من المؤكد أنه لا أحد من الشعب المصرى بكامله راضٍ عن التصاعد التراجيدى لأزمة النظام الحاكم فى قطر مع مصر، ولأننى أحد أفراد هذا الشعب أوجه رسالتى إلى أشقائنا من الشعب القطرى.
فى البداية أتمنى أن يراجع كل منكم موقف مصر -الشقيقة الكبرى- على مدى التاريخ من أشقائها العرب، واسألوا أنفسكم، هل تخلت يوماً عن مسئولياتها القومية تجاه أى بلد عربى من المحيط إلى الخليج؟ وهل لدى أحدكم على مصر مأخذ واحد يشتم فيه رائحة التآمر على دولته؟، ثم اسألوا أنفسكم وبإلحاح.. لماذا يكن لنا أميركم كل هذا العداء؟ وهل يتفق موقفه هذا مع أبجديات التاريخ، أو قواعد الجغرافيا، أو حتى مع ما نرفعه من شعارات تشير إلى العروبة واللغة الواحدة والمصير المشترك؟.
الإخوة الأعزاء..
النظام الحاكم لديكم فى عدائه لمصر يرتكب أخطاء فادحة لو كانت بلا وعى، وتصل إلى حد الكارثة لو كانت عن وعى تام، ومخطط لها سلفاً.
ألا يمكن أن يخرج من بينكم ناصح أمين يطالب أميركم بضرورة مراعاة مصلحة دولتكم الاستراتيجية؟
هل لديكم من يحذره من مخاطر تكوين صورة ذهنية عن قطر كراعية للإرهاب وداعمة له بالمال والسلاح؟
المؤكد أن تعاطى أميركم مع الأزمة يدمر تماماً علاقات قطر ليس مع مصر فقط، ولكن مع بقية دول مجلس التعاون الخليجى، وإعلامكم يتفوق على نفسه فى قطع كل خيط يمكن أن يبقى شاهداً على إمكانية عودة قطر إلى حاضنتها الخليجية الطبيعية، وهو أمر يتنافى تماماً مع مصالح الشعب القطرى الذى لا يمكن أن يعيش طويلاً تحت مظلة الحماية التركية أو حتى الأمريكية، كما يصعب عليه قبول الوجود العسكرى التركى والإيرانى المكثف فى شوارع قطر لحماية النظام الحاكم، الذى أوقع نفسه وبلاده فى مأزق بالغ الصعوبة، فذلك النظام بعد أن عمَّق خلافاته مع مصر، وزاد الطين بلة بتناقضاته الحادة مع السعودية ودول الخليج، فتح لإيران بلاده لتمد عبرها نفوذها فى المنطقة رغم إجماع كل المشاركين بلا استثناء فى مؤتمر الرياض قبل نحو عامين على أن طهران هى مصدر كل القلاقل التى يتعرض لها الأمن العربى خاصة فى منطقة الخليج العربى.
ورغم أن رموز النظام الحاكم لديكم لا يكفون فى تصريحاتهم عن ترديد مفردة «السيادة» ورفض ما يزعمون أنه «وصاية» خليجية على قطر، إلا أنهم يرهنون مستقبل الدولة القطرية بأكملها تحت وطأة السيادة الإيرانية، وبات من السهل على طهران ابتلاع قطر بأكملها، وليس شرطاً أن يكون ابتلاعاً جغرافياً بل السيطرة على مجمل الثروة القطرية فى النفط والغاز.
قطر فى ظل النظام الحالى لم تحقق إنجازاً واحداً من مغامراتها سوى تهديد الأمن الوطنى للدول العربية، وباتت أحد أهم مصدرى الموت والدمار لشعوبها، ولم تحقق من وراء تلك السياسات «الخائبة» ما كان يأمله أميركم من الحصول على الهيبة والقوة واحترام المجتمع الدولى له، على العكس شوه سمعته، وتحولت بلادكم على يديه إلى دولة منبوذة يتعامل معها الجميع بحذر وحساب.
أخى القطرى..
أدعوك لتأمل الفارق القيمى والأخلاقى الهائل بين سلوكيات النظام الحاكم لديك، والقيادة المصرية ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى فرض احترام وتقدير بلاده على الأعداء قبل الأصدقاء.
ليس من قبيل الشيفونية أن أذكركم أن مصر عصية على الانكسار، وحارت فى أمرها القوى العظمى فى العالم، وليس متخيلاً أن يستطيع «تميمكم» ترويضها لحساب آخرين.
المؤكد أن الحكام زائلون، والتاريخ كفيل بحسابهم بما لهم أو عليهم، ولكن الشعوب باقية، دمتم لنا إخوة أعزاء، وأبداً لن تتغير مشاعرنا الطيبة تجاهكم ولو أخطأ أميركم.