"الوطن" تنفرد بنشر حيثيات الحكم على متهمي "كتائب أنصار الشريعة "لإهانتهم المحكمة
المستشار محمد شيرين فهمي
تنفرد "الوطن" بنشر حيثيات حكم الدائرة "11 - جنايات جنوب"، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، في القضية رقم "11440" لسنة "2016" جنح التجمع الأول، ضد متهمي القضية المعروفة إعلاميًا بـ"كتائب أنصار الشريعة"، لإهانتهم هيئة قضائية للمرة الثانية، وطبقت هيئة المحكمة "العود" على المتهمين، بعد أن سبق الحكم عليهم بالحبس لمدة سنة مع الشغل.
وأثناء نظر الجناية رقم "2847" لسنة "2014 - جنايات قسم "15 مايو"، والمقيدة برقم "2870" لسنة "2014 - كلي جنوب القاهرة- القضية الأصلية"، لاحظت المحكمة حال دخولها قاعة الجلسة لبدء نظر القضية، أن أحد المتهمين يقفز أعلى المقاعد المخصصة لهم داخل القفص ويتنقل بينها، رغم إعلان الحاجب دخول المحكمة فاستدعته المحكمة من داخل القفص، وسألته عن اسمه فأجاب: "اسمى عندك، وحسبى الله ونعم الوكيل فيك، وأسأل الله أن يخسف بكم الأرض يا مجرمين، إن شاء الله لن تفلحوا فى الدنيا والآخرة"، ثم قذف حذائه تجاه المنصة، وتبين أنه المتهم "عمار الشحات السيد إبراهيم سبحة - المتهم الثالث"، وحال عودته لمحبسه، التف حوله باقي المتهمين وقبلوه مباركين تصرفه ومؤيدين له.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها: "إن وقائع الدعوى، حسبما استقرت فى يقين المحكمة، واطمأن إليها وجدانها، مستخلصة من مطالعة الأوراق وما دار بجلسة المحاكمة رقم (2847) لسنة (2014) جنايات قسم 15 مايو والمقيدة برقم (2870) لسنة (2014) كلي جنوب القاهرة، واعتبرت أن هذا التصرف يمثل تحقيرًا وازدراءً لها، وعملًا بحقها المقرر بمقتضى المادة (244) من قانون الإجراءات الجنائية، أمرت بتحريك الدعوى الجنائية قِبلهم، ووجهت لهم تهمة إهانة المحكمة المؤثمة بالمواد (133/2، 171/4، 186) من قانون العقوبات لإهانتهم محكمة قضائية أثناء انعقاد الجلسة العلنية، ولإخلالهم بمقام وهيبة المحكمة".
ومن جانبها طالبت النيابة العامة هيئة المحكمة بتطبيق أقصى العقوبة على المتهمين، كما رفض الدفاع الحاضر مع المتهمين في القضية الأصلية الحضور معهم فى واقعة "إهانة المحكمة"، وحيث إن "المادة (244/1) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه (إذا وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة، يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال، وتحكم فيها بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم)".
وتابعت هيئة المحكمة حيثيات الحكم: "مفاد ذلك أن المشرع أعطى للمحكمة الجنائية حقًا في تحريك الدعوى الجنائية عن الجنح والمخالفات التي تقع في جلساتها، بالإضافة إلى حق الحكم فيها أيضًا، والمحكمة هنا تجمع بين سلطتي الاتهام والحكم بالنسبة لهذه الجرائم، وكانت الحِكمة من تقرير هذا الاستثناء في الجمع بين سلطة الاتهام وسلطة الحكم، هي حرص المشرع على الحفاظ على هيبة المحكمة، واحترامها في نفوس الأفراد ضمانًا لحسن سير العدالة عمومًا، فمما لا شك فيه أن ارتكاب جريمة أثناء انعقاد الجلسة فيه امتهان لحرمة القضاء، والتي قرر المشرع حمايتها فى هذه الحالة حتى ولو كان ذلك على حساب ضمانات الحرية الضرورية للمتهم، والتي وضعها المشرع في اعتباره عند الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة، ومن أجل ذلك نجد أن المشرع خوَّل المحكمة هذه السلطة في رفع الدعوى، والحكم فيها حتى ولو كانت الدعوى مقيدة بقيد خاص بشكوى أو بطلب".
