د. صلاح فضل عضو «الاستشارى» السابق فى حوار خاص لـ«الوطن»: انتقدنا «العسكرى» رغم اتهامنا بأننا «ذيوله».. ورفضنا الدفاع عنه أمام الناس
قال الدكتور صلاح فضل عضو المجلس الاستشارى السابق وأستاذ النقد الأدبى والأدب المقارن بكلية الآداب بجامعة عين شمس، فى حواره لـ«الوطن» إن المجلس الاستشارى لعب دوراً مهماً فى المرحلة الانتقالية فى تاريخ مصر بعد الثورة، ولولاه ما تم تسليم السلطة إلى رئيس مدنى منتخب، وذلك رغم كل ما يثار عن أعضائه من أنهم زبانية العسكر وذيوله، وأضاف أن أعضاء المجلس عملوا بوطنية وإخلاص طول حياة المجلس، التى استمرت 7 أشهر، وكان هدفهم الأول والأوحد هو مصلحة مصر، وتجنب أى صدام بين المجلس العسكرى وقوى الثورة أو أى فصيل آخر، والوصول بالبلاد إلى بر الأمان.
وأوضح فضل أن أعضاء المجلس لم يتقاضوا أجراً مادياً أو معنوياً طوال فترة عملهم، وهو ما منحهم قدراً كبيراً من الاستقلالية وجرأة إبداء الرأى وانتقاد المجلس العسكرى عقب وقوع أحداث دامية، وأضاف أن القوى والتيارات اتفقت داخل المجلس على معايير الجمعية التأسيسية، ما عدا حزب الحرية والعدالة، الذى سعى من الوهلة الأولى لشق الصف وعدم التوافق حول معايير موضوعية للجمعية، فى رغبة واضحة من أعضائه للسيطرة على الدستور الجديد، بدعوى أن الإخوان يمثلون الأغلبية.. وإلى نص الحوار:
* فى البداية، لماذا بادر «العسكرى» بتأسيس مجلس استشارى من شخصيات عامة تعاونه فى إدارة شئون البلاد عقب أحداث عنف أمام ماسبيرو ووزارة الداخلية؟
- شهدت مصر كثيراً من التطورات السياسية والتقلبات التاريخية خلال الفترة الانتقالية، التى امتدت منذ قيام ثورة 25 يناير حتى تسليم السلطة إلى رئيس منتخب فى يونيو 2012، وكلها تستهدف تحقيق أهداف الثورة، وقد نشأت فكرة تكوين مجلس استشارى مدنى يبدى الرأى ويقدم المشورة للمجلس العسكرى عقب الأحداث الدامية فى شارع محمد محمود، حيث اجتمع المجلس العسكرى مع عدد من الأحزاب السياسية ومرشحى الرئاسة وقادة الرأى فى مصر، وانتهوا إلى التوافق على ضرورة تقصير الفترة الانتقالية.
* ماذا فعلتم بعد انفجار أحداث مجلس الوزراء فى ديسمبر 2011، التى وقعت بعد تشكيل «الاستشارى» بأسبوع؟
- اجتمع المجلس فى اليوم ذاته بحضور عضوين من ممثلى المجلس العسكرى، وأصدر بياناً بالرفض التام لاستخدام العنف ضد المتظاهرين، وضرورة وقفه بصورة نهائية، ودعا إلى الاعتذار عن الأحداث، مع إحالة المسئولين عنها للمحاكمة أياً كانت مواقعهم، بمعرفة قضاة تحقيق مستقلين من مستشارى محكمة الاستئناف، على أن ينتهى التحقيق خلال أيام قليلة، وعلاج المصابين، كما طالبنا المجلس العسكرى بإصدار قرار فورى بالإفراج عن المعتقلين الذين قبض عليهم فى هذه الأحداث وما سبقها.
* لكن هذه الأزمة الأولى تسببت فى تقديم 10 أعضاء لاستقالاتهم من المجلس؟[Quote_1]
- قرر المجلس فى نهاية الاجتماع تعليق جلساته حتى إصدار القرارات التى أوصى بها وتنفيذها على وجه السرعة، وقد تسببت هذه الأزمة الأولى فى استقالة 10 أعضاء واستمرار الباقين، بعد أن استجاب المجلس العسكرى للتوصيات، كما استقال الأمين العام للمجلس الدكتور نور فرحات وحل محله أسامة برهان.
