برغم كل ما حدث وكل ما يحدث حتى الآن حولنا من ظروف وتحديات ومصاعب بكل أسف.. فإن مصر ما زالت قادرة على مواصلة إضاءة شموع الأمل، لتنير بها عتمة كل ظلام أراده بها الكارهون لها، ونشروه فى ربوعها، فى ظل أوهامهم الخبيثة باستعادة السيطرة على الوطن مرة أخرى. وبلا أدنى مبالغة أو تحيز نستطيع الجزم بأن مصر هى الدولة الوحيدة تقريباً التى تتعامل مع الإرهاب وتكافحه بشكل يخلو تماماً من الازدواجية أو التناقض فى المعايير، فالمتتبع لخطابها الرسمى يلاحظ جيداً أنه لم يتغير ولم يتبدل منذ تصاعد حدة الإرهاب وانتشاره إلى الآن، وأقولها واليقين يكاد يملأنى بأن بلادى حفظها الله تخوض حربها ضد الإرهاب الغاشم بمنتهى الشرف والعزيمة والحسم. كما أن بلادى لم يحدث أن تدخلت يوماً فى شئون دول أخرى من أعدائها أو لجأت كذلك إلى تبنى أساليب حقيرة مثل التى يستخدمها خصومها الذين لم يكفوا عن إيذاء مؤسساتها ويستهدفون أبناء شعبها، وهؤلاء الزاعمون فى الوقت ذاته أنهم يحاربون الإرهاب فى حين أنهم يحتضنون عناصره ويقدمون لهم الدعم المادى والغطاء السياسى، فى مشهد من الازدواجية المفرطة والمستفزة، تتصدره بكل وضوح دول كبرى وإقليمية وعربية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وقطر وغيرها.
وبناء وتأكيداً على ما سبق.. وإيماناً بالحكمة القائلة إن «الضعفاء هم من يقلقون، والحكماء هم من يستعدون ويخططون»، وانطلاقاً أيضاً من أن الإرهاب اللعين هو العائق الأكبر والأخطر أمام تنفيذ العديد من المشروعات والخطط التنموية، فقد قامت قيادتنا الوطنية برئاسة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بإعلان العملية الشاملة «سيناء ٢٠١٨» التى انطلقت فجر يوم الجمعة قبل الماضى بالتعاون ما بين رجالنا الأبطال من القوات المسلحة والشرطة المصرية، تلك العملية التى كان يترقبها المصريون بصبر لإظهار العين الحمراء والرد على كل من تربص ويتربص بأمن مصر وأمان أبنائها، ولعلى أرى أن ما تقوم به قواتنا الآن فى سيناء له مدلولاته العديدة على المستوى الداخلى والخارجى وهو ما سنتحدث عنه لاحقاً بإذن الله، ولكن ربما يكون من ضمن أهم تلك المدلولات أن العملية «سيناء ٢٠١٨» إنما تعد دليلاً على صحة التوجه الاستراتيجى منذ إزاحة الغمة المتمثلة فى سيطرة اليمين المتطرف الفاشى، وذلك بعد الموجة الثانية من الثورة فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣. وحتى لا أكرر حديثاً تم تداوله خلال الأيام السابقة كانت قد تناولته بالتغطية والتحليل العديد من أقلامنا الحرة الوطنية حول أهداف العملية «سيناء ٢٠١٨» وتقييمها والخوض فى بعض تفاصيلها بشكل ما، إلا أن ما يعنينى هنا أكثر ويلح علىّ هو حالة الصمت التى تبدو غريبة وعجيبة بالنسبة لى من قبل قطاع ليس بالقليل أبداً ممن يكتفون بالمشاهدة أو المتابعة أو القراءة وكأن هذه الحرب الدائرة فى سيناء لا تعنيهم!، فى حين أنه وفى واقع الأمر كل ما يحدث حالياً من حرب شاملة على الإرهاب يمس ويخص كل أسرة مصرية بل كل فرد سواء كان فى الريف أو فى الحضر، فالأمر يتعلق بما يقرب من ١٠٠ مليون مواطن أثبت غالبيتهم قدرة غير طبيعية على الصمود ومواجهة تحديات جسام تتعلق بممارسة حياتهم اليومية العادية ومتطلباتهم خلال السنوات الأخيرة، ولعل هذا الصمود الذى دعانى لطرح التساؤل: لماذا يخيم مثل هذا الصمت الآن؟!. ويبدو لى أن الكثير من المواطنين البسطاء لا يزالون غير مدركين تحديداً طبيعة الأخطار التى يواجهها الوطن بسبب الإرهاب، كما أعتقد أيضاً أن الكثيرين ما زالوا يختزلون فكرة الإرهاب فى بعض العمليات الفردية التى يقوم بها بعض المتطرفين من الداخل أو الخارج ضد البشر والمنشآت، وربما كان السبب الأكثر استغراباً أو غير المنطقى بحال من الأحوال أيضاً هو أن هناك من يتصورون أنهم بمعزل عن خطر الإرهاب، وأن مصاعب حياتهم اليومية هى الأهم من جهة، ومن جهة أخرى لا علاقة لها بمعركة مكافحة الإرهاب، فى حين أنها معركة واحدة وليست معركتين، لذا فقد رأيت أنه من واجبى الوطنى الآن أن أحمل سلاحى (قلمى) وأسطر تلك الكلمات حول ضرورة التأكيد والتنبيه على عدة نقاط يجب إضاءتها الآن، وهى موضوع حديثنا فى المقال المقبل بإذن الله.