محلها أحياناً، لا سيما إذا لم تكن قائمة، قائلاً: «محمد على باشا، ترك لنا المراوى والمصارف مُغطاة بالشجر، وحتى الستينات والسبعينات عندما كانت لا تزال هذه الأشجار قائمة، لم يكن أحد يعانى من ارتفاع مستوى الماء الأرضى، بينما الآن كل الأراضى، سواء القديمة أو المستصلحة، تعانى من هذه المشكلة». ويوضح أن توزيع نوعيات الأشجار على المراوى والمصارف ينبغى أن يخضع لنظام معين، حيث يمكن زراعة الأشجار الشرهة للمياه مثل الكافور على جوانب المصارف، أما الترع والمراوى، فيمكن زراعة الأشجار التى تمتص المياه التى تتسرب منها إلى التربة المجاورة، مثل الحور والصنوبر، فضلاً عن أن هذه الأشجار ستعمل كمصد رياح بالنسبة للمروى، وتقلل من نسبة البخر من مسطحه المائى.
فى النهاية، يحرص «عبدالدايم» على التأكيد أيضاً أن الصرف بالأشجار يمكن له خلال 3 سنوات أن يوقف عملية التدهور المستمرة الحاصلة الآن فى الأراضى الزراعية ويمنع فقد مزيد من الأراضى، أما عن حل المشكلة نهائياً، فإن ذلك سيحتاج لدورة نمو كاملة للأشجار الخشبية، أى أننا يمكن أن نتخلص من المشكلة تماماً، كما تبدو فى الفيوم أو فى سيوة، من خلال الصرف البيولوجى خلال 15 عاماً.
ويؤكد أستاذ الأشجار أن الفوائد التى ستنتج عن استخدام الصرف البيولوجى تتمثل فى وقف زيادة نسبة الماء الأرضى فى الأراضى الزراعية ومن ثم بوارها وفقدانها، ووقف تدهور المزيد من الأراضى، وإعادة استصلاح الأراضى المتدهورة، وإعادة تأهيل المجتمعات التى هجرت أرضها، بالإضافة لاستغلال العائد الخشبى وتشغيل عمالة، فضلاً عن الفوائد البيئية الأخرى المعروفة، ومن بينها تقليل نسب التلوث وغاز ثانى أكسيد الكربون.
ومن ناحيته، يؤكد الدكتور على إسماعيل نجيب، وكيل معهد بحوث الأراضى والمياه بمركز البحوث الزراعية، أن الصرف البيولوجى، أو ما يُعرف باسم الصرف الطبيعى باستخدام النباتات والأشجار، «جزء مهم جداً من أنظمة الصرف التى تستخدم فى الأراضى الرطبة التى يرتفع بها نسبة الماء الأرضى»، إلا أنه يرصد فى الوقت نفسه أن هذا الأسلوب فى الصرف «غير مستخدم فى مصر بشكل كاف»، حسب تأكيده.
ويوضح «نجيب» أن «الدورة الزراعية» التى كانت تُطبق بشكل ملزم فى مصر فيما مضى، كانت تقوم بدور فى الصرف البيولوجى، حيث كان يتم بشكل دورى فى الأراضى المصرية زراعة محاصيل، مثل القطن، الذى كان يصل مستوى جذوره حتى متر وعشرين سنتيمتراً فى باطن الأرض، وهو ما كان يمكّنه من الاستفادة من الماء الأرضى وتخليص الأرض من جزء منه، وكان يُحدث توازناً مع المحاصيل الليفية ذات الجذور السطحية مثل القمح.
ويشير وكيل معهد الأراضى والمياه، إلى أنه فى بعض الأراضى الرطبة التى يكون من الصعب صرف المياه الأرضية بها، يتم زراعة أشجار مثل الغابات، حيث تستفيد هذه الأشجار من المياه الموجودة وتمتصها من الأرض، وبالتالى يبدأ بعد فترة مستوى الماء الأرضى ينخفض لا سيما مع استمرار نزول جذور النباتات للأسفل فى باطن الأرض، حيث تجف الرطوبة بالأرض مع الوقت، وهو ما يُعتبر جزءاً من عمليات الصرف الطبيعى أو البيولوجى من خلال الأشجار.
غير أنه يوضح أن استخدام أسلوب «الصرف البيولوجى بالأشجار» يتوقف أيضاً على عدم ارتفاع درجة ملوحة المياه بشكل كبير، حيث يمكن للأشجار تحمل درجات ملوحة حتى 3 أو 4 آلاف جزء من المليون، ولا يمكن لها أن تتحمل درجات الملوحة الكبيرة التى تصل إلى 15 ألف جزء من المليون. لكن الدكتور أحمد عبدالدايم، أستاذ ورئيس قسم الأشجار السابق، يوضح هنا أن أنواعاً من الأشجار، مثل «الكينوكاربس» يمكنها تحمل درجات ملوحة أكبر من 4 آلاف جزء فى المليون، مثل شجرة «الكينوكاربس» التى تتحمل حتى 7 أو 8 آلاف جزء من المليون.
وإذا كان «نجيب» يشير إلى أن الصرف البيولوجى لا يمكن استخدامه فى المناطق التى ترتفع بها نسبة ملوحة المياه الأرضية بشكل كبير، ومن بينها واحة سيوة، مؤكداً أنه ينبغى هنا إنشاء نظام للصرف الصناعى فى مصارف، ومن ثم نقلها للبحار، إلا أن «عبدالدايم» يوضح أنه و«إن كان ذلك يصح على البحيرات المالحة الموجودة بالواحة والتى لا يمكن زراعة الأشجار عليها، إلا أن بقية الواحة المياه فيها تصلح لزراعة الشجر واستخدامه فى الصرف البيولوجى».