* كيف تعامل المجلس الاستشارى مع قضية اقتحام منظمات المجتمع المدنى ثم رحيل المتهمين الأجانب فى القضية دون محاكمة؟
- طالب المجلس بضرورة إصدار قانون جديد للجمعيات الأهلية يناسب مكتسبات الثورة، واستمع إلى عدد من ممثلى منظمات حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية، ومع رفض المجلس لأى تدخل أجنبى فى الشئون الداخلية، دعا إلى ضرورة إتاحة الفرصة لتوفيق أوضاع الجمعيات التى تلتزم بالقانون، ومعالجة المواقف بما يحفظ هيبة القضاء والدولة ويحقق الصالح العام.
* ولماذا أخفق المجلس فى تحديد معايير «التأسيسية» بما يسمح بتمثيل كافة القوى السياسية وحث المجلس العسكرى على تعديل المادة 60 من الإعلان الدستورى؟[Image_2]
- بذل المجلس فى هذه الأثناء جهداً كبيراً لتحقيق قدر من الوفاق الوطنى بين القوى السياسية، حتى يمكن إصدار إعلان دستورى يتضمن معايير تشكيل الجمعية التأسيسية، وطالب فى توصياته بضرورة وضع ضوابط ومعايير لانتخاب الجمعية التأسيسية للدستور، توضيحاً للمادة 60 من الإعلان الدستورى، لكن المجلس العسكرى كان يفضل دائماً أن يتخذ هذه الخطوة بعد الوصول لتوافق القوى السياسية، وكان حزب الحرية والعدالة على وجه الخصوص هو الذى يعارض هذا التوافق، ويصر على أن يكون من حق مجلسى الشعب والشورى إجراء هذا التشكيل دون أية قواعد استرشادية، حتى ينفرد بالأغلبية العددية فى حسم مواد الدستور، واقترح المجلس أيضاً أن يتضمن الإعلان زيادة عدد الأعضاء المعينين بمجلس الشعب إلى 30 عضواً، حتى يتسنى تمثيل مختلف قطاعات شباب ثورة 25 يناير، لكن صعوبة التوصل إلى توافق سياسى حالت دون ذلك.
* هل كان الدكتور نور فرحات دائم الخلاف مع رئيس المجلس منصور حسن بالفعل؟
- الاختلاف مع الأستاذ منصور حسن هو أن الأستاذ منصور رجل كبير فى السن وله خبرة عظيمة واحترام كامل، لكنه كان أحياناً لا يتيح الفرصة للمناقشين بأن يتحاوروا ويفضوا بكل ما فى أنفسهم، وكان يضيق أحياناً ببعض الحوارات، وإذا اشتد الحوار يؤثر منصور أن ينسحب ويخرج، وفى مرات كثيرة كنا نعيده بهدوء، ونطلب منه الصبر والتريث وقد ضاق صدره بمناقشات الدكتور نور فى بعض المرات، والدكتور نور أبدى استياءه من عدم أخذ منصور بوجهة نظره، ولم يعتد بها فخرج، وكانت المسألة فى غاية الأدب والاحترام، وكان رأى الدكتور نور هو أن المهمة الأساسية للمجلس هى التدخل فى اللجنة التأسيسية للدستور، وعدم الاستجابة لما يفرضه حزب الحرية والعدالة، لكن منصور حسن قال «المجلس العسكرى لا يريد أن يتحدث أعضاء الاستشارى أو يعطوا توصيات بشأن الجمعية التأسيسية للدستور، وأن نترك مجلس الشعب هو الذى يمارس ذلك، وألا نمشى حتى من شارع مجلس الشعب»، كناية عن عدم التدخل فى أمور البرلمان، وقد اختلف موقف منصور حسن ونور فرحات بشكل واضح، ونحن أصحاب الرؤية الأكثر اتساعاً قلنا «ليكن موقف المجلس العسكرى كذلك لكننا سنظل نصر على ضرورة أن يصدر إعلان دستورى بتشكيل الجمعية التأسيسية».
