الشرقية: خلايا لنشر التكفير وتصدير الشباب إلى «داعش سوريا»
نشأ خالد مغاورى فى هذا الشارع قبل انضمامه لتنظيم «داعش»
اتخذت جماعة الإخوان الإرهابية من المناطق الصحراوية فى محافظة الشرقية، خاصة مركز بلبيس، مركزاً لتدريب عناصر الجماعة على حمل السلاح، كما لجأت عناصر الجماعة إلى المزارع الصحراوية بذات المركز، للاختباء، وتخزين الأسلحة والمواد الكيميائية المستخدمة فى العبوات الناسفة، إبان ثورة 30 يونيو عقب عزل مرسى، وسبق لجهاز الشرطة أن ضبط العديد من تلك البؤر بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، ونظراً لقرب محافظة الشرقية من سيناء، انتشرت الجماعات الإسلامية فى معظم ربوع المحافظة، وأنتجت قيادات خططت لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الدولة واستهدفت رجال الجيش والشرطة.
عقب ثورة 30 يونيو أطاحت الأجهزة الأمنية بمحافظة الشرقية بالعديد من العناصر الإرهابية التى نشطت بعد ثورة 25 يناير وبدأوا فى نشر أفكارهم التكفيرية وتبين ارتباطهم بالعديد من التنظيمات الإرهابية، وكان من أبرز تلك العناصر الإرهابى خالد مغاورى، الذى أسس أول خلية لنشر الفكر التكفيرى بمركز منيا القمح، وعمل على استقطاب الشباب لتسفيرهم لسوريا للانضمام لتنظيم داعش الإرهابى، وعمارأبو سبحة، ابن قرية المطاوعة التابعة لمركز ههيا، الذى ورث الأفكار المتشددة عن والده وخطط لاستهداف رجال الجيش والشرطة وضبط وشقيقه بعد تبادلهما إطلاق الأعيرة النارية مع الشرطة.
الجماعة الإرهابية تتخذ من المناطق الصحراوية مراكز لتدريب عناصرها على حمل السلاح ومن «المزارع» أوكاراً للاختباء وتخزين الأسلحة ومواد تصنيع العبوات الناسفة
فى مدينة منيا القمح برز اسم خالد مغاورى، كأول مؤسس خلية إرهابية على اتصال بداعش، حيث عمل على استقطاب عدد من شباب المدينة وإقناعهم بالفكر التكفيرى وترغيبهم فى السفر لسوريا للتدريب على الأعمال الإرهابية ومن ثم العودة لمصر لاستهداف رجال الجيش والشرطة والأقباط.
داخل شارع رئيسى بمنيا القمح يحيطه من الجانبين عدد من المنازل مقابل مدرسة ابتدائية، يقع منزل مغاورى الذى نشأ فى أسرة متوسطة الحال مع شقيقه وشقيقته ووالدته وخاله المعاق، بعد انشغال الأب بعمله فى مدينة الزقازيق، وروى أحد أهالى المنطقة تفاصيل سيرته الذاتية قائلاً: «المنزل الذى يسكن فيه خالد مغاورى هو ملك الأم ورثاً عن أبيها وكان الأب يتردد عليهم نحو ثلاثة أو أربعة أيام فى الأسبوع، والأم هى من تحملت مسئولية تربية الأبناء ولم يعرف عنهم التشدد، فوالده صاحب فرن بمدينة الزقازيق وشقيقه سامح الذى يصغره بنحو عامين إنسان عادى وليس لديه ميول سياسية وحتى خالد نفسه لم نكن نتوقع أنه ضمن العناصر الإرهابية حتى ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليه أول مرة عام 1997 ومكث بالمعتقل عدة سنوات حتى عام 2005 ثم خرج وألقى القبض عليه مرة أخرى بتهمة الاشتراك فى تفجيرات حى الحسين عام 2009 التى أسفرت عن مقتل سائحة فرنسية وإصابة 14 آخرين، ثم خرج من السجن فى أعقاب ثورة 25 يناير ثم تم ضبطه مرة أخرى فى عام 2014»، وأوضح أنه خلال فترة سجنه فى المرة الأولى أصيبت والدته بجلطة وتوفيت إثر تعرضها لأزمات صحية متتالية عقب القبض عليه، وبعد خروجه من السجن كان يعيش بالمنزل بصحبة شقيقته وشقيقه وزوج شقيقته الذى كان يعمل مهندساً وتربطه به علاقه جيدة، لافتاً إلى أنه يتردد بين الأهالى حالياً أن زوج شقيقة مغاورى سافر لسوريا منذ فترة، وكشف «ش. ع»، من سكان المنطقة، أن خالد خلال المرحلة الإعدادية كان مرتبطاً بأحد الشيوخ المتشددين، وعندما بدأ فى تكوين أفراد الخلية كان يستقطب الشباب الذين يصغرونه بنحو ثلاثة أو 4 أعوام، وبعد ثورة 25 يناير كانوا معروفين أنهم أصدقاؤه، نظراً لكثرة ترددهم على مسكنه، لافتاً إلى أنه كان يستقطبهم بدعوى فهم الدين الصحيح والجهاد وحصولهم على الكثير من المال مقابل نجاحهم فى هذا الجهاد المزعوم، وأوضح أن من بين الشباب الذين ساعدهم على السفر للانضمام للعصابات المسلحة فى سوريا شاب يدعى «أ. أ»، مواليد عام 1985 سافر منذ نحو 4 سنوات وتزوج فى سوريا وأنجب ثلاثة أطفال لقوا مصرعهم مؤخراً خلال العمليات القتالية، مضيفاً «هناك نحو 5 أشخاص آخرين كان يحاول خالد استقطابهم قبل فترة من إلقاء القبض عليه وبعد ضبطه أعلنوا عدم اقتناعهم بأفكاره والتزموا بالاعتدال وتركتهم الشرطة بعد تأكدها من عدم تورطهم فى أية أنشطة إرهابية».