وأضافت هيئة المحكمة، أن كل ما تطلبه المشرع لاستخدام هذا الحق شرطين: "الشرط الأول: أن تكون الجريمة التي وقعت مخالفة أو جنحة، ولا تدخل في اختصاص محكمة خاصة أو محكمة أعلى، وقد أخرج المشرع جرائم الجنايات، التي تقع في الجلسات من أحوال رفع الدعوى من المحكمة، والشرط الثاني: أن تكون الجريمة قد وقعت أثناء انعقاد الجلسة، والجلسة تحدد بالزمان والمكان، الذي تنعقد فيه المحكمة لمباشرة إجراءات الدعوى المطروحة عليها".
وواصلت المحكمة حيثياتها: "بناء على ذلك إذا وقعت مخالفة أو جنحة أثناء انعقاد الجلسة، فإن المحكمة توجه الاتهام مباشرة للمتهم في الحال، وتستمع إلى أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم، وبعد ذلك تحكم فيها فى الجلسة ذاتها أو في جلسة تالية، ولا يحول ذلك دون حق المحكمة في الاستمرار في نظر الدعوى الأصلية، ذلك أن حقها في إقامة دعوى إهانة المحكمة والحكم فيها وفقًا لنص المادة (244/1) من قانون الإجراءات الجنائية، إنما هو حق منحه المشرع استثناءً للمحكمة في باب حفظ النظام في الجلسة، ومن ثم فإن استخدام هذا الحق لا يجعل من المحكمة خصمًا للمتهم في خصومة قضائية بالمفهوم الوارد فى نص المادة (247) من قانون الإجراءات الجنائية".
واستقرت أحكام القضاء على أنه إذا كانت الدعوى العمومية رفعت على المتهم لإهانته رئيس المحكمة أثناء قيام دعوى مطروحة عليها، فإن قيام دعوى الإهانة المذكورة لا تعتبر حينئذ مانعًا من سماع الدعوى أو سببًا من أسباب عدم الصلاحية، ولا يكون ثمة سبيل لمنعه من نظر الدعوى إلا طريق الرد إذا ما توافرت أسبابه.
وأشارت المحكمة في حيثياتها إلى أنه لما كان من المقرر إعمالًا لنص المادة "133/2" من قانون العقوبات، فجريمة إهانة هيئة محكمة قضائية هي صورة خاصة من صور إهانة ذوى الصفة العامة، التي تحدثت عنها المادة "133/2" من قانون العقوبات، وهى أن تقع الإهانة على محكمة قضائية أثناء انعقاد الجلسة، بحيث إذا وقعت في زمن آخر، تفقد صفة الجريمة موضوع الحديث، ولذا تقوم تلك الخصوصية على عنصرين: "الأول: صفة خاصة بالمجنى عليه هي أن المجني عليه محكمة قضائية، والثاني: زمن معين تقع فيه الإهانة هو زمن وجود الجلسة منعقدة".
وتابعت: "هذا ولم يُعرف القانون الإهانة وعرفتها أحكام القضاء بأنها (هي كل قول أو فعل بحكم العرف فيه ازدراء وحطًا من الكرامة فى أعين الناس، وإن لم يشمل قذفًا أو سبًا أو افتراء، والإهانة أمرًا نسبيًا يتغير تبعًا للظروف والملابسات".