* لماذا استقال منصور حسن من رئاسة الاستشارى؟
- انسحاب منصور حسن من رئاسة الاستشارى لم يكن بسبب خلافه مع نور فرحات كما تردد وإنما بسبب إقدامه على الترشح لرئاسة الجمهورية، وهو لم يستقل بل ظل عضواً فى المجلس ولم يقدم ورقة استقالة وإنما شفهياً فى إحدى الجلسات قال حسن «سوف أتقدم بأوراق ترشحى للرئاسة». وتصوير الأمر على أن هناك انفجاراً حدث داخل المجلس الاستشارى نتيجة الخلافات هذا ليس حقاً وليس صحيحاً والأمر الصحيح هو أن القضايا كانت تطرح بحرية كاملة وإحنا كل واحد مننا له خلفياته وثقافته ورؤيته ومدى اتصاله بالأوساط السياسية ومدى وعيه بالموقف فى جملته ومدى تقديره لدوره، فلا بد أن تكون له وجهة نظر مختلفة، ولكن سرعان ما كنا نتوافق، وكنت غالباً ما أصيغ هذا التوافق فى بنود وتكون هذه البنود هى القرارات التى تصدر عن الاجتماعات دائماً.
* وما رأيك فى إصرار نور فرحات على إبراز خلافه مع منصور حسن؟
- الدكتور نور ضخم أمر خلافه مع منصور حسن بأكثر مما ينبغى، ولم يكن الأمر يستحق أن يترك الدكتور نور المجلس، والدكتور نور عندما ترك المجلس الاستشارى لم يتركه نهائياً بل قال أنا أضع نفسى تحت تصرفكم، وهو عضو فى حزب المصرى الديمقراطى، وعندما تردد فى الانضمام إلى المجلس الاستشارى تناقشت معه واستشار شباب الحزب وكان مرشحاً فى الانتخابات البرلمانية، وكان يخشى من أن ترشحه فى انتخابات مجلس الشعب يتعارض مع عضويته فى المجلس، ومع ذلك قبل بالعضوية وعمل أميناً للمجلس لعدة جلسات.
* ما هو الدور الذى لعبه رئيس حزب الوسط داخل المجلس الاستشارى؟
- أبوالعلا ماضى كان من الأعضاء العشرة الذين استقالوا بعد الاجتماع الثالث للمجلس، احتجاجاً على أحداث مجلس الوزراء، ويبدو أن أبوالعلا خضع لضغط حزب الحرية والعدالة وانسحب من المجلس الاستشارى، فحزب الحرية والعدالة لم يكن يريد للمجلس الاستشارى أن يستمر، والإخوان كانوا لا يريدون لأحد أن يتدخل، ولم يستجيبوا لدعوات التوافق التى وجهت إليهم بإلحاح، سواء من منصور حسن أو من حسن نافعة الذى كان مكلفاً بإدارة حوارات التوافق.
* فى رأيك، لماذا لم يستمر الدكتور محمد مرسى فى حضور الاجتماعات التمهيدية مع المجلس العسكرى قبل تشكيل المجلس الاستشارى؟
- الرئيس مرسى كان يحضر الاجتماعات التمهيدية، وأول ما تكون المجلس الاستشارى انسحب الدكتور مرسى وكل ممثلى حزب الحرية والعدالة.
* وهل كان للمجلس الاستشارى دور فى التسريع بتسليم السلطة لرئيس مدنى منتخب؟[Quote_2]
- الدور الأخطر والأهم الذى قام به المجلس الاستشارى هو التأكيد أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بضرورة المضى فى إجراءات التحول الديمقراطى وعدم تأجيل الانتخابات، فبدون المجلس الاستشارى كان سيتم تأجيل انتخابات الرئاسة، لأنه كلما يعلن عن بداية انتخابات تقوم موجات من المظاهرات والعنف، وكان من الممكن الاعتماد عليها وتأجيل الانتخابات الرئاسية حتى اليوم، المجلس الاستشارى عمل جهده المستميت فى أن يظل ميعاد 30 يونيو مقدساً لتسليم السلطة كاملة لرئيس مدنى منتخب، وفى كل مرة كنا نجتمع فيها مع أعضاء المجلس العسكرى نؤكد على هذا الموعد وضرورة احترامه إلى حد يجعل أعضاء المجلس العسكرى يبدون ضيقهم الشديد ويقول أحدهم وقد احتد صوته «خلاص اتفقنا على الموعد وخلاص هى سيرة بقى»، ونرد ونقول «أيوه هى سيرة» وفى كل مرة وكل بيان كان يصدر عن المجلس الاستشارى وكل مخاطبة وكل اجتماع نؤكد ضرورة تسليم السلطة فى 30 يونيو لرئيس مدنى منتخب.
