انقطع التيار الكهربائى أمس! وبالتأكيد سيصاحبك فى مثل هذه الحالة شعور رائع جداً -من باب السخرية طبعاً- فكلُّنا نعلمُ ماذا يعنى ذلك، وبخاصة فى شهر مثل أغسطس وفى مصر، ولكنه عاوَدَ بعد مدَّةٍ -لا أدرى- ربما تراوحت بين خمس وسبع دقائق. و«رجع النور من تانى» مثلما قالت لى ابنتى «نورين».
واستدعت ذاكرتى مرغمة بكل أسف ذكريات تعود لعام 2014م، فى فصل الصيف وفى شهر رمضان الكريم، عندما كان ينقطع التيار الكهربائى وقت الإفطار علينا جميعاً فى عز الحَرِّ لمدة قد تصل إلى ثلاث ساعات متصلة على أفضل التقديرات وعشر ساعات فى أَسْوَئِها، وأتذكر جيداً مشاعر الإحباط واليأس والعجز التى كانت تسيطر على إحساسى طوال تلك الأوقات الظلامية المظلمة.
ولذا شكرت الله بعد عودة التيار الكهربائى، فالكهرباء حقاً أصبحت من النعم التى تحيط بنا -إن جاز التعبير- وأتذكر أنى كنت قد قرأت كلمة شهيرة للزعيم الشيوعى (لينين) قال فيها: «الشيوعية هى كهربة الاتحاد».
وبعيداً عن تلك الأيديولوجية، فقد كان ذلك إشارة منه إلى أن بناء الدولة القوية فى الاتحاد السوفيتى حينها يعنى بناء القوة الاقتصادية والصناعية، تلك القوة التى باتت تعتمد بشكل كبير على الطاقة الكهربائية.
ومن المعلوم أنه من أهم وسائل جذب الاستثمارات والمستثمرين إلى أى بلد فى العالم توافر الطاقة ثم شبكات الطرق والنقل -وربما سنتحدث عن الإنجازات التى قامت بها مصر فى مشروعات الطرق لاحقاً- ولكنى توقفت اليوم عند مجال الطاقة، وخاصة ما تم إنجازه الفترة الماضية فيما يخص مشروعات الكهرباء، والتى لا يختلف أىٌّ مِنَّا على أنه تم إنجازها فى وقت قياسى، وذلك بحسب جميع المعايير الدولية، وأيضاً بتكلفة تقل عن تكلفتها الحقيقية.
فلو عُدْنا للوراء قليلاً إلى عام 2014م تحديداً، سنتذكر أن أقصى طموحنا فى هذا العام المظلم كان الوصول إلى إيجاد حل عملى ناجز فى سنوات قليلة، قدَّرها الخبراء حينها بثلاث سنوات على الأقل لإنشاء وبناء محطات جديدة والعمل على تجديد وتطوير ورفع كفاءة المحطات الكهربائية القائمة بالفعل، ولكن ما حدث كان إنجازاً وإنجازاً عظيماً؛ فبعد عام واحد، أى فى صيف 2015م، شعرنا جميعاً بالفرق الكبير؛ حيث حقَّقت مصر طفرة حقيقية وغير مسبوقة عبر تاريخها بالكامل فى مجال إنتاج الطاقة الكهربائية.
وربما ترجع أهمية ذلك أكثر إلى أمرين -وكأننا ضربنا عصفورين بحجر واحد- فالمحطات التى تم افتتاحها تستخدم الطاقة النظيفة بالاختلاف عن المحطات القديمة التى كانت تعمل بالسولار أو المازوت أو الفحم، أما الآن فهى تستخدم الغاز الطبيعى، الذى أصبح متوفراً لدينا الآن بكميات معقولة وباحتياطيات مبشرة أيضاً.
وفى الأيام القليلة الماضية تحديداً قامت مصر بافتتاح محطات توليد الكهرباء الثلاث، فى كل من العاصمة الإدارية الجديدة، والبرلس، وبنى سويف، ونلاحظ معاً التوزيع الجغرافى لتلك المحطات الذى يغطى شمال البلاد وجنوبها (صعيدها)، وتُقَدَّر الطاقة الإنتاجية لتلك المحطات بنحو 14400 جيجاوات، أى ما يقارب نصف طاقة الكهرباء المنتجة حالياً.
ونستكمل حديثنا الأسبوع المقبل بإذن الله.