وواصلت المحكمة في نص حيثياتها: "لما كان ذلك، وكان الثابت للمحكمة أن المتهمين سالفي الذكر حال مثولهم في جلسة علنية بتاريخ (16/10/2016) لمحاكمتهم في القضية رقم (2847) لسنة (2014 - جنايات قسم 15 مايو)، والمقيدة برقم (2870) لسنة (2014 - كلي جنوب القاهرة)، وحال دخول المحكمة قاعة الجلسة لبدء نظر القضية، لاحظت أن أحدهم يقفز على المقاعد المخصصة لهم داخل القفص رغم إعلان الحاجب دخول المحكمة، وانعقدت الجلسة لنظر الدعوى واستدعته المحكمة من داخل القفص وسألته عن اسمه فقرر: "اسمي عندك، وحسبي الله ونعم الوكيل فيك، واسأل الله أن يخسف بكم الأرض يا مجرمين، إن شاء الله لن تفلحوا في الدنيا والآخرة"، ثم قذف حذائه تجاه المنصة، وتبين أنه المتهم (عمار الشحات السيد إبراهيم سبحة - الثالث)، وحال عودته لمحبسه التف حوله باقي المتهمين وقبلوه مما ينم عن تأييدهم لتصرفه واستحسانهم له، فإن هذه الأفعال منهم قدرتها المحكمة – بما لها من سلطة تقديرية في هذا الشأن- بأنه يمثل إهانة لهيئة المحكمة، وقد توافرت بذلك أركان الجريمة المنصوص عليها بالمادة (133/2) من قانون العقوبات، إذ أن الفعل الذى وقعت به الإهانة على هيئة المحكمة تم حال انعقادها بالجلسة العلنية، وتوفر به الركن المادي للجريمة".
وأضافت: "كما توافر القصد الجنائي بتعمد المتهم الثالث ارتكاب الأفعال وتوجيه الألفاظ سالفة البيان، وحال عودته لمحبسه التف حوله باقي المتهمين وقبلوه مهنئين له، واعتبرت المحكمة هذه الأفعال والتصرفات الصادرة منهم احتقارًا وازدراء لها، فضلًا عن أن هذا الفعل منهم يشكل أيضًا جريمة الإخلال بمقام القاضي وهيبته، والتقليل من منزلته أثناء نظر دعوى قائمة علنًا، بحيث استطاع رؤيتهم كل من كان حاضرًا بالجلسة، وهو الأمر المؤثم بالمادتين (171/4، 186) من قانون العقوبات".
وشرحت هيئة الحكمة في حيثيات حكمها، تطبيق العود، والذي يعتبر حالة خاصة بالجاني، الذي يرتكب جريمة بعد سبق الحكم عليه نهائيًا فى جريمة أخرى، وهو يعرف بأنه "معاودة سقوط الشخص فى وهدة الإجرام بعد الحكم عليه نهائيًا، ويشترط لاعتبار المتهم عائدًا بمقتضى القواعد العامة الواردة فى المادة (49/ثانياً) من قانون العقوبات، أن يكون سبق الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية لمدة سنة على الأقل، ثم عاد وارتكب جنحة أخرى قبل مضي خمس سنوات من تاريخ انقضاء العقوبة أو من تاريخ سقوطها، وفى هذه الحالة يجوز للقاضي، طبقًا لما تقضى به المادة (50) من ذات القانون، أن يحكم بأكثر من الحد الاقصى المقرر قانونًا للجريمة بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد، وعلى الرغم من أن التشديد جوازي للقاضي إلا أنه متعلق بالنظام العام، ويترتب على ذلك أن للقاضي أن يحكم بالعقوبة المشددة من تلقاء نفسه، ولو لم تطلب ذلك النيابة العامة".
وتابعت: "لما كان ذلك، وكان الثابت من الإطلاع على الشهادة في الجنحة رقم (8393) لسنة (2015 - التجمع الأول)، أنه بتاريخ (22/10/2015)، سبق وأن حُكم على المتهمين من الأول حتى الثامن عشر بالحبس لمدة سنة مع الشغل، كما ثبت من الإطلاع على الشهادة فى الجنحة رقم (8192) لسنة (2016 - التجمع الأول) أنه بتاريخ (27/6/2016)، سبق الحكم على المتهمين الحاضرين جميعًا (عدا المتهم التاسع عشر) بالحبس لمدة سنتين مع الشغل، ولمدة سنة واحدة للمتهم التاسع عشر، وأصبح الحُكمان نهائيين الأمر الذي تحققت معه أركان الجريمة المؤثمة بالمادة (50) من قانون العقوبات".
