مصر العربية: رئيس الديوان الأردنى السابق: «المحروسة» امتلكت مفهوم «الدولة الأمّة» فتحولت إلى مرجع للعرب
عدنان أبوعودة
يرى المفكر والكاتب الأردنى الدكتور عدنان أبوعودة أن مصر كانت المرجع والقائد للدول العربية كونها كانت لديها مقومات سبقت بها غيرها من الدول.. وإلى نص الحوار:
مصر والعرب.. أيهما كان قلباً للآخر؟
- أولاً «مصر الدولة» كانت موجودة قبل جامعة الدول العربية، مصر كانت فيها الأمة قبل الدول، حيث سبق تشكيل المجتمع فيها أولاً مثل المغرب وعمان، مصر لأسباب تاريخية وثقافية بالمفهوم القديم تحولت إلى مصدر العلم والمعرفة خاصة أنه كان لديها الأزهر الشريف، فأصبحت مصر مرجعاً علمياً ودينياً، ومرجعاً للفن.
د. عدنان أبوعودة: الشعوب العربية تنظر لمصر باعتبارها «القائد» حتى لو لم يصرحوا بذلك
كيف كان التأثير المصرى فى الشخصية العربية ثقافياً؟
- ابتداءً من الأزهر الشريف الذى كان مرجعية دينية ثقافية لكل الدول العربية، كان الذى يأتى مثلاً إلى مصر لدراسة الهندسة أو العلوم كان يدرس فى الأزهر الشريف كذلك، أيضاً الفن المصرى جعل مصر مرجعية فنية للدول العربية، خاصة مع سبق مصر فى اختراع الراديو، فتحولت مصر إلى مرجعية دينية وثقافية وفنية.
وكيف انعكس ذلك على نظرة الشعوب العربية لمصر ومكانتها؟
- بدأت الشعوب العربية تنظر إلى مصر باعتبارها القائد والزعيم للأمة العربية، حتى لو لم يصرحوا بذلك، وهنا أتحدث عن مستوى الشعوب، ومع وجود جامعة الدول العربية تأكد هذا المفهوم، خاصة أن من بين المقومات المهمة لدى مصر هى مفهوم الأمة، مصر عندما تتحدث لا تتحدث كدولة بل كأمة.
ما المرحلة التاريخية التى مثلت النقلة الكبيرة فى رأيك لدعم هذه النظرة إلى مصر؟
- مع انتهاء النظام الملكى فى مصر وقدوم المرحلة الناصرية، أخذت مصر ثقلاً جديداً وهو الثقل القومى العربى، حيث كانت المرجعية العربية، واكتسبت صفة الزعامة، وهنا نقطة مهمة أيضاً لا بد أن يشار لها وهى أن مصر بلد زراعى، بلد السد العالى، لكن الأهم فى هذه الفترة كانت النقلة الصناعية التى قام بها عبدالناصر وبدأت فى مصنع الحديد والصلب، هنا أخذت إسرائيل ذلك على محمل الجد، لأن إسرائيل لم تكن تريد مصر أن تتحول إلى دولة صناعية، لذا كانت حرب 1967 التى أعدت لها إسرائيل جيداً على خلاف ما صورته للعالم بأنها كانت حرب دفاع عن النفس، لأنها أرادت ألا تسمح لمصر بالتحول إلى دولة صناعية، وأن تبقى هكذا دولة زراعية، عبدالناصر كان يريد تحويل مصر إلى دولة صناعية إلى جانب الزارعة.
وهل انعكست هذه الرؤية المصرية على مكانة مصر بين الدول العربية؟
- كانت الشعوب لديها ميل إلى الرؤية المصرية الناصرية فى التعامل مع القطبين، وبقيت مصر على هذه الشاكلة طوال الفترة الناصرية القائدة والزعيمة، لكن الأمور بدأت تتغير نسبياً مع حرب 1967 ومع وفاة جمال عبدالناصر الذى استطاع اجتذاب الشعوب العربية بسبب هذه الرؤية الوسط بين المعسكرين المتصارعين.
ماذا عن المرحلة التى تلت عبدالناصر؟
- ربما تراجع ذلك، لأن العالم العربى كله تمزق، والدول العربية نفسها تعانى التمزقات من الداخل فى الوقت الحاضر، العالم العربى غنى بالهويات الفرعية والإثنيات والطوائف الدينية والمذهبية والقبلية، كل هذه الهويات الفرعية أثرت على الفكر القومى العربى، لأنها نقلت الناس من مرحلة القومية العربية إلى مرحلة الدولة القُطرية، وإلى حد ما حدث تراجع فى مفهوم الأمة والزعامة العربية، مع قدوم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، لأنه صاغ مبدأ «مصر أولاً»، هناك بعض الدول سارت على نفس النهج، لأن مصر لم تعد تتحدث عن فكرة الوحدة العربية والقومية التى كانت تهدد بعض أنظمة هذه الدول، وتأكد فيما بعد هذا عندما بدأت الهويات الفرعية تتصارع داخل القطر الواحد، وافتقد العالم العربى دور الزعامة الذى كانت تقوم به مصر.