"الفُرشة والورنيش" تفشلان فى تلميع حياة "رمضان"
اعتاد ألا ينظر إلى أعلى، ففى عمله تبدأ علاقته بالزبون وتنتهى من أسفل، حيث يجتهد فى تلميع الحذاء ليحظى ببضعة جنيهات، وفى حياته يرضى بدنو الحال، ولم يفكر يوماً فى عيشة «البهوات» وراحة «أولاد الذوات».
«رمضان خليفة»، سنوات عمره تخطت الـ39، لكنه يحمل بداخله مشاعر رجل فى الستين، فقسوة الحياة لم تدعه يفرح بشبابه وعنفوانه فتجده مريضاً بالدرن والالتهاب الكبدى، وكثيراً ما يتقيأ دماءً، ويعالج بشكل دورى فى مستشفى الصدر، وبالرغم من ذلك، يظل جالساً على أحد أرصفة ميدان الجيزة منذ ساعات الفجر الأولى وحتى العشاء، متحمّلاً أدخنة السيارات ليعود إلى أسرته، التى تتكوّن من زوجة وثلاثة أطفال، بخلاف أخته المريضة، وهو مستور الحال.
مأساة «رمضان» الحقيقية ليست فى ظروفه الصحية، فقد رضى بما قسمه الله له، إنما فى بيته الذى تم هدمه فى منطقة «الدويقة» عام 2012، وتعنتت الجهات المسئولة فى تسليمه سكناً بديلاً، بالرغم من حمله الأوراق التى تثبت أحقيته فى ذلك، حيث يروى حكايته لـ«الوطن»، قائلاً: «لما البيت وقع روحت سكنت فى الشقق المحتلة بالنهضة زى ناس كتير غيرى عملوا كده وقت الثورة، لحد ما طردونى منها وبقيت فى الشارع، فعملت خيمة فى الدويقة وعشت فيها مع أهلى، لكن حتى دى استكتروها عليا وحى منشية ناصر شالها، ووعدونى هيوفروا لى شقة، وطبعاً ده ماحصلش لحد دلوقتى».
من المحافظة إلى الحى جولات مستمرة يقوم بها «رمضان»، وبعد أن فاض به الكيل، قرر الذهاب إلى النيابة الإدارية ليختصم المحافظة والحى، فكلاهما يرمى بالمسئولية على الآخر، ويتركه يعانى الأمرين دون تقديم يد العون له، بخلاف الإهمال الذى لاقاه فى الحى، حيث تسبّب موظف هناك فى ضياع أوراق تثبت أحقيته للوحدة السكنية، منها ورقة عليها تأشيرة للمحافظ، ومحضر يثبت إزالة العقار الخاص به.
«رمضان» سعى أيضاً لكى يحصل على معاش يساعده على المعيشة، وهو ما تم رفضه والسبب كان عدم وجود مسكن له، حيث يعيش حالياً مع شقيق زوجته الذى كان يسكن هو الآخر فى «الدويقة» وحصل على شقة بديلة، كما حصل بعض أقربائه وجيرانه على شقق، رغم أن بعضهم لا يحمل الأوراق المطلوبة، الأمر الذى يُشكك «رمضان» فى مدى نزاهة عملية تسليم الشقق.