أحد مشايخ السلفية، رفض ذكر اسمه، أكد أن خالد اعتنق الفكر التكفيرى على يد متشددين من مركز منيا القمح، وبعضهم ألقى القبض عليه، وآخرون غادروا مصر بعد أن حكمت عليه محكمة جنايات الزقازيق، و12 آخرين بالإعدام شنقاً، عقب تصديق مفتى الجمهورية على الحكم، لإدانتهم بالإرهاب والانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش»، والتواصل مع قياداتها خارج البلاد.
«عمار أبوسبحة» ورث التشدد عن والده الإرهابى وخطط لاستهداف الجيش والشرطة بعد ثورة يناير.. و«مغاورى» استقطب الشباب لتدريبهم على الأعمال القتالية
«عمار أبوسبحة»، 21 عاماً، طالب جامعى، نشأ فى أسرة متشددة فكرياً ودينياً بقرية المطاوعة التابعة لمركز ههيا، تشبع بأفكار والده الذى كان يعمل محامياً وتورط فى عدد من القضايا المتعلقة بالأمن القومى المصرى، وعُرف عن الأب وأنجاله انزواؤهم بعيداً عن جيرانهم الذين اعتبروهم من الكفار، ولم يكن بينهم وبين أهالى القرية أية علاقات، وانعكس تشددهم على أبنائهم وزوجاتهم، حيث روت «ف. م»، 52 عاماً، ربة منزل من أهالى القرية، أن زوجة عمار اعتادت على ارتداء النقاب وكان تشددها ينعكس فى تعاملاتها اليومية، فكانت ترفض ذبح الدواجن لدى المحل التجارى بدعوى أن طريقة ذبحهم ليست حلالاً، منوهة بأنها كانت تردد أنها تذبح على الطريقة الإسلامية، وتابعت قائلة: «الشحات الأب كان بيشتغل محامى وإمام مسجد بجوار منزلهم وكانت كل خطبه متشددة وعنيفة وبيكفر الناس، فالمصلين عزفوا عن التوجه للمسجد ولم يتردد عليه سوى عدد من أتباعه يطلقون اللحى وألقى القبض عليه أكثر من مرة حتى تم ضبطه لتورطه فى قضية إرهابية مع المتهم المعدوم عادل حبارة ولم يخرج حتى الآن، أما عمار الابن الأكبر، ماكناش بنشوفه كتير وأبوه جوزه وهو لسه مخلصش دراسة وعمله محل منظفات، والوقت الذى كان يوجد فيه بالقرية كان قليل الحديث مع الأهالى ويقتصر الأمر على العبارات العادية، بمعنى إنه لم يتطرق للدين رغم أنه عرف عنه تشدده مثل والده، وبعد القبض على الأب ونجليه لم يتبق بالمنزل حالياً سوى زوجات الأب الثلاث وزوجة الابن الأول وأطفالهم، وهم حالياً ليس لهم علاقة بأى شخص ويتردد عليهم فقط سيدات مرتديات النقاب بين الحين والآخر».
«أ. س. ح»، 45 عاماً، من أهالى القرية، نفى أن تكون القرية مفرخة للإرهابيين كما يتردد، مؤكداً أنها تضم كافة الفئات العمرية، ويسكنها المهندس والدكتور والمدرس والعامل والفلاح، ولا يمكن قياس تشدد الشحات وأولاده على باقى أهل القرية، فالمسألة مجرد استعداد ذهنى لتقبل أفكار بعينها، مشدداً على أن معظم أبناء القرية شاركوا فى الثورة على الإخوان، خاصة بعد اغتيال على أمين، مخبر بأمن الدولة بقطاع أبوكبير حيث استهدفوه أثناء عودته من عمله وقتلوه بعدة رصاصات.
وقال مصدر أمنى بمديرية أمن الشرقية إن عمار أبوسبحة وشقيقه سلمان، 19 عاماً، انخرطا فى خلية إرهابية كانت تتولى التخطيط واستهداف رجال الجيش والشرطة بدائرة المحافظة وتبين وجود علاقة مع إرهابيين تورطوا فى قتل عدد من أفراد الشرطة وضابط بقطاع الأمن الوطنى بالزقازيق، وكان لا بد من ضبط المتهمين بعد ضبط والدهما الإرهابى، وأثناء توجه القوات لمحل سكنهما تبادلا إطلاق الأعيرة النارية مع القوة وأصابا أحد المشاركين من رجال الشرطة بطلق نارى، وتم ضبطهما وإحالتهما للنيابة العامة التى تولت التحقيق بالتنسيق مع نيابة الأمن الوطنى وتمت إحالتهما لمحكمة جنايات الزقازيق وقضت بحبسهما بالمؤبد 25 عاماً.