يأتى ذلك فى الوقت الذى يخلو فيه الموقع الرسمى للهيئة القومية لمشروعات الصرف، التابعة لوزارة الرى، والذى يوضح الجهود التى تقوم بها الهيئة فى مجال الصرف الزراعى، من أى إشارة إلى «الصرف البيولوجى» ضمن أساليب الصرف التى تنفذها الهيئة، والتى تتضمن إنشاء وصيانة شبكات الصرف المكشوف والمغطى.
ويقول محمد السباعى، المتحدث الرسمى باسم وزارة الرى لـ«الوطن»: «أنا مش عايز أتخلص من المياه أنا كده كده محتاجها، حتى لو مياه الصرف الزراعى، فأنا محتاجها، ونعيد استخدامها لتعويض الفجوة المائية الموجودة، مشيراً إلى أن وزارة الرى تتوسع فى عمل شبكات الصرف سواء المكشوف أو المغطى لكيلا تؤثر مياه الصرف على الأراضى الزراعية الموجودة، وأنها لا تريد التخلص من المياه وإنما تريد استخدامها، بعد عمل نسبة خلط بالمياه الحلوة لتعويض الفجوة المائية الموجودة».
غير أن أنصار فكرة الصرف البيولوجى، يؤكدون أن «المناطق التى لا تتصل شبكات الصرف بها بشبكة الصرف فى الوادى والدلتا، كما هو الحال فى الصحراء الغربية، فإن الحل الأوحد بالنسبة لها هو أسلوب الصرف البيولوجى، حيث يصبح من المستحيل التخلص من المياه الأرضية الزائدة بها عن طريق المصارف التى سيتكلف إنشاؤها مبالغ طائلة صعب تدبيرها»، بحسب «عبدالدايم».
وإضافة لما سبق، فإنه مع عدم معارضتهم من حيث المبدأ إمكانية إعادة استخدام مياه الصرف فى الرى، إلا أنهم يشيرون إلى اعتبارات كثيرة أخرى ينبغى وضعها فى الاعتبار منها «درجة المعالجة التى ينبغى أن تطرأ على مياه الصرف قبل إعادة استخدامها فى الرى، علماً بأنها كثيراً ما يمكن أن تكون ملوثة، هذا فضلاً عن التكلفة الكبيرة لمعالجة هذا النوع من المياه، وأخيراً النسبة التى يتم خلطها بها مع المياه العذبة».
وتؤكد الدكتورة مها فاروق، أستاذ ورئيس قسم الأشجار الخشبية بمعهد بحوث البساتين، أن الصرف البيولوجى يمكن أن يلعب دوراً مهماً فى المحافظة على التوازن المائى والهوائى وتوازن الملح فى منطقة انتشار الجذور، وهو الأساس لنمو النباتات بصورة جيدة، ومن ثم التنمية الزراعية. وتشير «فاروق» إلى أن الحلول التقليدية لمكافحة التشبع بالمياه والملوحة هى التصريف تحت السطحى الرأسى والأفقى، وهى أنظمة تتكون من أنابيب ضخ على التوالى أو أنابيب مدفونة أفقية ومصارف مفتوحة عميقة، وهذه الأنظمة تكون فعالة فى خفض منسوب المياه ومنع التمليح إذا ما صُممت جيداً وتم صيانتها بشكل صحيح، ولكن لها عيوب منها أنها ذات تكلفة مرتفعة، إضافة إلى أنه ينتج عنها مخلفات صرف سائلة يجب التخلص منها بأمان أو إدارتها بعناية لإعادة استخدامها، وهذا يضيف تكلفة أخرى.
وهى تشير إلى أنه لذلك، فإن أحد الخيارات المتاحة لحل هذه المشكلة هو الصرف الحيوى عن طريق زراعة الأشجار المناسبة، اعتماداً على قدرتها على «البخر والنتح» لخفض مستوى المياه الجوفية، حيث التكلفة الأقل والأكثر ملاءمة للبيئة، لأنه لا يحتاج سوى استثمار أولى فى إنتاج شتلات الأشجار وزراعتها، إضافة إلى العوائد الاقتصادية عن طريق توفير الأخشاب ومنتجاتها، وأيضاً تعزيز التنوع البيولوجى، حيث تزدهر النباتات والحيوانات، مع تقليل تلوث الهواء مع المساهمة فى امتصاص الكربون بكميات كبيرة. ورداً على ما يقوله المسئولون فى الرى عن احتياجهم لمياه الصرف لإعادة استخدامها فى الزراعة، توضح «فاروق» أن التخلص من مياه الصرف عن طريق الأشجار يعتبر نوعاً من الزراعة أيضاً، ويمكن أن يكون ذا عائد اقتصادى أكثر ارتفاعاً من خلال بيع أخشاب هذه الأشجار فى النهاية. وتشير إلى أنه فى فبراير سنة 2000 عقدت «اللجنة الدولية للرى والصرف» فى اجتماعها الدولى الثامن، ورشة عمل حول الصرف الصحى، وأفردت جلسة خاصة حول الصرف الحيوى، وخلالها تم عرض التجارب الناجحة لهذا التطبيق، ومنها فى شمال فيكتوريا، وأستراليا، ومنها فى الهند فى مشروع قناة «أنديرا غاندى»، ومشروع رى رئيسى فى الأراضى الصحراوية فى ولاية راجاستان بالهند. وتوضح أنه عند استخدام نظم الرى الميكانيكية يحدث دائماً تسريب لمياه الصرف من المواسير أو القنوات، وهنا تعمل الأشجار على امتصاص هذه المياه، وتمنع تكون البرك على طول قنوات الصرف، بعكس المناطق غير المزروعة بالأشجار، التى تعانى من برك المياه وتمليح الأرض.