«تسونامى البطاطس» يضرب الأسواق.. وسعر الكيلو يقفز إلى 13 جنيهاً.. وتوقعات بتراجع الأسعار أواخر نوفمبر
مزارعون أثناء حصاد البطاطس وتعبئتها تجهيزاً لبيعها بالأسواق
فجَّر ارتفاع أسعار البطاطس حالة من الغضب بين المواطنين والتجار على حد سواء فى أسواق الجملة والقطاعى، نظراً لتواصل ارتفاع الأسعار وعدم تراجعها لفترة تجاوزت الشهر تقريباً.. «الوطن» قامت بجولة فى أسواق شبرا الخيمة والدقى، لرصد الظاهرة، فأجمع عدد من البائعين على أن سبب الزيادة وجود كميات قليلة من محصول العام الماضى، وعدم حصد المحصول الجديد، متوقعين تراجع الأسعار الشهر المقبل مع بدء توزيع المحصول الجديد، فيما اتهم خبير زراعى إحدى الشركات الكبرى باحتكار تجارة البطاطس فى مصر.
«الكيلو فى الشيكارة بيقف عليّا بـ11 جنيه ونص»، هكذا بدأت رشا محمد، بائعة خضار فى شبرا الخيمة، حديثها عن ارتفاع سعر البطاطس، مضيفة: «كنت ببيع الكيلو بـ4 جنيه، والـ3 كيلو بـ10 جنيه، واضطريت لرفع السعر بسبب ارتفاع سعرها فى الجملة، لـ11 ونص، فزوّدتها نص جنيه بس، عشان الناس تقدر تشتريها ودلوقتى مفيش فى السوق غير كمية قليلة، عشان كده سعرها زاد مرة واحدة، لكن مش هيستمر كتير، كلها شهر والمحصول الجديد ينزل، وترخص تانى».
خبير زراعى: شركة كبرى تحتكر السوق وتخزّن كميات كبيرة بالثلاجات لرفع السعر.. وتجار جملة: الكميات قليلة وباعة القطاعى: مجبرون على الزيادة.. ومواطنون: هنعمل إيه؟.. و«رشا»: المحصول الجديد هينزل وترخص تانى
«لا حول ولا قوة إلا بالله، حتى البطاطس اتجننت، لسه من أسبوعين جايبة 8 كيلو بـ20 جنيه، أنا هشترى 2 كيلو وخلاص أمشى بيهم حالى، الناس مش هتلاقى حاجة تشتريها».. هكذا تحدثت سعاد إسماعيل، ربة منزل من شبرا الخيمة، بنبرة غضب، عندما دخلت أمام أحد محلات الخضراوات وسألت البائع عن سعر البطاطس فرد عليها: «بـ12 جنيه».
فى أسواق الدقى، لم يختلف الأمر كثيراً حيث سجل السعر 13 جنيهاً للكيلو، بحسب أسماء معوض، 26 عاماً، بائعة خضار فى سوق سليمان جوهر، مؤكدة أنها تقوم بشرائها من سوق الجملة بـ12 جنيهاً، وأضافت: «إحنا اتفاجئنا بالغلاء زينا زى الزباين، بين يوم وليلة لقينا تجار الجملة رفعوا السعر»، وأشارت إلى أن «الزبون اللى كان بيشترى 3 و4 كيلو، بقى ييجى يأخد كيلو بالكتير».
وقالت منى على، 43 عاماً، موظفة بالقطاع الخاص: «مش عارفة الغلاء رايح بينا على فين، البطاطس معروف إنها أساسية فى البيت، ده اليوم إللى ما بيكونش فيه فلوس، الناس بتاكل جبنة وبطاطس محمرة».
تجار الجملة، فى أسواق العبور وأكتوبر، نفوا تسببهم فى رفع الأسعار، وأرجعوا الزيادة إلى قلة المعروض، وعدم نزول المحصول الجديد للأسواق، وقال إيهاب محمد، 31 عاماً، بائع جملة فى سوق العبور، إن الأسعار تتراوح ما بين 8 و9 جنيهات ونصف الجنيه، حسب الجودة، مضيفاً: «مفيش بطاطس فى السوق، اللى موجود كميات قليلة جداً وده اللى رفع السعر والمحصول الجديد سيغزو الأسواق مطلع نوفمبر والزيادة مش هتفضل كتير، والسعر هيرجع زى ما كان».