* وما طبيعة الحديث الذى كان يدور بين أعضاء المجلس العسكرى والمجلس الاستشارى فيما يتعلق بتسليم السلطة؟
- كنا نقول لهم إنه لا يوجد جيش فى العالم رعى تحولاً ديمقراطياً وسلم السلطة للمدنيين مثلكم، لكن أنتم اتهمتم اتهامات ظالمة، بأنكم الذين حركتم أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، وعندما كنا نتساءل ما هى مصلحة الجيش فى إشعال هذه الحرائق، وهو الذى يتولى السلطة، يقول لنا الذين يلقون هذه الاتهامات جزافاً إنهم يريدون أن يتخذوا ذلك كذريعة للبقاء فى السلطة، وفى اليوم الذى تسلمون فيه السلطة سوف تسقطون هذه الحجج وتبرهنون بالدليل القاطع أنكم قمتم بأعظم دور وطنى، ولم يكن لكم أى دخل فى إثارة هذه الحرائق، والآن أستطيع أن أقول إنه بعد المشهد العظيم عندما ضرب الجيش تعظيم سلام للرئيس المنتخب وتقبل قراراته بإحالة قادته للتقاعد برضا وطواعية، مع أنها قرارات قاسية وغير منتظرة أو متفق عليها، فهذا دليل على أن الجيش فى كل الأحوال لم يكن ينوى البقاء فى السلطة، فقد كانت السلطة فى يده ويستطيع تغيير نتيجة الانتخابات وتأجيلها أو عدم إجرائها، وكان سيجد من يؤيد ذلك.
* هل كان أعضاء المجلس العسكرى يعترفون أمام المجلس الاستشارى ببعض الأخطاء التى كانوا يرتكبونها أثناء إدارة المرحلة الانتقالية؟
- نعم اعترفوا أمامنا أنهم ليسوا متمرسين فى الدعاية لأنفسهم ولا تبرير مواقفهم، وأنهم ليسوا خبراء فى الإعلام ولا يعرفون كيفية التعامل مع أجهزة الإعلام، وكانوا يقولون «إحنا مش بتوع ميكروفونات ولا كلام إحنا ناس محاربين ونعمل اللى فيه مصلحة الوطن بأقصى ما نستطيع من جهد وإخلاص، وإذا استطعتم أنتم كأعضاء مجلس استشارى أن تدافعوا عنا يبقى كتر خيركم»، وكنا نقول لهم «أعمالكم هى التى ستدافع عنكم»، ورفضنا أن ندافع عنه لأنه ليس دورنا.
* بعض الأعضاء الذين استقالوا من المجلس الاستشارى قالوا إن المجلس تابع للقوات المسلحة ويعمل تحت إمرته ولصالحه؟
- الذى تحدث عن هذا الموضوع هو حسن نافعة، الذى حضر اجتماعين للمجلس الاستشارى، اشتغل فيهما من أجل توحيد القوى والوفاق الوطنى، ولم يستطع إتمام مهمته، ومعظم من استقالوا من المجلس الاستشارى أرادوا ادعاء بطولات.
* عقب حل مجلس الشعب وإصدار إعلان دستورى مكمل، هل كان هناك رغبة داخل المجلس الاستشارى فى استمراره بعد انتخاب الرئيس؟
- البعض بالفعل كان يرى أن يستمر عمل المجلس، وهو أسامة برهان الذى أصدر بياناً عن استمرار المجلس عقب تسليم السلطة فى 30 يونيو، وكان يريد أن يطلب من المجلس العسكرى الاستمرار فى ممارسة مهامه حتى بعد انتخاب الرئيس، وقلت له «لا»، واتخذنا قراراً بإنهاء مهمة المجلس ووافقنى على ذلك سامح عاشور.
* من وجهة نظرك لماذا تصر جماعة الإخوان المسلمين على استبعاد نور فرحات من الجمعية التأسيسية؟
- لأن حجته قوية، وهم يريدون الأتباع، والمجلس العسكرى لم يبادر باتخاذ قرار تشكيل جمعية تأسيسية جديدة لأنه لم يرد اتخاذ مبادرة تشعل الحرائق فى البلد، لأن الإخوان يصلون فى حدة معارضتهم إلى الخروج فى مظاهرات، ولا يمانعون فى استخدام العنف من أجل فرض وجهة نظرهم، والمجلس العسكرى كان يسعى إلى التوافق السياسى، بدون خروج عن الأطر التى تضمن سلامة الوطن.