ووفقًا لما تقدم يكون قد ثبت يقينًا للمحكمة أن المتهمين سالفي الذكر، فى يوم "16/10/2016" حال انعقاد الجلسة العلنية لنظر الدعوى "2847" لسنة "2014 - جنايات قسم 15 مايو"، والمقيدة برقم "2870" لسنة "2014 - كلي جنوب القاهرة" ضدهم، أهانوا بالقول والفعل محكمة قضائية، بأن تفوه المتهم "عمار الشحات السيد إبراهيم سبحة - المتهم الثالث" بعبارات سب، وأتى باقي المتهمين بأفعال تشكل احتقارًا وازدراء لها، و أخلوا بمقام وهيبة قضاة دائرة محكمة الجنايات، الأمر الذي يتعين معه إدانتهم عملًا بالمادة "304" من قانون الإجراءات الجنائية ومعاقبتهم بالمواد "133/2، و171/4، و186" من قانون العقوبات، وحيث إن المتهمين عائدون وسبق الحكم عليهم بالحبس لمدة سنة مع الشغل بالحكم الصادر في الجنحة رقم "8393" لسنة "2015 - جنح التجمع الأول"، و لمدة سنتين مع الشغل في الجنحة رقم "9192" لسنة "2016 - التجمع الأول" للمتهمين جميعًا "عدا التاسع عشر"، ولمدة سنة مع الشغل للمتهم التاسع عشر، وأن الحكمين نهائيين، ومن ثم فقد توافرت في حقهم شروط تطبيق العود، ويجوز معاقبتهم بضعف الحد الأقصى المقرر للجريمة عملًا بالمادتين "49، و50" من قانون العقوبات.
وتابعت المحكمة: "أن ما أتاه المتهمون هو فعل إجرامي كوَّن جريمتين، ومن ثم فإن المحكمة تحكم بعقوبة الجريمة ذات الوصف الأشد، وهي الجريمة المؤثمة بالمادة (133/2 - عقوبات) عملًا بنص المادة (32/1) من ذات القانون، كما أن المحكمة تلزم المتهمين بالمصاريف الجنائية، عملًا بالمادة (313) من قانون الإجراءات الجنائية".
وأنهت المحكمة حيثياتها بمنطوق الحكم، "لهذه الأسباب، حكمت المحكمة حضوريًا بمعاقبة كل من المتهمين السيد السيد عطا محمد مرسي، ومديح رمضان حسن علاء الدين، وعمار الشحات محمد السيد إبراهيم سبحة، وطلبة مرسي طلبة مرسي، ومحمد إبراهيم صادق علي وكنيته (أبو الفرج شهاب الدين)، وتامر محمود حسن الحمراوي، ومحمد عبد الرحمن جاد محمد، وعمرو جميل محمد نصر، ومالك أنس محمد سليمان بدوي المكني (أبو أنس)، ومحمد يحيى الشحات بيومي، وشهرته (النن")، ومحمد السيد عبد العزيز محمد مطاوع، واسمه الحركي (عمر)، وعبدالقادر حسن عبدالقادر طه، ومحمد عنتر هلال غندور سليمان، ومحمد أحمد توفيق حسن، وياسر محمد أحمد محمد خضير، والشحات محمد السيد إبراهيم سبحة، وسعيد عبد الرحمن جاد محمد، وشهرته (سيد)، وعبدالرحمن هليل محمد عبدالله، وهاني صلاح أحمد فؤاد بدر، وشهرته (هاني السلفي)، بالحبس مع الشغل لمدة سنتين، عما أسند إليهم، وألزمتهم بالمصروفات الجنائية ".