«الحكاية عرض وطلب، واحنا مالناش ذنب فى الزيادة»، جملة قالها فارس بدوى (47 عاماً)، تاجر جملة بسوق أكتوبر، مضيفاً: «التجار مش هما اللى بيتحكموا فى الزيادة أو النقص، وقت ما بيكون فيه عرض كتير السعر بيقل، لكن لو الطلب كان أكتر، الأسعار بتغلى، والبطاطس حالياً سعرها من 9 لـ10 جنيه، وتختلف حسب الفرز فيه بطاطس نمرة 1 وبطاطس نمرة 2، والأيام دى فاصل موسم ما بين القديم والجديد، وكلها شهر ونصف والدنيا تهدى».
«الزيادة خلتنى أزود سعر السندوتش على الزبون عشان أغطى التكاليف، ودلوقتى أقل حاجة فى البطاطس السايبة بـ5 جنيه، بعد ما كان بـ3، والسندوتش وصل من 3 إلى 4 جنيه»، هكذا علق محمد فتحى (27 عاماً)، على تغيير قوائم أسعار السندوتشات فى مطعمه، بالدقى، بعدما أصبح جملة كيلو البطاطس 10 جنيهات، وأضاف: «كيلو البطاطس كان بـ7 جنيه وربع، بعدها زاد ربع جنيه، لحد ما وصل لـ10 جنيه»، وتابع أنه ظل يبيع بالسعر القديم لمدة أسبوع ولم يستمر فى ذلك طويلاً لأنه كان يخسر.
«البطاطس لازم تزيد الفترة دى لأن العروة الصيفى أغلى نوع فى العروات، لحد ما ندخل على العروة الشتوى ترجع الأسعار تنزل شوية»، بهذه الجملة علق محمد سعد (24 عاماً)، عامل بأحد المطاعم، وتابع: «السندوتش كان بـ2.5، دلوقتى وصل 3 جنيه، وفيه ناس على قد حالها متقدرش تتحمل الزيادة دى لأنى فى منطقة شعبية فباديهم بالسعر القديم، وبعت فترة بالسعر القديم لقيتنى مبلمش حقها ولا حق الصنايعية اللى شغالين فغليت السعر».
من جانبه، فجّر الدكتور محمد على فهيم، الخبير الزراعى، مفاجأة مدوية عندما كشف أن إحدى الشركات الكبرى فى مجال استيراد تقاوى البطاطس وتصديرها لديها حالياً عشرات الآلاف من الأطنان فى الثلاجات، وتتحفظ عليها لاحتكار السوق. وأضاف «فهيم»، لـ«الوطن»، أن تكلفة إنتاج طن البطاطس لا تتعدى 3 آلاف جنيه ويباع بـ10 آلاف، والتجار يحققون مكاسب تصل إلى 7000 جنيه فى الطن، وهناك انخفاض كبير فى الإنتاجية هذا العام بسبب «المناخ المعاند للبطاطس»، مؤكداً أن سعر البطاطس سيرتفع وينخفض، حتى أواخر نوفمبر المقبل.
وتوقع «فهيم» انخفاض إنتاجية العروة النيلية الحالية من البطاطس المزروعة فى المنيا والمنوفية والقليوبية والدقهلية والبحيرة، مطالباً المزارعين فى هذه المناطق بعدم استعجال «التقليع المبكر»، بسبب إغراءات السعر، حتى لا ينخفض الإنتاج ويتدنى المعروض، وتستمر زيادة السعر، وحذر من استغلال مستوردى وتجار تقاوى العروة الصيفية وانتهاز هذه الأجواء لـ«تعطيش سوق التقاوى» فى بداية الموسم المقبل من منتصف نوفمبر وحتى منتصف ديسمبر المقبلين، لزيادة السعر.
من جانبه، قال حسين أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إن ارتفاع أسعار البطاطس يرجع إلى ما حدث للعروة الماضية، حيث تكبد مزارعو البطاطس خسائر كبيرة بعد تراجع سعر البيع، ووصول الطن فى الحقل لـ900 جنيه فقط، ووصول خسائر الفدان إلى 7500 جنيه، بسبب ارتفاع تكاليف الزراعة من أسمدة وبذور وأجور عمالة بعد أن وصلت تكاليف زراعة الفدان إلى 25 ألف جنيه.
وأوضح «أبوصدام» أن هذه الأمور أدت إلى عزوف كثير من مزارعى البطاطس عن زراعتها، وقلت المساحة المزروعة من 600 ألف فدان إلى 400 ألف فدان، ما أدى إلى قلة المعروض وارتفاع الطلب، فزادت الأسعار.