* هل تعنى أن المجلس العسكرى كان يخشى الإخوان؟
- بالطبع، المجلس العسكرى كان بيعمل حساب للإخوان، وما لمسته أنه أخطأ فى بعض القرارات، واعترف أنه ليس محترف سياسة ولا يجيد التعامل مع الإعلام.
* وهل اعترف أعضاء المجلس باعتمادهم على مستشارين «سوء» فى المرحلة الانتقالية؟
- لا، كانوا يقولون إن ما مضى مضى، وأذكر أننى احتددت فى لومهم على اختيارهم لطارق البشرى كمستشار لهم، فردوا بأنهم لا يريدون الحديث عما سلف، وأعضاء المجلس العسكرى رجال وطنيون، وأذكر مثلاً أن المشير طنطاوى كان يرفض أن يناديه البعض داخل «الاستشارى» بـ«سيادة الرئيس».
* هل كان من بين أعضاء المجلس من ينادى طنطاوى بسيادة الرئيس؟[Quote_3]
- نعم، أحد أعضاء المجلس الاستشارى كان ينادى المشير بسيادة الرئيس، رغبة منه فى تملق المشير، إلا أن المشير كان يغضب ويرفض هذه الصفة، ويقول أنا مش الرئيس، كما أن شعار يسقط حكم العسكر كان يؤلمهم إلى أقصى درجة.
* ما الذى حدث مع منصور حسن عندما أعلن ترشحه لمنصب الرئيس؟
- عندما أعلن نيته فى الترشح، قابل بعض أعضاء الجماعات الإسلامية، ويبدو أنهم طمأنوه، لكنه سرعان ما أدرك أنه يمسك بالماء، فكان من الفطنة أنه عدل عن ترشيح نفسه.
* وما علاقة الإخوان المسلمين بالمجلس الاستشارى؟
- الإخوان اشتركوا مع باقى القوى السياسية فى النصح بوجود مجلس استشارى، وعندما تم تشكيل المجلس صرح اللواء مختار الملا بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الذى يحافظ على مدنية الدولة، وأن الإخوان لن يحكموا مصر، وفى هذه اللحظة قرر حزب الحرية والعدالة مقاطعة المجلس الاستشارى، وبذلنا جهداً مستميتاً وعرضنا على القوات المسلحة ضرورة نفى تصريحات الملا لكى يظل الحزب معنا، ووعدنا الدكتور محمد مرسى بالانضمام إلى المجلس الاستشارى لكنه لم يحضر، بل إن الإخوان ضغطوا على 10 أعضاء وأغروهم بالانسحاب من المجلس الاستشارى لكى يسقط، لأنهم تصوروا أن المجلس سيكون مسانداً للمجلس العسكرى.
* لماذا لم يعلن المجلس العسكرى عن المتورطين فى أحداث ماسبيرو ومحمد محمود؟
- فى كل مرة كانوا يؤكدون أن القضاء يأخذ مجراه، والتحقيقات تأخذ وقتها.
* هل كان الفريق أول عبدالفتاح السيسى يحضر جلسات المجلس الاستشارى؟
- نعم كان يحضر، وكانت هناك طريقة للحوار، المشير يتكلم ثم يبدأ يسمع منا كلنا، ونبدأ الحوارات ويتدخل هو فى الحوارات، وعنان يتدخل شوية، والأعضاء الآخرون نادراً ما كانوا يتدخلون فى الحوارات، كانوا يسمعون ويستوعبون المناقشات.
* ومن الذى قال للمشير إنكم تعقدون صفقات مع الإخوان المسلمين؟
- أنا الذى قلت له أنتم تعقدون صفقات مع الإخوان، واحتد صوته وطرق بيده على المنضدة وقال «إحنا ما بنعملش صفقات مع حد، ولو كنا بنعمل صفقات ماكانش يبقى الحال بالشكل ده، إنت مؤمن أن إحنا بنعمل صفقات؟»، فرددت عليه «أنا مش معتقد كده الناس هى اللى بتقول ذلك واحنا بننقل لكم ضمير الناس واللى بيقولوه».
