محاولات مايك بومبيو بذل أى جهود لإحداث مصالحة خليجية - قطرية سوف تتكسر -فوراً- على صخرة العقلية السياسية المسيطرة على عقلية القرار الأعلى فى الدوحة.
دائماً تريد الدوحة أن تفعل الشىء ونقيضه، وأن تراهن على الطرف الأول الذى يعادى الطرف الثانى «الذى تراهن عليه أيضاً»، وتعتقد أنها إذا أمسكت العصا من كل الاتجاهات فهى قد ضمنت الفوز.
إنها بالضبط مثل ذلك الذى يضع رهانات على كل مربعات «عجلة الروليت» الحمراء والسوداء ورقم «صفر» ذى اللون الأزرق، ويعتقد -لسذاجته- أنه بالتأكيد سوف يفوز! وأنه بالتأكيد سيحقق أرباحاً.
إن موقف الدوحة ومأزقها هو ذات الموقف الذى وضع رجب طيب أردوغان نفسه فيه.
الرجل يريد أن يكون نموذجاً للإسلام والليبرالية، يريد أن يكون زعيماً فى الداخل وفى المنطقة وفى العالم، دون أن يخسر أحداً أو يدفع الثمن.
الرجل يريد اعتقال أكثر من 170 ألف شخص تركى، ويعطى البشرية، ويلقن المنطقة والعالم دروساً فى حقوق الإنسان واحترام الحريات.
الرجل يريد أن يفتح جراح حروب الخلافة العثمانية على مر التاريخ، ويتوعد -فى هذا العصر- سكان أوروبا بالتوابيت وبالقتل وبالموت والدماء على يد «العثمانيين الجدد».
الرجل، كما اتهمه رجل جمهورية التشيك، يرعى «داعش»، وهو المسئول عن تأسيسها فى المنطقة، واليوم يحذرنا من الإرهاب التكفيرى.
الحالة القطرية تكاد تكون متطابقة مع حالة الانفصام السياسى والتناقض التركى، لذلك هناك «تجانس وتفاهم وتناغم» فوق العادة بين الدوحة وأنقرة، لأن كلتيهما تشرب يومياً من ذات البئر المسمومة فكرياً وإنسانياً.
لن تنجح أى مصالحة قطرية مع دول التحالف العربى (السعودية، الإمارات، مصر، البحرين) لسبب واحد بسيط، لأن قطر تريد أن «تلتهم وجبة المصالحة كاملة، وكأن كل شىء على ما يرام، وكأن لا شىء قد حدث، دون أن تدفع الفاتورة السياسية لخطاياها وتقوم بتصحيح ما فعلته من تخريب سياسى وأمنى وفكرى وإعلامى فى المنطقة».
حكام دول التحالف العربى يعلمون علم اليقين خطط قطر وتركيا تجاههم وتجاه بلادهم، خاصة حينما نعود إلى الماضى القريب ونستذكر سلوكهم وتحريضهم وعدائيتهم أثناء أحداث مقتل «خاشقجى».
بعد مقتل «خاشقجى» ملف المصالحة أصبح فى طى النسيان.