ملف الموازنة:| نظام البرامج والأداء الحل السحرى لوقف النزيف
ونحن على أعتاب سنة مالية جديدة، تستعد السلطة التنفيذية لعرض الموازنة العامة للدولة على مجلس الشعب لمناقشتها قبل اعتمادها وهى الموازنة التى وصل العجز المتوقع بها للسنة المالية 2012/2013 إلى 7٫3% من الناتج المحلى الإجمالى، يأتى هذا العجز فى إجمالى الموازنة فى حين أن بعض الهيئات والجهات الحكومية تحقق فائضا تصرفه فى غير محله للحصول على المبلغ نفسه المخصص لها فى موازنة العام المقبل ما يعد إهدارا للموارد، وللتغلب على هذه المشكلة، يطالب العديد من الخبراء بإعداد الموازنة طبقا لنظام موازنة البرامج والأداء بدلا من موازنة البنود المعمول بها حاليا، مبررين ذلك بأن موازنات البرامج تؤدى إلى رفع كفاءة الإنفاق العام جوهريا وزيادة العائد.
وقد كان من المفترض التحول إلى موازنة البرامج والأداء فى عام 2010، وفقا لقانون رقم 87 لسنة 2005 والمعدل للقانون رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة الذى نص على ضرورة تطبيق العمل بموازنة البرامج فى مدة أقصاها 5 سنوات من تاريخ سريان القانون.
لكن مصر ما زالت تتبع نظام موازنة البنود وهى لا تختص بجهة أو برنامج معين تخصص له النفقات وإنما موازنة عامة وبها مبدأ عدم تخصيص الإيرادات لجهة بعينها، ويهدف هذا النظام إلى ضمان الرقابة على إنفاق المال العام، ولكنه يركز على المدخلات مثل عدد العاملين والموارد والمرافق المتاحة لهيئة أو وزارة، فلا تشير إلى العلاقة بين الإنفاق والنتائج، مما يعوق الاختيار السليم بين الأهداف المرجوة وترشيد تخصيص الموارد وهذا يمنع وضع وتنفيذ سياسات ذات مغزى من الناحية الاقتصادية، حيث من المفترض أن تعكس الموازنة العامة الخطة الاقتصادية والسياسة العامة للدولة، وباختصار فإن هذه الطريقة لا توفر معلومات كافية عن مدى فاعلية وكفاءة الحكومة حيث تعوق قدرة الرقابة على الأداء الفعلى طبقا لأهداف محددة.
وتعتبر موازنة البرامج والأداء الوسيلة الأفضل لتحقيق رقابة فعالة حيث ينصب الاهتمام فى هذا النوع من الموازنات على المخرجات بدلا من المدخلات، وتقدر المخصصات وفقا لموازنة البرامج على أساس تحقيق برامج أو مشاريع أو أنشطة مخططة مسبقا ومتفق عليها كأهداف، مما يساعد على تقييم إنجازات الأجهزة الإدارية عن طريق تصنيف أقسام النفقات العامة وتحديدها على أساس وظيفى (الغرض أو الهدف من الانفاق). حيث يفترض فى هذه الحالة أن يكون التقرير المنطقى لطلب الاعتمادات هو ربطها بالبرامج والأنشطة المطلوب إنجازها بواسطة الأجهزة الحكومية خلال فترة الموازنة، ويترك للجهة المنفذة صلاحية اتباع الإجراء المناسب للوصول إلى تلك الأهداف، وبذلك تقع على الجهة المنفذة مسئولية اتباع أية طريقة توصلها للهدف بكفاءة وفاعلية، وبذلك تتميز باللامركزية وحرية اتخاذ القرار أثناء التنفيذ للوصول للهدف.
وسواء طبقنا أى نوع من الموازنات، فيجب اتباع مزيد من الشفافية مما يساعد على إحكام الرقابة على السلطة التنفيذية، فنجد أنه لا يتم توفير كافة المعلومات للجمهور فى تقارير الموازنة التى تقدمها وزارة المالية وعدم تقديم أى معلومات عن أثر افتراضات الاقتصاد الكلى المختلفة على الموازنة، وهذا ما يؤكده حصول مصر فى مؤشر الموازنة المفتوحة على 49 من أصل 100 نقطة، حيث يقيم هذا المؤشر مدى شمولية المعلومات الخاصة بإيرادات الحكومة وإنفاقها وديونها بالإضافة إلى البيانات المتعلقة بالأداء بالنسبة لأهداف الموازنة وتحقيقها على أرض الواقع، يؤثر عدم توفر المعلومات سلبا على القدرة على مساءلة الحكومة عن كيفية إدارتها للأموال العامة.
ومن أجل الوصول إلى مشاركة فعالة فى مساءلة السلطة التنفيذية والرقابة عليها، يجب توفير قدر أكبر من المعلومات التى تتيح الإجابة عن عدد من الأسئلة فى مرحلة إعداد الموازنة: ما الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المرجو تحقيقها؟ وما الخطوات المطلوبة لتنفيذ هذه الأهداف والتكلفة المتوقعة للتنفيذ؟ وبعد انتهاء السنة المالية، يجب تحديد: هل تم تحقيق ما كان مخططاً له فى بداية العام وهل كان ذلك فى نطاق التكلفة المتوقعة، مما يتيح الرقابة الفعالة على الأداء الحكومى؟