* وما المواقف الأخرى التى احتد فيها المشير وارتفع صوته؟
- ذات مرة احتد على سكينة فؤاد، وبعد ذلك حاول تلطيف الأجواء وبدأ يستسمحها.
* وكيف انعكست الأحداث التى مر به المجلس الاستشارى على ما نحن فيه الآن؟
- لو كان الجيش غير جاد فى تسليم السلطة، وحدثت أشياء كثيرة، كان من الممكن أن يستخدمها العسكرى ذريعة لإلغاء الانتخابات أو تعطيلها، ورغم ما حدث من إقالات إلا أن الجيش حتى الآن هو حامى الدولة المدنية، والإخوان على أقصى تقدير لا يمثلون 10% من الرأى العام وحصلوا على أعلى أصوات لأن القوى المدنية المواجهة لهم غير منظمة، وأخفقت فى الوصول إلى القاعدة الشعبية، والإخوان فكرهم يتطور فى اتجاه تأييد الدولة المدنية، بينما المندفعون فى اتجاه آخر أصولى وأكثر تعصباً عن جهل واندفاع هم السلفيون، ودى المشكلة اللى هتواجهها مصر، وهذا واضح فى مناقشات الجمعية التأسيسية للدستور، وفى مناقشات الدستور عمر ما واحد من الإخوان قال حاجة تفزعنى، إنما السلفيون هم الذين يقعون فى مطبات فى منتهى الغباء والجهل فى مطالبهم، ابتداء من المادة الثانية فى الدستور، حتى كل المطبات التى يتكلمون عنها بعدم وعى، وهم يتبنون الدعوة الإسلامية بالمنطق الوهابى.
* ومن وجهة نظرك ماذا فعلت تلك التيارات الدينية المتشددة بمصر طوال تلك السنوات؟
- أسوأ ما فعلته تلك التيارات الدينية المتعصبة بمصر فى العشرين سنة الأخيرة هو تحجيب النساء، وهو أغبى حاجة تمت فى مصر باسم الدين، لأن الدين لا يفرض هذا على الإطلاق كما لا يفرض الذقن والجلباب القصير، وعمر مصر ما يحدث ليها أسوأ من ذلك.
* ما حجم المسئولية الملقاة على عاتق الإخوان فى المرحلة المقبلة؟
- الإخوان فى موقف لا يحسدون عليه إطلاقاً، ده عبء، بس هما اللى «عبط» امسك سلطة يا سيدى عايز تعين 5 محافظين عينهم، هـ«يهببوا إيه مع الميه اللى بتتسمم والخبز والبوتاجاز ونقص السولار»، عايز تحل المشاكل اتفضل، الحكم الآن ليس مغنماً بل كارثة واللى هيحكم أمه داعية عليه.
* وماذا عن الحديث المستمر عن تطبيق الشريعة الإسلامية من قبل قيادات من الإخوان مثل عصام العريان وغيره؟
- يطبقوها ويحطوها فى جيبهم، ولا عايزين يجلدوا الناس فى الشارع بالكرابيج مثل ما يحدث فى السعودية، لن يستطيعوا، ومن يتحدث عن حد الحرابة هم مشايخ هبل عايزين يدخلوا مستشفى المجانين، والحدود وقفت من 500 سنة، وحد طايق بلده لكى يقيم دولة الخلافة، وهذه سلسلة من أوهام خطباء المساجد اللى ناقصين عقل وناقصين دين، هراء وكلام فارغ، قد يصلح هذا الكلام الوهمى على المنابر إنما فى السياسة وفى بناء مستقبل الدول وتأسيسها على الإنتاج والمعرفة مفيش حد ينحدر لهذا المستوى العامى من التفكير.
* وما المكاسب التى عادت عليك من عضويتك فى المجلس الاستشارى؟
- لم أكن راغباً فى أى منصب، وعرضت علىّ الوزارة ورفضت، ولم أكن أرجو إلا مصلحة الوطن بل تحملنا سخافات كثيرة جداً فهناك من كان يشتمنا ويطلق علينا «دلاديل العسكر» و«اللى ملهمش لازمة»، وليس مشكلتنا إرضاء الناس بل أداء رسالة اقتنعنا بها.